استضافت الجلسة الختامية لـ«المنتدى الاستراتيجي العربي» كلاً من الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس إدارة «مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية»، والمستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة الدكتور أنور قرقاش، ووزير الخارجية المصري السابق، نبيل فهمي، وأدار الجلسة الصحافي والإعلامي عماد الدين أديب.
وقال الأمير تركي الفيصل: «إذا عدنا إلى فترة حكم شاه إيران في سبعينات القرن الماضي، نرى أن علاقته بصنّاع القرار والمسؤولين الأميركيين، كانت على أساس أنه (شرطي الخليج)، وعلى ذلك مُنح من الإمكانات العسكرية والدبلوماسية ما يخوله القيام بتلك المهمة. وفي المقابل كان هناك توافق أميركي مع إسرائيل، لتكون (شرطي البحر المتوسط)، ومن ثمّ كان هناك تعاون وثيق بين الطرفين، إيران وإسرائيل، إلا أن الثورة الإيرانية بعثرت وخلطت كل الأوراق».
وتابع الفيصل: «مع ذلك، استمر التعاون بين إسرائيل وإيران، حتى بعد الثورة الإيرانية. كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية، كمثال فضيحة (إيران كونترا) أو (إيران غيت). إذاً، لا شك أن هناك تمازجاً بين هذا المثلث (أميركا، إسرائيل، إيران)؛ فإدارة بايدن لاتزال تسعى إلى عقد الاتفاق النووي مع إيران، بغض النظر عن الإضرار بمصالح الدول العربية، وتحديداً دول الخليج».
وقال الأمير تركي الفيصل: «حدثت اتصالات عدة بين السعودية وأميركا، من أجل ما يُسمى التطبيع مع إسرائيل، إلا أن الموقف السعودي الثابت هو أن القضية الفلسطينية تُحلّ أولاً، ثم يتلو ذلك ما يمكن حدوثه من إحلال السلام في المنطقة. ولم تكتف المملكة بذلك، بل دعت وفداً من السلطة الفلسطينية للاجتماع مع المبعوث الأميركي الخاص بهذه المبادرة، فالمملكة لا تتحدث بالنيابة عن الفلسطينيين. كما اشترطت المملكة على الولايات المتحدة شروطاً تتعلق بالتسليح ونوعيات الأسلحة، إذا مضت هذه المحاولات قدماً».
وقال الدكتور أنور قرقاش: «هناك هجوم لا أخلاقي ولا إنساني على غزة، وأعتقد أن أمامنا مهمتين متوازيتين أولاهما التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته، بالتوازي مع النظر إلى المستقبل».
وأضاف: «لابد من الوقوف في وجه العنجهية الإسرائيلية التي تهمش الخسائر في الأرواح التي نراها في غزة، ولابد من إيجاد مسار سياسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي».
وأشار إلى أن قيادة الإمارات مدركة للظروف المحيطة بالمنطقة، لذا تعمل على أنها جزء من هذا الزمان والمكان، فهي بهذا الوعي تحاول أن تدير الأزمات الحالية، وعلى رأسها حرب غزة. وفي المقابل أمامها مهمة التسلح بالعلم وتعزيز الاقتصاد». وقال: «تخوض الوطنية العربية ثلاث معارك: الأولى معركة موقعها في العالم، وما إذا كنا سندع هذا العالم يتقدم ونتأخر نحن، على الرغم من أن هناك تجارب ناجحة في الإمارات والسعودية. والمعركة الثانية مع الدول الإقليمية غير العربية، كيف نتعايش مع إيران وهي مستفيد كبير جداً من حرب غزة، بينما تركيا تراجع دورها من خلال دعمها العديد من جماعات الإسلام الحركي. ولذلك لابد من أن نجد أطراً للتعامل مع إيران. ثم نأتي إلى إسرائيل، فأقول: لابد من إيجاد مسار سياسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والوقوف في وجه العنجهية الإسرائيلية، والتعامل مع ما تفعله في غزة. والمعركة الثالثة داخلية، بمعنى أن هناك دعوات لتهميش الدولة الوطنية العربية، والنظام الرسمي العربي، لصالح ميليشيات، فالدولة الوطنية هي التي يجب أن تكون فاعلة في مختلف القضايا، مثل قضيتي غزة والسودان وغيرهما، من أجل إقناع الجماهير العربية بأن النظام الرسمي العربي لديه أدواته ولديه تأثيره». وأكد الدكتور أنور قرقاش أن «العلاقة بين الإمارات والسعودية نموذج للعلاقات العربية، فكل إيجابي في السعودية هو إيجابي للإمارات والعكس بالعكس».
من جهته، قال نبيل فهمي إن العالم يمر حالياً بعاصفة مكتملة، فبعد أن كان هناك قطبان، أصبح قطباً أوحد، ثم أقطاباً متعددة.. وهذه الأقطاب لا تعلم ماذا تريد، بما فيها الولايات المتحدة، فأميركا لا تعرف هل تريد أن تكون دولة عالمية أو دولة عظمى؟! لأن هناك فرقاً بين الاثنتين.
وتابع فهمي: «علينا كعرب عدم الاعتماد على الغير أكثر من اللازم، لكن من دون انعزال، فلابد من بناء قدراتنا والتعاون إقليمياً ودولياً. ومن جانب آخر الأخذ بزمام المبادرة في التعامل مع القضايا الإقليمية، بما في ذلك اتخاذ قرارات واضحة، وأعني بذلك إلزام الجميع باحترام القانون؛ حيث إن العمود الفقري للأمن العربي هو احترام القانون، فإذا لم نستطع فرض احترام القانون كأساس للعلاقات الدولية سندفع الثمن. وهذا ينطبق على الوضع في غزة».
أنور قرقاش:
• أمامنا مهمتان: التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته.. بالتوازي مع النظر إلى المستقبل.
• لابد من الوقوف في وجه العنجهية الإسرائيلية.. وإيجاد مسار سياسي لإنهاء الاحتلال.