نظمت وزارة التغير المناخي والبيئة “الخلوة الخضراء”، بمشاركة مجموعة من الوزراء وأكثر من 150 مسؤول من 50 جهة من الحكومة والقطاع الخاص، انطلاقاً من دورها الرائد في قيادة الجهود الوطنية المناخية استعداداً لاستضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف “COP28” بنهاية العام الجاري.
وتهدف الخلوة الخضراء التي تم تنظيمها في مدينة “إكسبو دبي” تحت شعار “معاً من أجل المناخ” إلى حشد القدرات وتنسيق الجهود بين كافة الجهات المعنية، والبناء على ما تم إنجازه في مجال مكافحة التغير المناخي والمحافظة على البيئة وتعزيز الاستدامة في الدولة، وإيجاد المزيد من الأفكار والمشاريع المبتكرة التي تصب في هذا المجال، مع العمل المشترك على إبراز أهم تلك الجهود خلال الفترة المقبلة قبيل استضافة الدولة لمؤتمر “COP28″في دبي خلال الفترة من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر 2023.
شهدت “الخلوة الخضراء” حضور الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، الرئيس والمدير التنفيذي للمُسرّعات المستقلة لدولة الإمارات للتغير المناخي، وزيرة التغير المناخي والبيئة، مريم بنت محمد المهيري، ووزير الاقتصاد، عبدالله بن طوق المري، ووزير الطاقة والبنية التحتية، سهيل بن محمد المزروعي، ووزير التربية والتعليم، الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، ووزير الثقافة والشباب، سالم بن خالد القاسمي.
كما شارك في الخلوة عدد من كبار مسؤولي الوزارات والهيئات الحكومية الاتحادية والمحلية المعنية، بجانب مسؤولين من المسرعات، ومثلي المكاتب الإعلامية الحكومية من الإمارات السبع، وكبرى شركات القطاع الخاص، وعدد من كبار قادة الأعمال.
وستتولى وزارة التغير المناخي والبيئة تنسيق جهود جميع الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة استعداداً لمؤتمر الأطراف COP28 بناءً على تكليف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”.
وخلال كلمتها، أكدت الوزيرة مريم المهيري إن الخلوة الخضراء تمتلك مهمة طموحة بمشاركة كوادرنا الوطنية وشركائنا الاستراتيجيين من مختلف القطاعات المعنية من أجل دفع مسار العمل المناخي في الإمارات وتقديم نموذج يليق بمكانة الدولة وجهودها المناخية خلال مؤتمر الأطراف COP28، وتعزيز مساهمة الدولة في تقديم حلول ملهمة ومبتكرة لمواجهة التحديات المناخية العالمية وبناء عالم آمن مناخياً.
وقالت: “تمثل استضافة الإمارات لمؤتمر COP28 العام الجاري بالإضافة إلى إعلان عام 2023 عاماً للاستدامة في الدولة، دليلاً ملموساً على رؤية قيادتنا الرشيدة للعب دور ريادي في مكافحة التغير المناخي الذي يهدد البشرية جمعاء. وقد أظهر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، التزام الإمارات بحشد الجهود العالمية انسجاماً مع نهج القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ’طيب الله ثراه‘”.
وأضافت المهيري : “ستوفر الخلوة الخضراء فرصة مهمة أمام المشاركين للتعرف على السجل المميز لدولة الإمارات في مجال العمل المناخي وإضافة المزيد إليه من خلال أفكارهم الطموحة لتحقيق تقدماً ملموساً في الجهود الوطنية لدفع النمو الاقتصادي المستدام في دولة الإمارات، لذلك نهدف اليوم إلى وضع خطة مشتركة للعمل المناخي عبر الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة كافة، حيث ستٌشكل هذه الجهود فرصة مهمة للنمو وتنويع اقتصادنا، وخلق فرص العمل للشباب، وبناء مجتمعات شاملة ومتماسكة، وتحقيق إمكانات الطاقة النظيفة، وحماية الموائل الطبيعية والمحافظة على البيئة”.
وأشارت خلال كلمتها إلى أن العالم يواجه تحديات مناخية حادة بما فيها تفاقم مشكلة هدر الغذاء، والانبعاثات الكربونية، والمخلفات، والتنوع البيولوجي وتهديد الكائنات الحية خلال زمن قياسي، مؤكدة أن على العالم التحرك السريع لوقف كافة الممارسات وتعزيز الاستدامة في مختلف القطاعات من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
ومن جهته، قال الوزير عبد الله بن طوق المري: “إن تنسيق جميع الجهود الحكومية في الدولة استعدادًا لاستضافة مؤتمر الأطراف (COP28) يمثل أولوية وطنية نظراً لأهمية هذا الملف الحيوي وانعكاساته المباشرة على المسيرة التنموية الشاملة ليس فقط على صعيد الدولة وإنما العالم أجمع خاصة في ظل ما يواجه العالم اليوم من تحديات غير مسبوقة نتيجة التغير المناخي، وهو ما دفع بهذا الملف ليتصدر أجندة الحوار العالمي خلال السنوات المقبلة”.
وتابع: “أنه مثلما يحتاج العالم إلى عمل جماعي وسريع لمكافحة التغير المناخي، فإن تطوير نموذج اقتصادي جديد ليكون أكثر قدرة على الاستجابة للتحديات الناجمة عنه، هو جزء لا يتجزأ من تلك الجهود، مضيفاً إن دولة الإمارات، بتوجيهات قيادتها الرشيدة، لديها أولاً الإرادة السياسية، وثانيًا الموارد التي من شأنها أن تسمح لها بالاستثمار في التحول الأخضر والتنمية المستدامة، وقد تبنت الدولة مبكراً هذا التوجه، وهو ما ترجمته في إعلانها المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050”.
وأوضح بن طوق أن وزارة الاقتصاد تعمل بالتعاون مع شركائها بالقطاعين الحكومي والخاص على تعزيز جهود التحول نحو اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة، وبما يتماشى مع أولويات الدولة في معالجة أزمة المناخ العالمية، وذلك من خلال 4 موجهات رئيسية، وهي تعزيز ممكنات النمو الأخضر، وتبني مفهوم الاقتصاد الدائري، وتطوير فرص نمو جديدة قائمة على الاستثمار في الطبيعة من خلال مبادرات الاقتصاد الأزرق، ودعم ملف تحول الطاقة من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة، حيث تستهدف الدولة أكثر من 600 مليار درهم استثمارات في الطاقة النظيفة والمتجددة خلال العقود الثلاثة المقبلة. مشيراً إلى أن الرؤية الاقتصادية للدولة خلال الخمسين عاما المقبلة قائمة على الانتقال إلى نموذج اقتصادي منخفض الكربون وأكثر تنوعاً وقدرة على استيفاء متطلبات التنمية المستدامة.
وقال الوزير سهيل بن محمد المزروعي: “إن الإمارات تبذل جهوداً عظيمة لاستدامة مختلف القطاعات وخاصة الوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050، وفي هذا الإطار أطلقت الوزارة عدداً من المشاريع والمبادرات النوعية الأكثر استدامة والمرتبطة بقطاعات الطاقة والبنية التحتية والإسكان والنقل.
وأوضح معاليه أننا نسير وفق خطط واضحة ومرسومة تهدف إلى خفض الاستهلاك والطلب على الطاقة والمياه في قطاعات الزراعة والنقل والصناعة والبناء، حيث نسعى إلى تخفيض 40% من استهلاك الطاقة و50% من استهلاك المياه بحلول عام 2050.
وأضاف:” سنواصل العمل الجاد لدعم مسيرتنا الرائدة في العمل المناخي والاستدامة والحفاظ على البيئة، ونحن في الإمارات نمتلك مسيرة ملهمة في المحافظة على البيئة منذ تأسيس الاتحاد عام 1971 على يد الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو ما عزز دور الدولة في إحداث تأثير إيجابي في العمل المناخي عالميا، ودعم استضافتها مؤتمر الأطراف COP28.
وأشار المزروعي إلى أن الوزارة تعمل حاليا على تحديث الاستراتيجية الوطنية للطاقة 2050 لمواكبة المستجدات والتحديات التي تواجه القطاع، وتعزيز مساهمة الطاقة النظيفة بما يتماشى مع مبادرة الإمارات الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، وذلك لاستكشاف المزيد من الحلول والخطط التي تساعد في تحقيق هذا الهدف ويتواكب مع استضافة الدولة لمؤتمر المناخ “كوب 28” العام الجاري، موضحاً أن للدولة جهوداً متميزة في مسيرتها نحو الحياد المناخي والاستثمار في مصادر الطاقة الخالية من الانبعاثات الكربونية مثل محطة براكة للطاقة النووية السلمية.
وقال:” نسعى بشكل حثيث إلى توحيد الجهود في مجال ترشيد استهلاك الطاقة والمياه والحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئة، وتعزيز مسيرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر الداعم للتنمية المستدامة في مختلف المجالات، ولا سيما البنية التحتية، وإن الوزارة، في هذا الإطار، أطلقت نظام ” كود البناء” ليكون أحد العوامل الرئيسة الداعمة لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية للطاقة 2050، واستراتيجية الأمن المائي 2036 والبرنامج الوطني لإدارة الطلب على الطاقة والمياه، مشيراً إلى أن النقل يعتبر من أكثر القطاعات مساهمة في الانبعاثات الكربونية، ولذلك تم العمل على وضع مستهدفات واضحة منها برنامج التنقل الأخضر لخفض استهلاك الطاقة.
وقال الوزير الدكتور أحمد بالهول الفلاسي: “وفرت الخلوة الخضراء منصة مثالية لتنسيق الجهود المناخية لمختلف جهات ومؤسسات القطاعين العام والخاص استعداداً لاستضافة الدولة قمة المناخ COP28. ففي الوقت الذي تعمل فيه كل جهة أو مؤسسة في مجال تخصصها لاجتراح حلول وإطلاق مبادرات ومشاريع رائدة ومبتكرة لمواجهة قضية التغير المناخي، فإن الخلوة سمحت للمشاركين بالتعرف على الصورة الكلية والاطلاع على الإنجازات التي حققتها الدولة في المجال المناخي، وكذلك شجعت على تقديم مزيد من الأفكار والمبادرات التي ستساهم دون شك بترسيخ مكانة الدولة مركزاً عالمياً لمواجهة التغير المناخي، الآن وفي المستقبل.”
وأضافي: “نؤمن بأن التعليم يؤدي دوراً محورياً في نشر الوعي وتعزيز قدرة المجتمعات على الصمود والتكيف ومواجهة تغيرات المناخ بما يساهم في بناء وترسيخ مستقبل أكثر استدامة للكوكب. وفي هذا الإطار، تلتزم وزارة التربية والتعليم بمستهدفات “شراكة التعليم من أجل التخضير” التي أطلقتها الأمم المتحدة بالتعاون مع منظمة اليونسكو، ونعمل من خلال هذه الشراكة على أربعة محاور رئيسية هي المدارس الخضراء، والتعلم الأخضر، والمجتمعات الخضراء، والقدرة على التحضير والاستعداد. وقد بادرت الوزارة إلى العمل مع أكثر من 30 شريك وطني ودولي لاتباع نهج شامل ومتكامل يغطي هذه المحاور، ويكون بمثابة نموذج عمل تعليمي يخدم المنطقة والعالم.”
وقال الوزير سالم بن خالد القاسمي: “للثقافة دور أساسي في التخفيف من آثار التغير المناخي والتكيف معه، خاصة وأن له تأثيرات سلبية على تراثنا الثقافي الطبيعي الإنساني وما تخلفه من تبعات على العناصر الثقافية المختلفة والتي تعتبر ثروة استثنائية ومستدامة للمجتمعات، ومن هنا تنبع أهمية الاستفادة من الممارسات والمعارف الثقافية التقليدية واستحداث حلول واعدة تسهم في اختيار أنماط حياة صديقة للبيئة تسهم في الحد من الآثار السلبية للتغير المناخي.”
وتابع: “إن دولة الإمارات حريصة على استشراف مستقبل بيئي نظيف بطاقات متجددة، منطلقةً من إرث أصيل تركه لنا الأجداد، وفي إطار اللقاءات الوزارية اليوم ركزنا على ضرورة تعزيز الدور الكبير الذي تلعبه الثقافة في التخفيف من آثار التغير المناخي، ولهذا ستتواصل كل الجهود من أجل توسيع نطاق العمل من خلال COP28 الذي تستضيفه الإمارات نهاية العام الجاري، وسنعمل على الاستفادة من كل المخرجات وترجمتها في القطاعين الثقافي والإبداعي، كما سيلعب الشباب دوراً أساسياً في مجريات الحوار البنّاء بصفتهم صناع التغيير، ولما عهدناه فيهم من حس وطني وإنساني وقدرة على تحمل مسؤولية حاضر دولتهم ومستقبلها بجدارة وكفاءة “.
خطة للتعاون الحكومي
شهدت الخلوة الخضراء عقد سبعة مجالس تغطي جميع المواضيع المرتبطة بسلسلة قيمة الاستدامة؛ التي تشمل إدارة الموارد المائية والمحافظة عليها، والتنوع البيولوجي وحماية منظومة الكربون الأزرق، ومشاركة القطاع الخاص والتحول الصناعي، وإدارة النفايات والاقتصاد الدائري، والنقل المستدام، والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، والزراعة المستدامة والأمن الغذائي.
ضم كل مجلس نخبة من خبراء من الوزارات والجهات الحكومية الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص، حيث تناولوا عدداً من الأفكار ذات الصلة، ومناقشة عدد من التحديات التي تواجه كل مجال، ومن ثم التوصل إلى حلول على شكل مبادرات ومشاريع يتم تنفيذها من قبل بعض الجهات أو عن طريق التنسيق بين عدد منها.
وقدم كل مجلس ما يتراوح من 8 إلى 10 أفكار لمشاريع ومبادرات تدعم المواضيع ذات الصلة. واختيرت أفضل الأفكار وأكثرها قابلية للتنفيذ لتكون جزءاً من الخطة الرئيسية لأنشطة المناخ الوطنية حتى يناير 2024. كما ناقش ممثلو المكاتب الإعلامية الحكومية الأفكار التي ستصبح جزءاً من الأجندة الوطنية للعمل المناخي.
وجرى تشكيل العديد من مجموعات العمل الإعلامية لدعم الجهات الحكومية في تقديم سرد موحد لمؤتمر الأطراف COP28 وتعزيز الوعي الوطني بالحدث الأهم الذي تستضيفه دولة الإمارات هذا العام، وتم الاتفاق على عقد اجتماعات متابعة دورية لضمان تقدم العمل بهذه الخطة.