أثارت حوادث مرورية وقعت خلال السنوات الماضية في الدولة، نزاعات وصلت إلى القضاء، حول مطالبات من أصحاب المركبات المتضررة بالتعويض المقرر، في ظل ادعاءات مقابلة موجهة من شركات التأمين، بأن الحوادث ما كانت لتقع لولا إهمال السائق ذاته، وعدم اتخاذه الإجراءات الاحترازية الواجبة.
وفي السياق ذاته، وجهت الجهات الشرطية والمعنية في الدولة، أخيراً، تحذيرات للسائقين من إهمال صيانة المركبة خلال فصل الصيف، تضمنت ضرورة التأكد من سلامة أنظمة التبريد والمكابح وسلامة إطارات المركبة قبل السير بها، لاسيما مع ارتفاع درجات الحرارة، وكذا عدم ترك مواد قابلة للاشتعال أو الانفجار داخل المركبة، إذ قد تؤدي إلى حوادث جسيمة، بفعل الاحتباس الحراري داخل المركبة.
ونبه خبراء ومختصون في الحوادث المرورية والتأمين، إلى التداعيات السلبية المترتبة على إهمال السائقين، إذ تؤدي إلى حوادث جسيمة وأضرار بشرية ومادية عدة، وفي الوقت ذاته قد تحرم أصحاب المركبات من حق المطالبة بالتعويض إذا ثبت أنها ناتجة عن إهمالهم.
وتفصيلاً، حذر الخبير المروري المدير العام لـ«جمعية ساعد» للحد من الحوادث المرورية، الدكتور جمال العامري، من خطورة الحوادث المرورية، الناتجة عن إهمال بعض السائقين، وعدم أخذهم الإجراءات الوقائية المفترضة لتجنب مثل هذه الحوادث، ومن ذلك ترك مواد وأدوات قابلة للاشتعال داخل المركبة المغلقة خلال فصل الصيف، وأثناء ارتفاع درجات حرارة كشواحن الهواتف وعبوات التعقيم والعطر وغيرها، إذ يمكن أن تتسبب الحرارة المرتفعة في انفجارها، وحدوث أضرار جسيمة في المركبة، إضافة إلى عدم ترك عبوات أو زجاجات المياه عرضة لأشعة الشمس المباشرة، لأنها قد تتحول إلى ما يشبه العدسة المركزة التي يتجمع فيها طيف أشعة الشمس العالية أثناء الظهيرة، ما يسبب اندلاع حريق داخل المركبة، وكذا عدم وضع الجلود المدبوغة، أو المصنعة، لأنها تكون قابلة للاحتراق، خصوصاً عند وضعها تحت أشعة الشمس المباشرة.
وأكد العامري ضرورة حرص السائق على إجراء الصيانة الدورية للمركبة، سواء أنظمة التكييف أو المكابح أو التبريد، والتأكد من جودة الإطارات، منبهاً إلى أنه في هذه الأثناء وخلال الفترة المتأخرة من الليل، تنزل السحب الضبابية الحاجبة للرؤية الأفقية، الأمر الذي يتسبب في مشكلة في حال وجود عطل في التكييف، نتيجة حجب الرؤية عن السائق بعد تكثف البخار على الزجاج، لعدم معادلة درجة البرودة الداخلية للمركبة مع درجة برودة الأجواء الخارجية، ومن هنا لابد من عدم إهمال السائق صيانة أي جانب من المركبة، حتى لا يعرض حياته وحياة الآخرين للخطر.
ولفت أيضاً إلى سلوك يقوم به بعض السائقين، وهو ترك السيارة في وضع التشغيل للخروج وقضاء بعض الاحتياجات، ما يعرضها للسرقة، وإذا كان هناك أطفال في داخلها فقد يعرضهم لخطر الاختناق والوفاة في حال تعطل جهاز المكيف، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.
وأكد العامري أن هناك مسؤولية قانونية تقع على السائق، وهي أخذ الاحتياطات اللازمة التي تضمن سلامة المركبة والركاب فيها إلى جانب سلامة مستخدمي الطريق، وأن إهمال أي جزء منها، يحمله مسؤولية الخسائر الناجمة عنها.
كما شدد على أهمية الالتزام بقانون السير والمرور وإرشادات السلامة المرورية التي تدعو إليها الجهات الشرطية المعنية، لتحقيق مستويات السلامة والأمان على الطرق، والحد من الحوادث بكل أشكالها.
وأكد خبير التأمين الدكتور حازم ماضي، أن هناك نزاعات قد تحدث بين المؤمن له وشركة التأمين، على خلفية بعض حوادث المركبات التي يشتبه فيها بحدوث إهمال من السائق نفسه، وبمشاركته في التسبب في وقوع الحادث، لافتاً إلى أن الفيصل هو عقد التأمين، فإذا ثبت أن هناك إهمالاً واضحاً من جانب السائق في وقوع الحادث، فإن شركة التأمين تكون غير ملزمة بتغطيته.
وأشار ماضي إلى أن هناك أشكالاً مختلفة من إهمال السائقين التي قد تؤدي إلى حوادث على الطرق، ومن ذلك أن يقوم السائق بإهمال صيانة مكابح السيارة، أو أن يقود مركبته بإطارات غير صالحة للسير، ويتسبب في وقوع حادث، أو أن يترك مواد قابلة للاشتعال وتنفجر بفعل الاحتباس الحراري داخل المركبة، ما يؤدي إلى وقوع أضرار جسيمة، أو ألا يأخذ قسطاً كافياً من النوم قبل القيام برحلة بالمركبة لمسافة طويلة. وأكد أن التشريعات المقررة في مجال التأمين، ضمنت حقوق المستهلك وشركات التأمين، كما أن عقد التأمين يغطي الحوادث التي تتعرض لها المركبات في وضعها الطبيعي، من دون تدخل بشري خطأ أو متهور. وبمعنى آخر فإن فلسفة التأمين تقوم على تغطية احتمال حدوث الخطر في حالته الطبيعية، وهو يعني أن السائق ملزم ببذل قصارى جهده في أخذ الاحتياطات والإجراءات، لمنع وقوع الحادث، وفي حال وجود نزاع على استحقاق التغطية التأمينية، تكون الكلمة الأخيرة للقضاء، الذي يفصل فيها بناء على معطيات الحادث ومبررات كل طرف.
وأكد أهمية مبادرة شركات التأمين في تنفيذ حملات توعية لشرائح المجتمع المختلفة، للتوعية بمثل هذه الأمور، لاسيما التحذير من إهمال وأخطاء السائقين التي تؤدي إلى وقوع حوادث للمركبات، الأمر الذي من شأنه أن يحد من وقوع تلك الحوادث، ومن النزاعات القضائية التي يمكن أن تثار بسببها.
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة «UIS»، للتأمين، جهاد فيتروني أن أي إهمال يقوم به المؤمن له، ويؤدي إلى ضرر في مركبته المؤمن عليها تأميناً شاملاً، يُعدُّ نوعاً من الإهمال واللامبالاة للمسؤولية الواقعة على صاحب المركبة، ولا يجوز له المطالبة بالتعويض عنه، ويتحمل نفسه المسؤولية بشأنه.
وأوضح أن من صور الإهمال أن تتعرض مركبة للسرقة، بسبب ترك صاحبها مفاتيح السيارة داخلها وهي في حالة تشغيل أو وقوفه في مكان غير مؤمن، فهنا يكون قد ارتكب تصرفاً غير مسؤول وشجع على سرقتها، وكذا الحال لمن تتعرض سيارته للسرقة، بسبب ترك الأبواب مفتوحة. ومن صور الإهمال الذي يؤدي إلى ضرر بالمركبة ولا يُغطى من شركة التأمين، أن يتعمد السائق ترك المركبة في أماكن خطرة أو السير بها عبر تجمعات المياه ملحقاً بها أضراراً.
وتابع أن «الأمر يمتد أيضاً بالنسبة للسائقين الذين يتركون عمداً مواد أو أدوات خطرة قابلة للاشتعال داخل المركبة، خلال الصيف، وتتسبب في حوادث انفجار وحرائق للمركبات، فهنا يتحمل مالكها المسؤولية نتيجة إهماله، وإسهامه بصورة غير مباشرة في وقوع الحادث، لاسيما أن الجهات المعنية في الدولة أصدرت تنبيهات وتحذيرات عدة من ترك هذه المواد داخل المركبة، خصوصاً خلال الصيف ومع ارتفاع درجات الحرارة».
وأضاف: «على الرغم من ذلك، فإنه إذا ثبت أن مالك المركبة ترك نتيجة النسيان أو عدم الانتباه، ولاعة أو عبوة عطر أو أي مادة أخرى، وتسبب انفجارها في أضرار بالمركبة، فيمكن مراعاة الظروف المحيطة بالواقعة عند المطالبة بتغطية الخسائر الناجمة عن الحادث». ونبه إلى أن شركة التأمين تصدر وثائق التأمين على السيارات، لتغطية كُلفة الإصلاح والتعويض عن الأضرار الناتجة عن الحوادث المرورية أو الأضرار الناتجة عن العوامل الطبيعية، ويحق للمؤمن له المطالبة بتغطية هذه الأضرار طالما كان ملتزماً بما ورد في وثيقة التأمين، وفي الوقت ذاته، يحق لشركة التأمين أن ترفض التعويض في حال أثبتت أن الحادث الذي تعرضت له مركبة المؤمن له كان نتيجة إهمال منه، ومن الضروري دائماً مراجعة شروط وبنود عقد التأمين، للتأكد من الالتزام بما هو مطلوب من مالك السيارة تفادياً لأي تصرف غير مقبول. بدوره، ذكر المستشار في شركة الوثبة الوطنية للتأمين، بسام جيلميران، أنه «إذا وقع حادث احتراق مركبة بفعل المواد القابلة للاشتعال التي تُركت داخل المركبة مثل الولاعات وعبوات العطور والزجاجات المضغوطة، فإن التغطية التأمينية تعتمد على شروط وأحكام وثيقة التأمين الخاصة بالمركبة ونوع التأمين الذي يمتلكه صاحب المركبة، فإذا كان مالك المركبة يمتلك تأميناً شاملاً، فمن الممكن أن تغطي شركة التأمين كُلفة إصلاح الأضرار الناجمة عن الحريق، بما في ذلك تلك الناتجة عن المواد القابلة للاشتعال التي تُركت داخل السيارة».
وأضاف: «مع ذلك، قد تعتبر بعض شركات التأمين هذا الحادث ناتجاً عن إهمال من مالك المركبة، ويمكن أن ترفض تغطية الأضرار». ورأى أنه «يمكن اعتبار الحريق الذي يحدث بسبب الحرارة الشديدة من ضمن الخسائر الناتجة عن الأخطار الطبيعية، التي تشمل عادة الظواهر البيئية والطقسية التي لا يمكن التحكم بها، حيث إن ارتفاع درجات الحرارة داخل المركبة، يمكن اعتباره ضمن هذه الفئة، لأن السبب الأساسي هو ظروف الطقس الحار، وليس تصرفاً متعمداً أو إهمالاً جسيماً من المالك».
7 صور للإهمال
. ترك مواد وأدوات قابلة للاشتعال داخل المركبة صيفاً.
. ترك مفاتيح السيارة داخل المركبة في وضع التشغيل.
. عدم التأكد من سلامة الإطارات قبل السير بالمركبة.
. عدم التأكد من غلق أبواب المركبة، ما يعرضها للسرقة.
. السير بالمركبة في تجمعات مياه الأمطار، ما يؤدي إلى غرقها.
. عدم إجراء صيانة دورية وعدم التأكد من سلامة المكابح.
. عدم أخذ قسط وفير من النوم قبل قيادة المركبة في رحلة طويلة.