أكد المفوض العام لمسار البنية التحتية والتخطيط وجودة الحياة رئيس اللجنة العليا للتخطيط الحضري في إمارة دبي، مطر الطاير، أن دبي بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، استشرفت التحديات التي تواجه المدن، حيث أطلق سموه عام 2021 «خطة دبي الحضرية 2040»، وهي خطة تحولية استراتيجية ومرنة، غايتها جعل دبي «المدينة الأفضل للحياة في العالم»، وترسم الخطة خريطة مستقبلية متكاملة للتنمية العمرانية المستدامة بالإمارة، محورها رفاهية الإنسان والارتقاء بجودة الحياة، وتعزيز التنافسية العالمية للإمارة.
وأشار إلى أن «دبي 2040»، تهدف إلى توفير خيارات تنقل مستدامة ومرنة، تسهم في تسهيل الحركة، فمن المخطط أن يسكن 55٪ من سكان دبي ضمن مسافة 800 متر أو أقل من محطات النقل الجماعي، كما تهدف إلـى تعزيز الفرص الاستثمارية، من خلال زيادة مساحة الأنشطة الاقتصادية إلى 168 كم مربع، وتعزيز وجذب السياحة، وذلك بمضاعفة مساحة الأنشطة الفندقية والسياحية بنسبة 134%، ومضاعفة المساحات الخضراء والترفيهية بنسبة 105%، وزيادة المساحات المخصصة للشواطئ العامة بنسبة 400%. وشرح أنه وفقاً للخطة، جرى تحديد خمسة مراكز حضرية، هي: المركز التاريخي للمدينة في ديرة وبر دبي، والمركز الاقتصادي والمالي في منطقة برج خليفة والخليج التجاري، ومركز السياحة والترفيه في منطقة مرسى دبي وجميرا بيتش ريزيدنس، والمركز الرابع هو بوابة عالمية للمعارض والفعاليات في منطقة إكسبو 2020، والخامس مركز المعرفة والابتكار في منطقة واحة دبي للسيليكون، وتسعى الخطة إلى رفع الكثافة السكانية، وزيادة حجم التطوير والاستثمار فيها، لاستغلال البنية التحتية والخدمات الموجودة، لتوفير أكثر من 80% من احتياجات السكان ضمن 20 دقيقة أو أقل مشياً على الأقدام أو باستخدام الدراجات الهوائية ووسائل التنقل المرنة، كما تستهدف الخطة المحافظة على 60% من إجمالي مساحة إمارة دبي محمياتٍ طبيعيةً ومناطقَ ريفيةً.
وقال الطاير إن خطة دبي الحضرية تحظى بدعم ومتابعة القيادة، وجرى اعتماد خريطة طريق تضمن استدامة التنمية، ووضع سياسة لاستدامة إسكان المواطنين، وخطط شاملة للمحافظة على المناطق الريفية، وتطوير قانون التخطيط الحضري لتنظيم العلاقة بين المطورين والمستثمرين والجهات الحكومية، وتبنّي نموذج مرن لحوكمة قطاع التخطيط الحضري يضمن التوازن بين التنمية المستدامة والاستغلال الأمثل للأراضي والمشاريع»، مشيراً إلى أن العمل يجري حالياً على تطوير استراتيجية شاملة لجودة الحياة في إمارة دبي، بهدف تطوير نموذج دبي لجودة الحياة، وتعزيز جاذبيتها كأفضل مدينة للحياة في العالم، وتتضمن ثلاثة مستويات، هي الأفراد والمجتمع والمدينة، ويشارك في وضع هذه الاستراتيجية 17 جهة، كما أجري استبيانٌ شمل مختلف فئات المجتمع، شارك فيه أكثر من 12 ألف شخص لرصد احتياجاتهم وتطلعاتهم.
واستعرض الطاير، دور التخطيط الحضري في تعزيز جودة الحياة، وخبرة دبي في هذا المجال، موضحاً أهم أربعة عناصر في التخطيط الحضري، هي: أولاً، تخطيط استعمالات الأراضي بما يحقق التوازن بين الأنشطة الاقتصادية والتجارية والسكنية والترفيهية. وثانياً، البنية التحتية والتنقل، حيث ينبغي تعزيز التكامل بين المناطق والاستغلال الأمثل للبنية التحتية ووسائل التنقل، لتلبية احتياجات المجتمع، فعلى سبيل المثال 79% من سكان مدينة ڤانكوڤر الكَنَدية، يمكنهم الوصول للخدمات الأساسية خلال 15 دقيقة مشياً على الأقدام. والثالث، البيئة والاستدامة، حيث ينبغي العمل على تقليل البصمة الكربونية، وتبني حلول مستدامة للمحافظة على موارد الأجيال القادمة، مشيراً إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، اعتمد عام 2023، عاماً للاستدامة، وتستضيف الدولة في نوفمبر المقبل، مؤتمر التغير المناخي «COP 28» في مدينة إكسبو في دبي. أما العنصر الرابع، في التخطيط الحضري، فهو المرونة والابتكار، وذلك من خلال تبني سياسات مرنة وتطوير مرافق وخدمات المدينة بشكل مستمر، والاستفادة من الأنماط الجديدة مثل التنقل ذاتي القيادة، فعلى سبيل المثل تهدف دبي إلى تحويل 25% من الرحلات لتكون ذاتية القيادة بحلول عام 2030، وستشهد نهاية العام الجاري تشغيل 10 مركبات أجرة ذاتية القيادة، بالتعاون مع شركة جنرال موتورز كروز الأميركية.
واستشهد الطاير خلال كلمته ببعض التجارب المميزة للمدن التي وظفت التخطيط الحضري لتعزيز جودة حياة السكان، حيث نجحت برشلونة التي شهدت تحولات عدة عبر مئات السنين، وواجهت تحديات كبيرة نتيجة لزيادة عدد السكان، في تنفيذ خطة حضرية تحوّلية جديدة، هدفها زيادة المساحات العامة والخضراء، وتصميم الأحياء بطريقة توفر احتياجات سكانها الأساسية، وتدعم حركة المشاة والدراجات الهوائية، بما يسهم في تقليل الازدحامات بنسبة 20%، فيما اعتمدت مدينة سنغافورة خطة حضرية دقيقة، روعي فيها الاستخدام الأمثل للمساحات المحددة، وعلى الرغم من الكثافة السكانية العالية التي تصل إلى 8000 نسمة لكل كيلومتر مربع، فهي تتصدر مؤشرات التنافسية العالمية فـي جودة الحياة.
واختتم الطاير كلمته باستعراض الدروس المستفادة من تجربة دبي، وحددها في أهمية أن يكون الإنسان المحور الأساسي للخطط والاستراتيجيات، وتحديد الأولويات، ومواءمتها مع الاحتياجات الحالية والمستقبلية لضمان استدامة الموارد، والتركيز على «الحوكمة» كإطار تنظيمي يضمن نجاح تنفيذ الخطط وتحقيق مستهدفاتها.
ومن الدروس أيضاً، تحقيق التكامل في الخدمات، وتوفيرها في جميع المناطق، لتحقيق السعادة للمجتمع وتقليل الحاجة للتنقل، وتوظيف التقنيات المتقدمة، مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، لرفع كفاءة تخطيط المدينة ودعم اتخاذ القـرار، والمراجعة الدورية لخطط القطاعات، لضمان المواءمة والمرونة والتكيف مع المتغيرات، موضحاً أن المدن الناجحة ليست وليدة المصادفة، وإنما هي نتاج لتخطيط ممنهج وتنفيذ فعّال وتطوير مستمر.
مطر الطاير:
«التخطيط الحضري المبتكر يسهم في تمكين المدن من استدامة التنمية».
«المحافظة على 60% من مساحة دبي محمياتٍ طبيعيةً ومناطقَ ريفية».
12
ألف شخص يحددون تطلعاتهم من استراتيجية دبي لجودة الحياة.
17
جهة تشارك في تطوير استراتيجية جودة الحياة لتحقيق أفضل مستويات الرفاهية.