شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، المحاضرة الثالثة التي نظمها مجلس محمد بن زايد، أول من أمس، في موسمه الرمضاني الحالي، بعنوان: «رحلة إلى الذات.. الارتقاء إلى مستوى التحديات واختيار السعادة».
وألقى المحاضرة، المؤلف والمدرب المتخصص في علم النفس وتطوير الذات، من السعودية، الدكتور خالد المنيف، وذلك بحضور عدد من الشيوخ وكبار المسؤولين والمختصين في مجال علم النفس وتطوير الذات.
وتضمّنت المحاضرة، التي أدارتها مُدرّبة الحياة الإماراتية، سارة الباكري، ثلاثة محاور رئيسة، شملت: الأفكار التي ترتقي بالأفراد وترشدهم إلى مواجهة التحديات واختيار السعادة، والدروس والتجارب الشخصية والرؤى التي أثّرت في رحلة حياة المحاضر، إضافة إلى عرض 10 مؤشرات تقود إلى النجاح الشخصي والسعادة.
وبدأ المنيف محاضرته بالحديث عن أسس السعادة واستكمال «الرحلة إلى الذات»، والتي اعتبرها مرحلة تتميّز بتحقيق الإنسان النضج، وتولي مسؤولية حياته، وتوسّع مداركه، ومواجهة التحديات بحكمة، لافتاً إلى أنه خلال هذه المرحلة يُركّز الشخص على الأمور الجوهرية، ويتجنب المجادلات السطحية، ويسيطر على أفكاره، ويقدّر قيمة الحياة بجميع جوانبها، ويعطي الأولوية لصحته النفسية والجسدية، فيعيش بوعي وامتنان، ويسعى إلى تطوره الشخصي وتقدير النعم في حياته.
وقال إن «الحديث عن السعادة على المستويين الفردي والجماعي، لابد أن يكون مقترناً بدولة الإمارات، باعتبارها نموذجاً عالمياً مشرفاً نفتخر به، كونها اهتمت بفكر وسعادة الإنسان منذ عهد المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه».
وتطرّق المحاضر إلى بعض الدروس والتجارب الشخصية والرؤى التي شكّلت رحلة حياته، قائلاً: «قمت بتأليف 15 كتاباً عن تطوير الذات والنفس، ولديّ أكثر من 1500 مقطع مرئي عن القدرات والعقل البشري والسعادة، واللافت أنني كلما قرأت أو شاهدت أياً منها أتأثر كثيراً وكأني لست من قام بتأليفها أو تقديمها، وخلصت خلال هذه الرحلة إلى أفكار ورؤى عدّة عن أسباب وتعريف السعادة، تتلخّص في 10 مؤشرات تقود إلى السعادة، تشمل: الحرص على عدم انتقاد الغير، والابتعاد عن الجدال، وعدم السعي إلى الكمال، والتحلّي بفضيلة الامتنان والشكر للغير، والتفوّه بالكلم الطيب، وتفعيل الرحمة بالآخرين، إضافة إلى عدم ربط السعادة بمتغير مثل شخص آخر أو وقت أو حدث، وكذلك التحلّي بصفة التفاؤل، وإعلاء روح المبادرة، وأخيراً، التخلّي عن وهم السيطرة، سواء بتقييد الآخرين أو حمل همومهم».
وركّز المنيف على أهمية تكيّف الإنسان مع الظروف، وقبول ما لا يمكن تغييره، وجني السعادة من القدرة على التكيف، والسعي إلى تحسين الذات في المجالات الممكنة، لافتاً إلى أنه مع توالي الأعوام سيصل بعض البشر لمرحلة من النضج تسمّى بـ«المرحلة الملكية»، وهي مرحلة تعني أن حياة الإنسان تكون ملكاً له، ليهنأ فيها بممتلكات واسعة من الفرح وراحة البال، بعد أن تتسع مداركه وتبتعد فيها نظرته، ويتسع فيها صدره.
وقال: «تتشكّل هذه المرحلة من السعادة، بعد جملة من الخبرات، وسلسلة من التجارب، وكمٍّ من المواقف يتعامل صاحبها معها بعقل واعٍ وفكر يقظ، فيتعلم منها أشياء جميلة، منها ألّا تؤجّر عقلك لأحد، ولن تجعل من حولك يفكر عنك، وأن تكون أحكامك على الآخرين أنت من يقررها، وكذلك ألّا تهدر ما تبقى من عمرك في البحث عن الأحسن والأروع والأجمل، لأن هذا سيجمدك عند موقف الانتظار اللانهائي».
واختتم المنيف محاضرته بالحديث عن أهمية التفاؤل، باعتباره قيمة عالية تقود إلى السعادة، حيث أوضح أن التفاؤل الحقيقي ليس في حدوث ما نحبه ونتمناه، ولكنه في حدوث الخير بشكله المطلق، لأن هناك الكثير من الأمور التي نتفاءل بأن حدوثها قد يبدل الحياة للأفضل، ولكننا نكتشف غير ذلك، كما حذّر ممّا وصفها بـ«الإيجابية المزيّفة» التي تتمثل في السعي إلى الكمال، قائلاً: «النفس البشرية قوتها في الاعتراف بالضعف، وأبرز سمات الإيجابية هي الوقوف على الحقيقة، فالإيجابية لا تعني السعادة المطلقة، وإنما أن تملك التفاؤل والمبادرة».