أصدر مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي دليلاً فقهياً إفتائياً، يتناول أهم القيم والأسئلة والأحكام الشرعية المتعلقة بالمريض، انطلاقاً من أهمية العناية بالمرضى ورعايتهم، موضحاً أن منهجية الإجابة عن الأسئلة الواردة في هذا الإصدار، ارتكزت على مقاصد الشريعة، وقيم الدين السمحة، مع مراعاة الآراء الفقهية، والأخذ بالأيسر والأنسب لحال المريض ووضعه الصحي، استجابة للواقع الراهن ومسائله المستجدة.
وتضمّن الإصدار الإفتائي، الذي حمل عنوان «دليل المريض قيم وفتاوى (عبادات)»، 36 سؤالاً وجواباً إفتائياً حول الأمور الشرعية المتعلقة بفقه المريض، بأسلوب واضح ومُيسّر يُسهل على المريض فهم المراد منه، داعياً كل مريض إلى التحلّي بسبع قيم إيمانية وسلوكية تعينه على تحمّل المرض، وتخفّف عنه وتكون خير داعم له.
وذكر الدليل، الذي نشره المجلس على موقعه الإلكتروني الرسمي: «إن الدين الإسلامي الحنيف اعتنى بالمريض، وأولاه الرعاية والاهتمام، وشمله بتوجيهاته، ورفع عنه الحرج والمشقة، إذ إن الأحكام الشرعية التي ينشأ عن تطبيقها حرج على المكلف أو مشقة، فإن الشرع يخففها عن المريض رحمة به، ومراعاة لحاله دفعاً للعسر والحرج، ولذا شُرعت الرخصة في حق المريض تخفيفاً وعوناً له، على أداء شعائره وعبادته بيسر وطمأنينة».
وأشار إلى أن هذا الإصدار يسعى إلى تحقيق جملة من الأهداف الرئيسة، من أهمها: إبراز قيم الدين السمحة من الرحمة والرفق والعناية بالمرضى، وإظهار قيم التيسير والاعتدال في فتاوى المريض ومجمل أحكامه، إضافة إلى ضبط أحكام المريض، وحوكمة الفتاوى المتعلقة به، وكذلك بيان وتفصيل أهم الفتاوى الشرعية التي يحتاج إليها المرضى. ودعا الدليل الإفتائي كل مريض إلى أهمية التحلّي بسبع قيم إيمانية وسلوكية، هي: أولاً «الثقة بالله والتوكل عليه مع الأخذ بأسباب الوقاية والعلاج»، إذ إن تعزيز المريض ثقته بالله تعالى، وتوكله عليه في أمره كله، مع أخذه بأسباب الوقاية والعلاج، يعد مطلباً شرعياً، ووسيلة لمقصد حفظ النفس، ومدعاة لسكينة القلب وراحته، ومجلبة للأمل بالشفاء وتمام العافية، وثانياً «الرضا واستشعار رحمة الله تعالى» لأن المريض برضاه واستسلامه لما كتبه الله عز وجل له، يتعرّض لرحمة ربه ورضاه، وتشمله محبته ولطفه، وينال الأجر وتُمحى خطاياه، وتكتب حسناته.
ووفقاً للدليل الإفتائي ركّزت القيمة الإيمانية الثالثة على «الصبر» باعتباره من أجل الصفات التي يطلب من المريض التحلي بها، لأنه يعينه على مجاوزة الظروف الحرجة التي يتعرّض لها، وفيه بشائر الخير والرحمة واللطف والعون من الله عز وجل، فيما دعت القيمة الرابعة إلى التحلّي بـ«الطمأنينة والسكينة»، والتي عرّفها الدليل بأنها الثقة بالله واليقين الصادق بالفرج القريب من الله تعالى، ومما يعين على ذلك الأعمال الصالحة التي تجلب له الطمأنينة، ففيها أعظم لذة وابتهاج لقلبه، وانشراح لصدره، وبث للسكينة، وتخفيف لمعاناته، وزوال لهمومه.
واختصت القيمة الإيمانية الخامسة التي يجب أن يتحلّى بها المرضى بـ«الحمد والشكر» لكون حمد المريض لله تعالى على ما وهبه من نِعم وافرة مثل نعمة الوطن ونعمة الأمن ونعمة الرعاية والعناية، وشكره لله عز وجل على ما كتب له في سائر أحواله من سرّاء وضرّاء وشدّة ورخاء، صفة تُقرّبه إلى ربه سبحانه، وترفع درجته، وتضاعف ثوابه، لينال الخير في الدنيا والآخرة.
كما دعا الدليل المرضى إلى التحلّي بـ«التفاؤل والإيجابية» لأنه بيقين المريض بأن فرج الله بالشفاء والعافية قريب، وأن الله رحيم قادر على شفائه، سيتغلب على اليأس والضعف، ويتحلى بالإيجابية ويبثها في نفسه وفيمن حوله، وأخيراً دعا كل مريض إلى أهمية الحرص على «السماحة والتيسير في أداء العبادات»، مشدداً على أن أخذ المريض بالأيسر في أداء عباداته، يعد من أهم مقاصد الدين الإسلامي الحنيف، فقد رفع الله عنه الحرج في ما يشق عليه، فلم يكلفه إلا بقدر استطاعته.
• الدليل يهدف إلى إبراز قيم الدين السمحة من الرحمة والرفق والعناية بالمرضى، وإظهار قيم التيسير والاعتدال في فتاوى المريض.