شهد سمو الشيخ خالد بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم، رابعة محاضرات «مجلس محمد بن زايد» الرمضانية هذا العام، التي عقدت أول من أمس، تحت عنوان «الإرث الإنساني لدولة الإمارات»، في مقر المجلس، بجامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، بحضور عدد من الشيوخ وكبار المسؤولين والمختصين في مجال العمل الإنساني.
وركّزت المحاضرة، التي ألقاها كل من رئيس مجلس إدارة هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، الدكتور حمدان مسلم المزروعي، والأمين العام لمؤسسة الأوقاف وشؤون القصّر في دبي، علي المطوع، ووكيل مساعد لقطاع التنمية الاجتماعية في وزارة تنمية المجتمع، حصة تهلك، على ثلاثة محاور رئيسة، شملت «الأثر الإيجابي العميق للجهود الإنسانية التي تبذلها دولة الإمارات محلياً وعالمياً، واستكشاف الفرص والتحديات ودور التكنولوجيا في المبادرات الإنسانية، مع التركيز على الابتكار لتوسيع نطاق التأثير، وأخيراً، مستقبل الإرث الإنساني لدولة الإمارات».
نهج مستدام
وأجمع المحاضرون على أن «مبادرة إرث زايد الإنساني» التي أمر من خلالها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتخصيص 20 مليار درهم للأعمال الإنسانية، تُجسّد نهج الإمارات المستدام في عمل الخير والعطاء، والبذل ومساعدة الآخرين، فضلاً عن ترسيخ رسالتها الإنسانية في نشر المحبة والسلام بين الشعوب، لتظل دولة الإمارات بجهود قيادتها الرشيدة، رمزاً للعون وإغاثة المحتاجين دون تمييز، وتصبح في صدارة دول العالم إسهاماً في مجالات العمل الخيري والإنساني.
كما دعا المحاضرون، خلال المحاضرة، التي أدارها الإعلامي الإماراتي ومقدم البرامج في قناة «سكاي نيوز عربية»، فيصل بن حريز، أهل الخير ورجال الأعمال وأصحاب الأيادي البيضاء إلى المسارعة في نشر ثقافة «الوقف الخيري»، مقترحين ضرورة توثيق الأوقاف وتسجيلها لدى الجهات الرسمية المختصة بحسب الإجراءات والقوانين المعمول بها، لضمان تحقيق الأهداف الشرعية منها، لاسيما أن دولة الإمارات لديها منظومة تشريعات وقوانين تتسم بالتطور والحداثة، كان لها دور مهم في خلق منظومة وقفية مبتكرة ومستدامة، توفر خيارات وقفية تغطي كل المجالات.
مدرسة العطاء
وأكد رئيس مجلس إدارة هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، الدكتور حمدان المزروعي، أن المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، أسّس مدرسة العطاء التي انطلقت من دولة الإمارات إلى العالم، حاملة معها قيّم الخير والإرادة الثابتة على رعاية الإنسان ودعمه أينما وجد، لافتاً إلى أن المغفور له، الشيخ زايد، حرص منذ قيام اتحاد دولة الإمارات على تخصيص جزء من ميزانية الدولة لدعم المحتاجين وترسيخ العمل الإنساني، وهو ما جعل الإمارات في صدارة دول العالم إسهاماً في مجالات العمل الخيري والإنساني.
وقال المزروعي: «لعبت دولة الإمارات منذ تأسيسها دوراً ريادياً في تقديم المساعدات للدول والشعوب الشقيقة والصديقة، إسهاماً منها في دعم مسيرة التنمية والازدهار في تلك البلدان، وكذلك مؤازرة الدول أثناء الكوارث والأزمات التي قد تعتريها أو تمر بها، وذلك إيماناً بواجبها الحضاري في تخفيف وطأة الأوضاع الإنسانية، وتقديم مساعداتها للمحتاجين، أينما كانوا دون تمييز عرقي أو ديني أو مذهبي، وهو نهج قائم على دعائم التسامح والتعايش والعمل الإنساني».
وأوضح أن الدور الإنساني الذي بات أهم السمات المميزة للإمارات دولة وشعباً، هو في الأساس نتيجة لنشأة الوالد المؤسس المغفور له، الشيخ زايد، وتأثرّه بالحياة البدوية وتعاليم الدين الإسلامي السمحة ومكارم الأخلاق، مشيراً إلى أن المغفور له، الشيخ زايد، استلهم الكثير من مميزاته الإنسانية في البذل والعطاء والكرم ومساعدة المحتاجين من معاصرته الحياة البدوية التي اعتمدت على مبدأ تقاسم الخير، وكذلك من درايته بتاريخ العرب المسلمين.
دعم طبي
وتحدّث المزروعي، عن جهود دولة الإمارات في توفير الدعم الطبي اللازم للأشقاء الفلسطينيين المتضررين من الحرب في قطاع غزّة، حيث كشف عن قيام دولة الإمارات بتأسيس وتشغيل مستشفى ميداني «بحري» عائم على متن سفينة ترسو في غزة، بجانب المستشفى الميداني البري الذي يعمل داخل القطاع.
«الوقف»
من جانبه، أكد الأمين العام لمؤسسة الأوقاف وشؤون القصّر بدبي، علي المطوع، أن إمارة دبي أقرّت منهجية مستدامة في التعامل مع «الوقف» ترتكز على تعزيز ثقافة الابتكار في الوقف وتنويعه، وتوسيع أثره التكافلي والمجتمعي، ليشمل معظم المجالات الحياتية، وذلك عبر تحفيز الجميع على الإسهام فيه والمشاركة في العمل الخيري، معتبراً أن هذه المنهجية تشكل أساساً لمبادرات وقفية إبداعية تستهدف الوصول إلى العالمية.
وقال المطوع: «في هذا الإطار تبرز العديد من الأمثلة الوقفية الساطعة، مثل مبادرات سقيا الإمارات، ووقف الأم، والمليار وجبة، وغيرها من المبادرات، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي تصب جميعها في دعم جهود العمل الخيري، وترسخ دعائم التضامن الإنساني بشكل مستمر».
وتحدّث المطوع عن قيمة الأموال والأصول الوقفية التي تديرها مؤسسة الأوقاف وشؤون القصّر بدبي، حيث أشار إلى أن القيمة الإجمالية لأوقاف إمارة دبي، وصلت إلى 10 مليارات درهم، منها أربعة مليارات درهم، معنية بالأوقاف المجتمعية، بما فيها الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية، مثل الأرامل والمطلقات والحج والعمرة، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن وصول قيمة الأوقاف لهذا المبلغ يعبّر عن مدى الثقة التي تحظى بها المؤسسة من مختلف فئات المجتمع.
جزء أصيل
وفي مداخلاتها أفادت وكيل مساعد لقطاع التنمية الاجتماعية في وزارة تنمية المجتمع، حصة تهلك، بأن العمل الخيري والإنساني هو جزء أصيل من الهوية الإماراتية، ويمثّل جوهر ثقافتها وممارسة مجتمعية راسخة، تطوّرت وتوسعت آلية عملها مع تطور الدولة، ليصبح العمل الخيري والاجتماعي اليوم منظومة مؤسسية متكاملة تنظيمياً وتشريعياً، بوجود أكثر من 1000 مؤسسة نفع عام على مستوى الدولة، منها الإنسانية والاجتماعية والخيرية والثقافية والبيئية وغيرها، تضم في عضويتها أكثر من 500 ألف منتسب لهذه المؤسسات، لافتة إلى أن هذه المؤسسات كان لها دور كبير في تقديم أكثر من 400 مليون درهم خلال جائحة «كوفيد-19».
وقالت تهلك: «دولة الإمارات تحتضن أكثر من 200 جنسية حول العالم، اكتسبوا من أبناء دولة الإمارات ثقافة البذل والعطاء، وقاموا بنقلها إلى مجتمعاتهم وأسرهم»، موضحة أن قيم التكافل المجتمعي والابتكار والمرونة في تعزيز نتائج المشاريع الوقفية تنطلق دائماً من فكر قيادتنا الرشيدة، بتوسيع الأثر الإيجابي باستمرار.
. 10 مليارات درهم القيمة الإجمالية لأوقاف دبي، منها 4 مليارات «مجتمعية».