حذر أطباء من مخاطر جلوس الطلاب لفترات طويلة أمام الأجهزة اللوحية، خصوصاً أن كثيراً من المدارس فرضت الكتب الرقمية، ما يعرض الطلاب لأمراض في الرقبة والعمود الفقري والعيون حال الاعتماد المفرط عليها، داعين إلى الموازنة بين المناهج على الكتاب الرقمي والكتاب المطبوع.
وأكدوا أن الكتاب المطبوع يعد أكثر راحة من الرقمي بالنسبة للعين، إذ يسبب الكتاب الرقمي ما يُعرف بـ«الإجهاد الرقمي للعين»، فيما كشفوا عن أن الجلوس فترات أطول أمام الأجهزة اللوحية تسبب في زيادة عدد المصابين بالتيبس العضلي وانحناء فقرات الرقبة بين الطلاب.
وتفصيلاً، شكا ذوو طلبة من تحول المناهج الدراسية في مدارس أبنائهم للكتب الرقمية (E-books) بصورة كاملة، معربين عن تخوفهم من تأثيرها السلبي في العيون والعمود الفقري لدى الأطفال جراء الجلوس مدة طويلة أمام الأجهزة.
وقالت ولية أمر طالبة، نورا خالد، إن «مدرسة ابنتها تحولت بالكامل إلى الكتب الإلكترونية، ويضطر الطالب إلى المكوث ساعات أطول أمام الشاشات، ما قد يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض العمود الفقري والتهاب العيون».
وقال ولي أمر طالبين، وائل إبراهيم، إن «بعض المدارس تطبق الكتب الرقمية (e-books) من الصف الثالث وحتى الثاني عشر إلزامياً، الأمر الذي يجعلنا نواجه صعوبة في مذاكرة الدروس مع الأبناء، إضافة إلى مخاوفنا من التأثير في عيونهم من الجلوس طويلاً أمام الحواسب الإلكترونية».
وأكدت ولية أمر، عائشة علي، أن الكتب الرقمية خفّفت من حمل الطلبة بالحقائب المدرسية، لكن الكتاب الرقمي له مخاطر بسبب الجلوس طويلاً أمام الحواسيب.
وعلق استشاري طب الأسرة، الدكتور عادل سجواني، بأن الأجهزة اللوحية صارت جزءاً من حياة الطلاب، إلا أن هناك العديد من المخاطر التي تهددهم في حال الاستخدام المفرط لها، أبرزها مشاكل في المفاصل والرقبة، مشيراً إلى ظهور نوع من أمراض الرقبة سمي حديثاً بـ«رقبة التواصل الاجتماعي»، يحدث خلاله تآكل في فقرات الرقبة وتشوهات في الفقرات، إضافة إلى آلام المفاصل والكتف، وضعف وضمور في العضلات نتيجة للجلوس لفترات طويلة. وتابع: «من المشكلات أيضاَ ظهور آلام في اليدين، بما يسمى بمتلازمة النفق الرسغي، وضغط على العصب الأوسط في اليدين والكفين».
ونصح الطلبة بالاعتماد على الكتب المطبوعة، واستخدام الرقمية لفترات محددة، وممارسة التمارين الرياضية للرقبة والمفاصل.
بدوره، قال أخصائي جراحة الأعصاب والعمود الفقري، الدكتور هاني عبدالرحيم، إن «الكتاب الرقمي جعل الطلبة يقضون معظم اليوم أمام الشاشة، فضلاً عن استخدامه في تصفح منصات التواصل الاجتماعي، ما يتسبب في زيادة عدد المصابين بالتيبس العضلي وانحناء فقرات الرقبة».
وأضاف: «في حال تكرار استخدام هذه الأجهزة تحدث استقامة لفقرات الرقبة، ما يسبب شداً عضلياً وآلاماً للرقبة، ويحدث ضعف في كبسولات الأقراص الغضروفية بين الفقرات، ما قد يسبب الانزلاق الغضروفي والذي يتزايد بين المراهقين ويرجح السبب في ذلك إلى سوء استخدام هذه الأجهزة».
وتابع: «لتجنب الإصابة بآلام الرقبة والانزلاق الغضروفي يجب تقليل عدد الساعات التي يقضيها أبناؤنا في تصفح الأجهزة».
من جهتها، قالت رئيسة قسم العلاج الطبيعي في مستشفى التداوي بدبي، الدكتورة نجوان فتحي: «تستقبل العيادات كثيراً من المراجعين الذين يعانون مضاعفات الجلوس لفترات طويلة أمام الأجهزة اللوحية، خصوصاً طلبة المدارس»، مشيرة إلى أن «أهم الأعراض تتمثل في آلام الرقبة والتشنجات العضلية في منطقة ما بين لوح الكتف أو ما يعرف بالعصبة». ولفتت إلى أن استخدام الأجهزة اللوحية بوضع خاطئ عن طريق انحناء الرأس للأمام مع الجلوس بميل، وعدم استقامة الجلسة قد يؤدى إلى مضاعفات صحية على الرقبة والظهر، وتكون شائعة في مرحلة البلوغ، خصوصاً مع حمل حقائب المدرسة الثقيلة أو الاستذكار لساعات طويلة بوضع خاطئ. وأضافت: «من الأعراض الشائعة حالياً في الأطفال، نوبات الصداع، خصوصاً الصداع الخلفي أسفل الرأس، الذي عادة ما يكون مصحوباً بشكوى جفاف العين بسبب الجلوس لفترات طويلة أمام الأجهزة اللوحية».
ونصحت الدكتورة نجوان باختيار وضعية الجلوس الصحيحة أمام مكتب أو طاولة، بحيث يكون الجلوس على كرسي بوضع معتدل بدون ميل أو انحناء مع الحفاظ على الرقبة في وضع معتدل غير مائل للأمام، وتكون الأكتاف ملامسة من الخلف للكرسي وبدون انحناء للأمام واستخدام حامل للأجهزة اللوحية، يتم تثبيته في مستوى النظر، وأخد فترة راحة بين فترات الجلوس المستمرة، مشيرة إلى أن ممارسة تمارين الاستطالة لعضلات الرقبة والكتف والظهر من أفضل طرق الوقاية.
وقال استشاري طب وجراحة العيون، الدكتور حسام البربري، إن «الكتاب المطبوع أكثر راحة من الرقمي بالنسبة للعين، كون الكتاب الإلكتروني يسبب الإجهاد للعين».
وأضاف: «أجهزة القراءة الإلكترونية تصدر تدفقاً من الضوء، ما يتسبب في احمرار العين وتورمها وغزارة الدمع على عكس الكتب الورقية والتي يمكن قراءتها دون أي مشكلات بالعين». وتابع: «كثيرون ينسون تغميض العين أثناء قراءة الكتب الإلكترونية، ما يقلل حركة الرمش للعين رغم أنها ضرورية لصحة العين وترطيبها».
وأضاف: «لا يؤدي الكتاب الورقي إلى جفاف العين، فعادة ما يرمش البشر نحو 15 مرة كل دقيقة». ودعا البربري، إلى استشارة طبيب العيون للتأكد من سلامة النظر، وإمكانية استخدام النظارات العاكسة لتصفية الضوء الأزرق، والمداومة على استخدام القطرات المرطبة للعيون حال استخدام الكتب الإلكترونية لأوقات طويلة.
الفحص السنوي لعيون الأطفال
قالت استشاري طب العيون الدكتورة جوليا سيمبير: يجب على أولياء الأمور مراعاة صحة العيون، خصوصاً وأن مشاكل النظر تعد من الأسباب الأكثر شيوعاً لضعف الأداء المدرسي والتي تسبب الصداع وصعوبة التعلم.
ونصحت بضرورة إجراء الفحص السنوي لعيون الأطفال في سن المدرسة حتى لو لم تظهر عليهم أعراض.
وتابعت: تظهر العديد من الدراسات أن هناك علاقة واضحة بين التحصيل الدراسي الضعيف والمشاكل البصرية، لذلك يُنصح بالفحص المبكر من أجل تحديد ما إذا كان طفلك يعاني من أي من هذه المشاكل الصحية. وقالت إن الكثير من الأطفال لا يشكون أو لا يشعرون أن لديهم مشاكل في الرؤية.