تمثل “العيدية” أحد المظاهر الرئيسية لاحتفالات العيد داخل دولة الإمارات؛ لاسيما وأنها جزء أصيل من العادات الاجتماعية المتوارثة، إلا أن قيمتها تغيرت في الوقت الحالي عما كان عليه في السابق مع تغير اهتمامات الأطفال، حيث باتت الألعاب الإلكترونية تتصدر اهتمامات الأطفال بالعيدية، فضلاً عن التنافس بين الأطفال فيما بينهم على الادخار وجمع مبالغ أكبر، فيما دعا مختصّان إلى ضرورة تنمية روح المسؤولية المجتمعية والقيمة الاقتصادية لدى الأطفال.
وقال المدير التنفيذي لمؤسسة وطني الإمارات ضرار بالهول الفلاسي، إن مناسبة عيد الفطر تعتبر موعداً مهماً للأسرة الإماراتية والعربية على حدٍّ سواء، وامتداداً لأعمال مباركة تتوّجها صلة الأرحام والتماسك والتراحم الأسري والمجتمعي، كما أنها أيضاً فرصة لإعادة النظر في الموروث الثقافي والتاريخي وتعريف الأبناء بتراثهم الإماراتي العريق، لاسيما أن العادات الإماراتية الأصيلة تتوارث من عهد الأجداد إلى يومنا هذا، وتتمثل في الحرص على التماسك الأسري والاجتماع ونبذ الفرقة والتواصل الإيجابي.
وأضاف لـ”الإمارات اليوم”: “السنع جزء لا يتجزأ من الاحتفالات، حيث يتجول الأطفال من بيت إلى آخر مرتدين ملابسهم الجديدة ويحملون العادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة بين أياديهم وألسنتهم، وتحركاتهم تتخذ شكلاً مميزاً يميز الإماراتي بين أقربائه وجيرانه، بجانب تعزيز قيم الاحترام والتقدير لكبار السن وبر الوالدين وصب القهوة وآداب الجلوس، وهي قيم أصّلها الآباء في أبنائهم ونقلها الأبناء إلى الأجيال المقبلة”.
وقال الفلاسي: “وإذا ما تحدثنا عن فرحة العيد ففي الماضي كانت حياة الأطفال أكثر بساطة وتواضعاً، حيث كانوا يعيشون في مجتمعات ذات طابع بسيط وتقليدي، وكان احتفال الأطفال بالعيد يتمثل في الفرح بالعيدية البسيطة والملابس الجديدة والألعاب التقليدية مثل الكرة والطائرة والخيمة، فكان احتفالاً مليئاً بالبهجة والسرور حتى وإن كانت العيدية قليلة المبلغ”.
وواصل: “أما اليوم فقد غيّرت التكنولوجيا وسائل الترفيه للأطفال، حيث أصبحت الألعاب الإلكترونية والأجهزة الذكية تلعب دوراً مهماً في حياة الطفل، وأدى ذلك إلى تغيير توقعات الأطفال ومعايير السعادة والفرح بهذه المناسبة، ما يدفعهم إلى المطالبة بعيدية أكبر، وتعتمد فرحتهم على قيمة العيدية ونوعية الهدايا التي يتلقونها”.
وذكر أن التكنولوجيا ليست سيئة بحد ذاتها، فهي توفر فرصاً جديدة للتعلم والترفيه والتواصل الاجتماعي، ومع ذلك ينبغي أن نتوخى الحذر من السماح للتكنولوجيا بالهيمنة على حياة الأطفال وتشويه معاني العيد والتراث الثقافي، وإعادة تأصيل قيم البساطة والتواضع في نفوس الأطفال وتعليمهم أهمية الاحتفال بالعيد والتواصل مع الأقارب والأصدقاء بغض النظر عن قيمة العيدية ونوعية الهدايا. كما يمكن للأسر تشجيع الأطفال على استخدام العيدية بشكل مسؤول وتعليمهم قيمة الادخار والتخطيط المالي، كما يمكن أيضاً توجيه الأطفال لاستخدام جزء من العيدية في الأعمال الخيرية والتبرعات، ما يساعد على تنمية روح المسؤولية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي.
من جانبها، قالت المستشارة الأسرية الدكتورة بدرية الظنحاني، إن العيدية هي الهبة التي يمنحها الأهل والأقارب في العيد، وتترجم بمبلغ مالي يعطيه كبار العائلة للأبناء بدلاً عن الهدية العينية؛ فهي عادة قديمة تضفي فرحاً على العيد، وتعدّ من أهم مظاهره، إذ يطلبها الصغار من دون حرج وينتظرون الأقارب والضيوف في أيام العيد، على أمل أن يحظوا بالنقود الوفيرة.
وأضافت: “العيدية تحمل السمات القديمة ذاتها، غير أنها تختلف عن الماضي من حيث القيمة. وهي في كل الأحوال لغة مشتركة للفرح، وعيد آخر يتجدَّد سنوياً؛ فـ”العيدية” وسيلة تكمِّل بهجة العيد وأيامه العامرة بالمودة والسعادة.
وتابعت: “لا يجب أن ننسى القيم التي نُعلّمها لأبنائنا وهي قيمة صلة الرحم والصدقة والقيمة الاقتصادية، حيث أن العيدية فرصة ذهبية لتعليم أطفالنا قيمة المال وكيفية إدارته، وتحديد الأولويات وأهمية وطرق الادخار.
وشرحت أن الأطفال يجتمعون آخر يوم في العيد لإحصاء “غنائمهم” من العيدية والتباهي بمن جمع أكثر، وينفق الأطفال عيدياتهم على الألعاب والحلوى وفي المدن الترفيهية، وبعض الأطفال يدخرونها لشراء بعض الهدايا، أو منحها صدقة.
بدورها، عبّرت الطفلة سلامة علي النقبي عن أهمية العيدية بالنسبة لها، قائلة: “قدوم عيد الفطر المبارك ننتظره بكل شوق لأجمع “العيدية” من العائلة وجدّي وأخوالي والأهل والأقارب. كما أحرص على أن ارافق عائلتي لزيارة الأرحام، فالعيد والسلام على الجميع والتهنئة بهذه المناسبة التي أحصل من خلالها على العيدية وأتنافس مع إخوتي في كمية النقود التي نحصل عليها.
كما قالت شقيقتها الجوهرة علي النقبي (13 عاماً): “فرحة العيد لا توصف؛ فهي مناسبة تنشر السعادة والسرور في قلوبنا، حيث تجتمع العائلة مع بعضهم، وتشتد المنافسة فيما بيننا على من يجمع أوراقاً نقدية أكثر”.
وتقول: “بعد الحصول على العيدية ثالث يوم العيد نتفق مع العائلة أين نذهب لنستمتع ونشتري الحلويات والهدايا بالعيدية ويظل العيد بالنسبة لنا مصدراً السعادة”.