أكد مختصون أن اضطرابات النوم تعد من أبرز التحديات التي تهدد جودة الحياة في المجتمعات الحديثة، وعزوها إلى التفكير السلبي والخوف من المستقبل، محذرين من مخاطرها نفسياً وعضوياً، في حين تُظهر إحصاءات عالمية أن نحو ثلث سكان العالم يعانون أحد أشكالها.
ودعوا المصابين بالاضطرابات إلى زيارة الطبيب المختص للوقوف على أسبابها ووضع الخطط العلاجية المناسبة لها.
وتفصيلاً، قال استشاري الطب النفسي الدكتور عادل أحمد كراني، إن اضطرابات النوم زادت خلال السنوات الأخيرة بشكل ملموس، وأصبحت من أبرز التحديات التي تواجهها المجتمعات الحديثة، خصوصاً بالنسبة للشباب، حيث بدأت أعراضها تظهر عليهم.
ولفت إلى أن اضطرابات النوم لها شكلان أساسيان، الأول هو النوم بصعوبة، أو بشكل متقطع، أو عدم القدرة على النوم المتواصل لوقت كافٍ، والثاني هو فقدان القدرة على النوم لفترة قد تصل إلى أيام متتالية.
وذكر أن أسباب اضطرابات النوم ترتبط عادة بنمط الحياة الخطأ، وعدم تنظيم الوقت، أو بوجود أسباب نفسية، مثل القلق والتفكير الزائد والخوف من أن شيئاً سيئاً سيحدث.
وشرح أن الشخص الذي يفكر كثيراً بشكل سلبي أكثر من يعانون اضطرابات النوم. ويعد الحزن الشديد والاكتئاب من مسبباتها، نتيجة فقدان القدرة على الاستمتاع بالحياة، وتدني الطاقة، والانشغال بالأمور الحزينة، كما أن هناك أمراضاً تسبب اضطرابات النوم، مثل الفصام (الأوهام والضلالات)، الأمر الذي يتطلب زيارة الطبيب وتناول الأدوية المساعدة.
وأوضح أن الجسم يفرز ليلاً هرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم، لكن هذا الهرمون يتأثر بما يحدث في محيطه من الأصوات والأضواء، أو غيرهما من المؤثرات، الأمر الذي يحدث خللاً في إفرازه. كما أن الجسم يفرز هرمون «الكورتيزون» في الصباح لمساعدة الإنسان على الاستيقاظ وممارسة أعماله، لكن كثيراً من الأعمال والنشاطات الخاصة بالإنسان تنجز ليلاً – هذه الأيام – الأمر الذي يدفع الشباب والمراهقين إلى السهر ليلاً لساعات طويلة، والنوم في موعد الاستيقاظ، أو خلال ساعات النهار، لكن هذا النوع من النوم لا يشبع الجسم، ويعكر المزاج ويسبب عسر الهضم.
وأشار إلى أن الأشخاص الذين يلجأون إلى الحبوب المنومة لمواجهة اضطرابات النوم، يعرضون أنفسهم للإدمان، وبالتالي تتفاقم المشكلة.
ونصح من يعانون اضطرابات النوم بالرجوع للطبيب النفسي لتشخيص المشكلة والحصول على العلاج المناسب، للتخلص من القلق أو الاكتئاب، خصوصاً أن عدم القدرة على النوم الجيد يؤثر سلبياً في صحة الإنسان.
وأفاد استشاري الطب النفسي الدكتور محمد حسن فرج الله، بأن التحديات اليومية التي يواجهها الناس بشكل عام من ضغوط العمل إلى التغيرات السريعة في نمط الحياة، حالت دون الحفاظ على نوم صحي، مشيراً إلى أنه «مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا والابتعاد عن الروتين اليومي التقليدي، ازدادت اضطرابات النوم لتصبح تحدياً كبيراً يؤثر في جودة الحياة».
ولفت إلى أن نحو ثلث سكان العالم يعانون أحد أشكال اضطرابات النوم، داعياً إلى فهم أسبابها، وتأثيرها في صحتنا، والبحث عن أحدث الطرق لعلاجها.
وحدد أربعة أسباب رئيسة لحدوث اضطرابات النوم تتمثل في «العوامل النفسية» التي قد تحدث في بيئة العمل المزدحمة، مثل دول الخليج عموماً، حيث يلعب التوتر والقلق والأعباء المهنية دوراً كبيراً في حدوث الاضطرابات، إضافة إلى الأعباء المهنية والمسؤوليات الأسرية التي قد تؤدي إلى حدوث قلق مستمر يمنع النوم الجيد.
ويتمثل العامل الثاني في «العوامل الفسيولوجية»، مثل انقطاع التنفس أثناء النوم، وهي مشكلة شائعة في المجتمعات التي تعاني السمنة، كما أن التغيرات الهرمونية التي تحدث أثناء الحمل أو انقطاع الطمث عند النساء، تسبب هذا النوع من الاضطرابات.
ويرتبط العامل الثالث بالمؤثرات الخارجية، مثل الضوضاء والإضاءة المفرطة، أو درجات الحرارة المرتفعة خلال فصل الصيف، كما أن السفر المتكرر عبر مناطق زمنية مختلفة يربك الساعة البيولوجية.
ويتمثل العامل الرابع في «نمط الحياة»، حيث ينجم الاضطراب عن تناول الكافيين في وقت متأخر من اليوم، وتناول وجبات ثقيلة في المساء أو ممارسة الرياضة المكثفة قبل النوم، كما أن استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم يعد من العوامل التي تؤثر سلباً في جودة النوم.
وأكد أن اضطرابات النوم تؤثر بشكل كبير في الأداء العقلي والجسدي، وتؤدي إلى ضعف التركيز والأداء في العمل، وإلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وضعف الجهاز المناعي، ما يزيد احتمالية الإصابة بأمراض مثل السمنة والسكري.
ولفت إلى أن الطب النفسي توصل إلى بعض الطرق العلاجية لاضطرابات النوم، أبرزها العلاج بالضوء، ويستخدم في إعادة تنظيم الساعة البيولوجية للجسم للفئات التي تعمل بنظام المناوبات أو تسافر بشكل متكرر، وكذلك العلاج باستخدام تقنية الاسترخاء مثل التأمل واليوجا التي يمكن أن تساعد في تهدئة العقل والجسم قبل النوم، وهي تقنيات تزداد شعبيتها في الإمارات، فضلاً عن العلاج الدوائي الذي يستخدم عند الضرورة بإشراف طبي.
وحدد وصفة للوقاية من الإصابة باضطرابات النوم تتمثل في ضرورة تحديد أوقات ثابتة للنوم، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتجنّب الكافيين والشاشات الإلكترونية قبل النوم، مؤكداً أن اضطرابات النوم ليست مجرد مشكلة صحية بسيطة، بل هي تحدٍ يؤثر في جودة حياتنا وقدرتنا على الإنجاز في مجتمع سريع ومتغير.
بدوره، أفاد أخصائي طب الأسرة والصحة المهنية الدكتور منصور أنور، بأن هناك ثلاثة أسباب عضوية يمكن أن تسبب اضطراب النوم عند الإنسان، تتمثل في حدوث خلل في عمل الغدة الدرقية، إضافة إلى اختلال نسبة معدن الماغنيسيوم، واضطراب كمية الميلاتونين التي يفرزها الجسم وتساعد على النوم.
وحول أبرز آثار اضطرابات النوم على الإنسان، قال إنها تشمل التعرض لنوبات النعاس أثناء النهار، والتي يمكن أن تحدث أثناء قيادة السيارة أو خلال فترات العمل، وقد تنتج عنها مشكلات كبيرة، على الشخص والمجتمع.
كما أن الآثار العضوية تشمل الإحساس بالإرهاق المستمر، والعصبية والخمول، وآلام العضلات وفقدان القدرة على التركيز وعدم تذكر الأشياء، فضلاً عن ضعف الجهاز المناعي للجسم، ما يجعل الإنسان أكثر عرضة للالتهابات المزمنة والأمراض المُعدية، خصوصاً أن النوم يعد أكبر فرصة للجسم لإعادة ترميم الخلايا.
• الاضطرابات تشمل النوم المتقطع وتستمر لأيام متتالية أحياناً.