يظل تعامل الدوائر المعنية في الدولة مع الأشخاص الذين تضررت سياراتهم نتيجة سقوط الأمطار أو البَرَد خلال الفترة الأخيرة هو الأرقى على الإطلاق، فقد حرصت شرطة دبي على أتمتة شهادة «لمن يهمه الأمر» لأصحاب السيارات المتضررة، وأعلنت ذلك مباشرة حتى يستطيع المتعامل التقديم عليها إلكترونياً بكل سلاسة ويسر، دون الحاجة إلى إحضار سيارته إلى مركز الشرطة.
كما أعلنت شرطة أبوظبي عبر منصتها على شبكة «إكس» إمكانية الحصول على شهادة تفيد بالضرر الذي تعرضت له المركبة بسبب الأحوال الجوية.
لقد اتخذت الجهات الشرطية في الدولة هذه الإجراءات بينما كانت مشغولة بأقصى إمكاناتها في تأمين سلامة أفراد المجتمع، والتعامل السريع مع موجة الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد، وهذا يعكس الحرص على التعامل مع أدق التفاصيل مهما كانت الظروف، بهدف حماية الناس وتأمين ممتلكاتهم.
وفي ظل هذا الاهتمام الذي نحظى به من قبل الدولة من الضروري الانتباه إلى أمور لا يفترض أن يقع فيها كل من يظله هذا الوطن، ويشمله برعايته، مثل التعامل مع موجة الأمطار بطريقة غير لائقة، أو نشر صور أو مقاطع فيديو على سبيل التقليل أو السخرية، وربما لا تكون مثل هذه التصرفات مستغربة من قبل جهات أو أشخاص يستكثرون على دولة الإمارات وسكانها الخير والرفاهية، لكن لا يمكن أن يكون مقبولاً، بل إنه غير قانوني من أشخاص يظلهم القانون الإماراتي.
وأستند هنا إلى حملة توعية رصينة أطلقتها دائرة القضاء بأبوظبي تحت عنوان «حريتك تقف عند حدود القانون»، محذرة خلالها من السخرية والإضرار بسمعة الدولة ومؤسساتها، إذ إن هذا سلوك يعاقب مرتكبه بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات، والغرامة التي لا تزيد على 500 ألف درهم، بحسب المادة رقم 25 من القانون 34 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية التي تتطرق إلى أشكال الإساءة وتشمل نشر معلومات، أو أخبار، أو بيانات، أو صور مرئية، أو مواد بصرية، أو شائعات على موقع إلكتروني أو أي شبكة معلوماتية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا القانون لم يجرّم فقط المساس بالدولة بصورة غير لائقة، وإنما تناول في مادة كاملة تجريم الإساءة إلى أي دولة أجنبية، وهذا هو معيار التحضر والرقي، وتأكيد على أهمية الوعي بواجباتنا، والحدود التي يجب ألا نتجاوزها، وإدراك أن التغاضي أحياناً عن سلوكيات مرفوضة لا يعني بالضرورة أن أصحابها بعيدون عن المساءلة.
*محكم ومستشار قانوني