قال مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، العميد سعيد الهاجري، إن الأطفال والمراهقين وحديثي العهد باستخدام شبكة الإنترنت هم الأكثر تعرضاً للجرائم الإلكترونية، خصوصاً الاستدراج والابتزاز.
وكشف لـ«الإمارات اليوم» أن المجرمين يتسللون إلى الأطفال من خلال المنصات التي يمارسون فيها أنشطتهم الترفيهية، مثل الألعاب، لافتاً إلى أن الدوريات الإلكترونية ضبطت شخصاً حاول استدراج طفل آسيوي من خلال الدردشة معه عبر إحدى الألعاب الإلكترونية، محذراً الآباء من إهمال أطفالهم.
وأكد رصد طفل سمح لأصدقائه بدخول منزله في غياب أسرته للعب معه، فتسللوا إلى صور شخصية لأسرته على جهاز الكمبيوتر، واستغلوها في ابتزاز شقيقته عبر حسابات وهمية.
وقال إن شرطة دبي أنشأت قسماً متخصصاً لمكافحة جرائم الأطفال استباقياً من خلال دوريات تجوب الإنترنت، فضلاً عن المشاركة في فريق دولي لمكافحتها على مستوى العالم ببرامج رصد متطورة.
وتفصيلاً، قال العميد سعيد الهاجري، إنه من الضروري توفير المراقبة الذكية للأبناء، وترسيخ القيم والمبادئ الأخلاقية بداخلهم، وتوعيتهم بمخاطر التأثر ببعض الثقافات التي تسود عبر منصات التواصل الاجتماعي، ويصعب على من في أعمارهم استيعابها.
وأكد ضرورة زرع الفكر النقدي بداخلهم من الصغر، وتدريبهم على كيفية التمييز بين الخطأ والصواب، لافتاً إلى أن انشغال الآباء عن الأبناء يجعلهم عرضة للمجرمين الإلكترونيين.
وتابع أن هناك جرائم عدة وقعت بسبب إهمال الأبناء من قبل ذويهم، من بينها حالة أسرة آسيوية سافرت وتركت الابن وحيداً في المنزل، فتعرف إلى شخص بالغ (آسيوي) عبر دردشة الألعاب، واستدرجه الأخير ليقابله خارج المنزل، لكن الإدارة تمكنت من خلال دورياتها الإلكترونية من رصد الجريمة، والقبض على المتهم في مكان المقابلة.
وأكد أن ترك الأبناء بمفردهم مع أجهزة الكمبيوتر والألعاب داخل المنزل يمثل خطراً كبيراً على سلامتهم، إذا لم يعرف الآباء الطرف الآخر الذي يتواصلون معه.
وأفاد بأن شرطة دبي تولي اهتماماً كبيراً بحماية هذه الفئة، وبأن الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية استحدثت ضمن إدارة المباحث الإلكترونية قسماً متخصصاً لحماية الأطفال بشكل استباقي من خلال دوريات إلكترونية تتولى عملية الرصد، وضبط المتورطين في تحميل أو مشاركة أفلام أو محتوى إباحي يخص الأطفال، لأنهم بمثابة معتدين محتملين في المستقبل، كما أن حيازة أو تحميل أو نشر هذا المحتوى في حد ذاته يمثل جريمة.
وأفاد بأن الدوريات الإلكترونية نفذت ضبطيات فعلية وسجلت بلاغات جنائية ضد مجموعة من الأشخاص، كما شاركت شرطة دبي فريقاً دولياً لحماية الأطفال على مستوى العالم، يتبادل أعضاؤه المعلومات بشأن المجرمين في البلدان المشاركة في الفريق.
وقال إن الفريق زود العمل ببرامج وتطبيقات الرصد والمتابعة، كما تم تأسيس قاعدة بيانات ومعلومات دولية مشتركة لتحقيق أقصى تعاون ممكن.
وأكد الهاجري أن شرطة دبي تطبق أعلى معايير السرية والخصوصية في التعامل مع أي بلاغات مرتبطة بالأطفال، مشيراً إلى أهمية احتواء الأطفال من قبل الأسرة حال تعرضهم لأي مشكلة، لأن بعضهم يميل إلى التكتم وعدم الإفصاح عن الجريمة التي يتعرض لها خوفاً من تحميله المسؤولية أو معاقبته من والديه.
وأفاد بأن «مخاطر الإنترنت على الأطفال متنوعة، تشمل الاستدراج والتصوير، والابتزاز بعد ذلك، فضلاً عن التنمر الإلكتروني، ومن هنا تبرز أهمية المتابعة والاحتواء»، لافتاً إلى أن شرطة دبي تحرص على تنظيم ورش عمل ومحاضرات تستهدف الأطفال والآباء للتوعية من هذه المخاطر، خصوصاً التعامل مع الغرباء، أو الثقة في أشخاص غير معروفين سلفاً لهم.
ورأى الهاجري أن بعض المشكلات الإلكترونية تقع نتيجة عدم وعي الأطفال بالمخاطر، مثل طفل دعا أصدقاءه لمشاركته الألعاب الإلكترونية في منزله، فتمكنوا بوسيلة ما من التسلل إلى ملفات شخصية تحتوي على صور لشقيقته، وأنشأوا حسابات وهمية، وهددوا الفتاة بتركيب صورها على مشاهد مخلة، بعدما أوهموها بأنهم من خارج الدولة، ما أدى إلى تدهور حالتها النفسية، وإصابتها بالقلق والاكتئاب.
وقال الهاجري إن الأسرة لجأت إلى إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، وتم تحديد هوية الأطفال، وجلبهم مع ذويهم إلى الإدارة، ثم استدعاء أسرة الفتاة المجني عليها، وعولج الأمر بصورة ودية حفاظاً على مستقبل الأطفال الذين افتقدوا التربية السليمة بسبب إهمال ذويهم، ووقّع آباؤهم على تعهد بعدم تكرار ذلك.
وأوضح أن هذه الواقعة تعكس حجم الأخطاء التي وقعت فيها أسرة الطفل الأول، بدايةً من ترك صور شخصية دون حماية كافية من الغرباء، والسماح للطفل باستدعاء أطفال غير موثوق بهم إلى منزله، مؤكداً أن «الأطفال والمراهقين في سن مبكرة ليس لديهم التمييز الكافي بين الخطأ والصواب».