نجحت هيئة البيئة – أبوظبي بإنقاذ وإعادة تأهيل عجل ذكر صغير لبقرة بحر والذي عُثر عليه في يونيو 2019 خلال عمليات المسح والتقييم الدورية التي يقوم بها مراقبو الهيئة في محمية مروح البحرية للمحيط الحيوي. ووجد العجل وحيداً بدون أمه وبعيداً عن أي قطيع، وذلك بعد أيام قليلة من الرياح الشديدة، والتي ربما تكون السبب المحتمل لانفصال العجل عن أمه والمجموعة، أو قد تكون نتيجة للاضطرابات التي شهدتها مياه البحر. وتم تسمية العجل “ملقوط” تعبيراً عن حالة هذا العجل الذي تم التقاطه ولا يعرف له صاحب.
وقام فريق الأنواع البحرية المتخصص التابع لهيئة البيئة – أبوظبي بتقييم صحة ملقوط، بدعم من خبراء أبقار البحر بالمكتب الإقليمي معاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية في أبوظبي. ونظرًا لوزنه وحالته غير المستقرة، أكد فريق الهيئة أن “ملقوط” كان يعاني من الجفاف وسوء التغذية ويحتاج إلى رعاية بيطرية متخصصة، لذا تم نقله إلى منشأة مختصة في إمارة أبوظبي، ويعمل بها أطباء بيطريون مؤهلون، حيث تمكنت الهيئة من التواصل مع عدد من الخبراء المختصين الموجودين في الدولة والتابعين لشركة مستشاري حدائق الحيوان العالمية Worldwide Zoo Consultants (WZC) لتقديم الاستشارات البيطرية والرعاية المستمرة المتخصصة في تربية الحيوانات. ونصح المتخصصون بالاحتفاظ بالعجل “ملقوط” في الأسر وذلك بسبب ظروفه الصحية وتوفر الموارد المناسبة التي تضمن مستويات عالية من الرعاية.
وتعتبر عملية الإنقاذ وإعادة التأهيل الناجحة فريدة من نوعها ومن أندر الحالات على مستوى العالم. ونجحت الهيئة في تقديم الرعاية “لملقوط” مستعينةً بالخبرة الواسعة التي تمتلكها والمتمددة إلى أكثر من 25 عاماً، والتي تضمنت إجراء العديد من البحوث والدراسات العلمية لحماية أبقار البحر والمحافظة على الموائل والأنواع البحرية. وتعتمد أبقار البحر بشكل كبير على أمهاتها في أول 18 شهر من حياتها، إلا أن الهيئة تمكنت من توفير أفضل بيئة “لملقوط” للبقاء على قيد الحياة والحصول على رعاية جيدة.
ولإعادة تأهيل “ملقوط”، تم توفير رعاية بيطرية مستمرة على مدار 24 ساعة وتم تزويده بالدعم اللازم حتى تم فطامه تدريجيًا وتدريبه على أكل الأعشاب البحرية. وللمحافظة على نوعية حياة جيدة بعد تلك الفترة الأولية، احتاج “ملقوط” إلى رعاية خاصة من الأطباء البيطريين المؤهلين، بما فيها توفير مرافق مناسبة لاستيعاب نموه وزيادة حجمه، ولحمايته من الأحوال الجوية المتقلبة ومن الضوضاء الصاخبة.
ووفرت هيئة البيئة – أبوظبي وفريق الخبراء بيئة محفزة بمساحة مناسبة لملقوط للتعرف على أنماط السلوك الطبيعي، مع ضمان نموه على المدى الطويل. وقدم فريق الأطباء البيطريين ذوي الخبرة تركيبة خاصة من الغذاء لمعالجة الجفاف وسوء التغذية. ومنذ ذلك الحين، زاد طول “ملقوط” من 60 سم إلى ما يقرب من مترين، وصُنف على أنه بقرة بحر صحية وسليمة.
وفقًا للمعلومات الصادرة عن سكرتارية مذكرة التفاهم بشأن أبقار البحر والمحاولات السابقة حول العالم، لم يتم إطلاق أي بقرة بحر تم تربيتها في الأسر بنجاح مرة أخرى في بيئتها الطبيعية حتى الآن. علماً بأن “ملقوط” يفتقر إلى غريزة البقاء الطبيعية المكتسبة في المراحل الأولى من حياة أبقار البحر – وبهدف التخفيف من أي مخاطر أخرى – قررت الهيئة عدم إطلاقه إلى البحر في الوقت الحالي. وكونه من أبقار البحر الصغيرة وعاش في بيئة خاضعة للرقابة، يتمتع “ملقوط” بمناعة أقل من الطبيعي، وقد تكيّف مع تلقي الرعاية من قبل المختصّين، الأمر الذي يعيق قدرته على التفاعل مع الأنواع الأخرى، وإمكانية تفادي الحيوانات المفترسة.
وكون أن عملية إعادة تأهيله تمت بنجاح، فإن أفضل خيار “لملقوط” هو مواصلة حياته تحت إشراف ورعاية بشرية متسقة. وتعتبر قصة بقائه على قيد الحياة دليلاً على جودة رعاية الأنواع المتوفرة في إمارة أبوظبي. والهيئة وشركاؤها مجهزون بشكل جيد لرعاية “ملقوط”، كما سيتمكن فريق من الأطباء البيطريين وخبراء أبقار البحر من متابعة حالته بشكل مستمر.
وقالت الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي، الدكتورة شيخة سالم الظاهري: “نريد مشاركة قصة “ملقوط” مع العالم لأنها حالة نادرة وفريدة من نوعها، خاصة أن أبقار البحر من الأنواع التي تعتمد على أمها خلال أول عامين من حياتها، وجعلنا ذلك ندرك المهمة التي تنتظرنا، وأن ملقوط سيحتاج إلى مراقبة ورعاية على مدار الساعة لضمان بقائه على قيد الحياة. خلال إعادة تأهيله، نما “ملقوط” بشكل كبير وكان يقوم بعمل رائع، الأمر الذي يعتبر خير مثال على أهمية التعاون المحلي والدولي في إنقاذ الأنواع في مختلف أنحاء العالم، حيث عمل فريق خبرائنا بهيئة البيئة – أبوظبي عن كثب مع خبراء المكتب الإقليمي لأمانة معاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية، وفريق مذكرة التفاهم الخاصة بحماية وإدارة أبقار البحر ومواطنها في دول الانتشار، وكذلك مع الأطباء البيطريين البحريين المتخصصين، لضمان تقديم أفضل رعاية ممكنة “لملقوط”.