حذّرت وزارة الداخلية وجهات حكومية عدة، مع حلول شهر رمضان، الأفراد من إرسال أموال تبرعاتهم وزكاتهم، إلى الحسابات المجهولة التي تنشط كل عام خلال الشهر الفضيل، وتروّج لأعمال خير مزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتستهدف الاستيلاء على أموال المحسنين.
ودعت الأفراد إلى توجيه أموالهم إلى الجمعيات الخيرية المرخصة والمعنية بجمع التبرعات والزكاة، وضمان إيصالها إلى مستحقيها من المحتاجين من الفقراء.
ورصدت «الإمارات اليوم»، خلال الأيام الماضية، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، نشاط إعلانات احتيالية عبر منصّات وتطبيقات التواصل الاجتماعي والرسائل الهاتفية، تدعو الأفراد إلى التبرع لهم بصدقاتهم وزكاتهم، تحت ذريعة حملات إفطار الصائم، ومساعدة الأسر المحتاجة، في لفتة ظاهرها إنساني يجسد روح الإخاء والتكافل بين أطياف المجتمع عن طريق تحويل المساعدات المالية على أرقام حسابات مصرفية، وفي حقيقتها عمليات احتيال تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف الاستيلاء على أموال المحسنين.
رسائل
وجاء في أحد الإعلانات «باقي أيام على أعظم الشهور رمضان الكريم والكثير من الناس في حاجة وعوز، وهذه الفرصة العظيمة ما تتفوت أدخل وتبرع ولو بـ10 دراهم واكسب أجر إفطار صائم، ولا تنسون الأموات من نية الصدقة».
وذكر مواطنون ومقيمون أنهم رصدوا أخيراً، انتشار إعلانات ورسائل عدة، تصلهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المحادثات الهاتفية، فضلاً عن الرسائل الهاتفية والبريد الإلكتروني، تحثهم على التبرع لحملات إفطار صائم، وقوافل خيرية، وحالات مرضية، مصحوبة بصور لأماكن وأشخاص خارج الدولة، وأرقام حسابات لتحويل مبالغ مالية عليها، مشيرين إلى أن هذه الحسابات تدعي أنها حسابات لعمل الخير، وهي في حقيقتها «حسابات شر»، تستهدف سرقة أموال فاعلي الخير، وتتستر وراء أعمال خيرية مزيفة.
خداع وتزييف
وأكد المواطنون والمقيمون: أحمد سعيد وهزاع البلوشي وناصر حميد ومحمد نوح وسارة خالد، أنه مع بدء شهر رمضان كل عام يُقدّم الكثير من سكان الدولة تبرعات سخية، تدفع ضعاف النفوس إلى محاولة الاستيلاء على جزء منها عبر وسائل خداع وتزييف لحالات إنسانية، حيث يستغلون إقبال الكثيرين على العمل الخيري، خلال هذا الشهر، ويقومون بالترويج لجمع التبرعات، من دون الحصول على إذن مسبق من الجهات المعنية، لتصبح عملية التبرع عشوائية، ولا تصل الأموال إلى مستحقيها.
وأشاروا إلى امتداد النصب والاحتيال باسم المحتاجين إلى شبكات التواصل الاجتماعي التي توسعت في مجال جمع التبرعات بشكل كبير، حيث ينتحل بعض المحتالين صفة جمعيات خيرية، ويقومون باستعراض بعض الحالات الاجتماعية الوهمية، والصور المزيفة، ونشر طلبات تبرع لها، ويكتشف المتبرعون اختفاء هذه الصفحات عقب جمع مبالغ كبيرة.
تحذير
من جانبه، حذّر مكتب ثقافة احترام القانون في وزارة الداخلية أفراد المجتمع من الأساليب الاحتيالية للمتسولين، سواء على أرض الواقع أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لاستدرار عطفهم، من أجل الوصول إلى غاياتهم.
ودعا عبر «الإمارات اليوم» أفراد المجتمع كافة إلى التعاون مع الفرق التي شكلتها الجهات الشرطية لمحاربة هذه الظاهرة بالإبلاغ عن أي حالة من حالات التسول التي تصل إلى علمهم، وعدم التعاطف مع أمثال هؤلاء الأشخاص الذين يستغلون مشاعرهم بطرق احتيالية في الغالب، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية والقيادات العامة للشرطة توفر طرقاً عديدة للإبلاغ من أي مكان بالدولة عبر رقم غرفة العمليات (999) الموحد بالدولة، وعبر القنوات التي يتم الإعلان عنها والمخصصة لمكافحة التسول.
ظاهرة دخيلة
وأكد المكتب، أن التسوّل ظاهرة دخيلة على المجتمع الإماراتي، ومظهر من المظاهر التي تسيء إلى الوجه الحضاري للدولة التي يقوم كيانها على التكافل الاجتماعي، بما وفرته من سبل العيش الكريم للمواطنين والمقيمين على أرضها، حيث إن من يمارس هذه السلوكيات لا يملك أي نوع من الثقافة التي ترفع من مستوى الإنسان، وتحافظ على عدم هدر كرامته.
وحثّ أفراد المجتمع على التعاون في الإبلاغ عن المتسولين، وعدم التبرع بأموالهم إلى الإفراد والجهات المجهولة عبر الإنترنت، والتي يكون هدفها هو الاستيلاء على أموالهم.
«التصيد الاحتيالي»
من جانبه، أكد الخبير التقني سامح عبدالله، أن المحتالين يستغلون شهر رمضان لعمليات النصب الإلكتروني بأساليب الاحتيال المختلفة، مشيراً إلى أنهم يحاولون خداع الأفراد عن طريق إرسال رسائل إلكترونية مزيّفة الهوية، تحثهم على التبرع لجهات خيرية وحالات إنسانية، حتى يشاركهم الضحية معلوماته الشخصية وبيانات الدفع الخاصة به، وهذا ما يُعرف باسم «التصيد الاحتيالي». وقال إن هذه الرسائل الإلكترونية، قد تتضمن شعارات جهات خيرية معروفة، وصور حالات إنسانية، مشدداً على أهمية الحذر والانتباه إلى أنشطة التصيد، وعدم الانسياق وراء الإعلانات الخادعة.
سياسة جمع التبرعات
ونظّمت دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، أخيراً، ورشة تعريفية لتوضيح سياسة وخدمات جمع التبرعات في أبوظبي، تضمنت التعريف بالأطر القانونية لأنشطة جمع التبرعات، وآلية تقديم وجمع التبرعات، والحقوق والواجبات عند تقديم التبرعات، مؤكدة على أنها الجهة المختصة بإصدار تصاريح جمع التبرعات في إمارة أبوظبي، بموجب أحكام القوانين والتشريعات المنظمة لجمع التبرعات، وذلك في إطار تنظيم عملية جمع التبرعات في الإمارة وحفظ أموال المتبرعين.
وشددت الدائرة على حظر جمع التبرعات من الجمهور، من خلال الأشخاص، وذلك لصعوبة مراقبتها والإشراف عليها، سواء من ناحية مراقبة مصادر جمع التبرعات أو الجهات المستفيدة منها، وتفادياً للتعرض للنصب والاحتيال أو الاستغلال، لافتة إلى أن الجهات المرخص لها بجمع التبرعات هي الجمعيات الخيرية، والهيئات والمؤسسات الاتحادية والمحلية والأهلية، التي تمنح لها قوانين أو مراسيم وقرارات إنشائها جمع وتلقي وتقديم التبرعات.
وأرجعت الدائرة حصر عملية جمع التبرعات من خلال الجمعيات الخيرية والجهات المرخص لها إلى أن جمع وتقديم وتلقي التبرعات هو عمل أساسي للجمعيات الخيرية المرخص لها، وعليه فهي تمتلك الخبرة الواسعة والإمكانات اللازمة لتنفيذ مثل هذه المهام.
مخالفات وعقوبات
أفادت دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي بوجود ثلاثة أنواع من مخالفات بنود قانون جمع التبرعات، وعقوبتها جميعاً الحبس والغرامة التي لا تقل عن 200 ألف درهم ولا تزيد على 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، حيث تشمل المخالفة الأولى كل من تلقى تبرعات أو هبات أو وصايا أو إعانات من أي شخص أو جهة من خارج الدولة بالمخالفة للإجراءات والضوابط المعمول بها، فيما تختص المخالفة الثانية بكل من اتجر بأموال التبرعات أو دخل في مضاربات مالية أو توزيع إيرادات أو عوائد على أعضاء الجمعيات أو موظفيها، بينما تختص المخالفة الثالثة بكل من أتى بأي فعل أثناء جمع أو قبول أو تقديم التبرعات من شأنه الإضرار بالنظام العام أو الأمن الوطني أو الآداب العامة أو تشجيع أي منازعات طائفية أو عرقية أو عنصرية أو دينية أو ثقافية أو غرض غير مشروع وفق التشريعات السارية في الدولة، مشيرة إلى أن القانون نص على أنه في جميع الأحوال تحكم المحكمة بمصادرة التبرعات التي تم جمعها بالمخالفة لأحكام هذا القانون، وبإبعاد الأجنبي بعد تنفيذه العقوبة المحكوم بها عليه.
14 وسيلة لجمع التبرعات
حددت دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي 14 وسيلة يمكن من خلالها جمع التبرعات، تشمل: الحسابات البنكية الخاصة بجمع التبرعات، أجهزة الصراف الآلي للبنوك المرخصة في الدولة، المنصات الرقمية، الاستقطاعات الشهرية من الحسابات البنكية، وسائل التواصل الاجتماعي، العروض التسويقية والترويجية المختلفة وما يصاحبها من طلب التبرعات. وتضمنت بقية الوسائل، الإيداعات المباشرة في الحسابات البنكية، وسائل الإعلام المختلفة، الحفلات والأسواق والمعارض والمزادات والفعاليات الخيرية، الصناديق أو «الكوبونات» مدفوعة القيمة أو التبرعات النقدية مقابل الإيصالات، الرسائل النصية القصيرة، الاتصالات الهاتفية، التحويلات الخارجية، إضافة إلى الإعلانات عبر المواقع الإلكترونية المختلفة.
. خبير تقني يحذر من رسائل إلكترونية مشبوهة قد تتضمن شعارات جهات خيرية معروفة وصور حالات إنسانية.
. حظر جمع التبرعات من الجمهور عبر الأشخاص، وذلك لصعوبة مراقبته والإشراف عليه.