بلغ الإنفاق العالمي على شراء الأسلحة رقماً قياسياً هو 2.443 تريليون دولار، وفق تقرير جديد نشره، الإثنين الماضي، معهد أبحاث السلام الدولي في العاصمة السويدية استوكهولم.
وتزايد الإنفاق العسكري في شتى أنحاء العالم بنسبة 6.8%، بالقيمة الحقيقية خلال عام 2022، وهو أعلى ارتفاع منذ عام 2009، وفق مركز البحث السويدي الذي راقب الإنفاق العسكري لدول تستند على مصادر مفتوحة منذ ستينات القرن الماضي. وشهدت جميع المناطق زيادة في الإنفاق، لكن أوروبا وآسيا وجزر المحيط الهادئ، والشرق الأوسط، شهدت أكبر زيادة.
وقال مؤلف التقرير، نان تيان: «تعد الزيادة غير المسبوقة في الإنفاق العسكري، استجابة مباشرة لتدهور الأمن والسلام في العالم. وباتت الدول تضع في أولوياتها القوة العسكرية، لكنها تخاطر بدوامة من الفعل وردود الفعل في المشهد الجيوسياسي والأمني المتقلب بصورة متزايدة».
وكما الحال في الماضي القريب، جاءت الولايات المتحدة في قمة الدول الأكثر إنفاقاً على التسليح، حيث بلغت فاتورة التسليح فيها 916 مليار دولار، تلتها الصين بفاتورة تسليح بلغت 296 مليار دولار، ثم روسيا التي تقدر قيمة التسليح فيها بـ109 مليارات دولار، تلتها الهند التي بلغ إنفاقها على التسليح 83.6 مليار دولار.
في حين بلغت فاتورة التسليح لدى المملكة المتحدة 74.9 مليار دولار، مقابل 66.8 مليار دولار لألمانيا، بينما بلغ إنفاق أوكرانيا العسكري 64 مليار دولار (لا تتضمن 35 مليار دولار إضافية مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة وشركائها في حلف شمال الأطلسي «الناتو»)، وبلغ إنفاق فرنسا على التسليح 61.3 مليار دولار.
وكنسبة من إجمالي الناتج المحلي لدول العالم، ارتفع الإنفاق العسكري بنسبة 2.3% عام 2023، وأصبح الإنفاق العسكري لكل شخص هو الأعلى منذ عام 1990، أي منذ اقتراب الحرب الباردة من نهايتها، وبلغت حصة الفرد 306 دولارات.
معالجة أزمة المناخ
ويعادل مبلغ 2.5 تريليون دولار نحو ضعف المبلغ الذي التزم العالم بجمعه، من أجل معالجة أزمة تغير المناخ، التي تَعتبر دول جنوب الكرة الأرضية، على نحو خاص، أنها تشكل أكبر تهديد لأمنها، على الرغم من أنها ليست من الدول ذات الانبعاثات الغازية التي تلوث البيئة. ووصل التمويل المخصص لمعالجة أزمة المناخ العالمي إلى ارتفاع قياسي في 2021 و2022، وتجاوز تريليون دولار للمرة الأولى ليصل إلى نحو 1.3 تريليون دولار، وفق تقرير صادر عن «مبادرة سياسة المناخ» في العام الماضي، لكن التقرير أشار إلى أن هذه الزيادة تظل أقل بكثير مما يحتاج إليه العالم لتجنّب الآثار السيئة لأزمة تغير المناخ.
وبلغ الإنفاق العسكري لدول «حلف الناتو» – وعددها 31، وفق تقرير مركز البحث السويدي – نحو 1.31 تريليون دولار، أو 55% من فاتورة العالم للإنفاق العسكري، حيث تدفع الولايات المتحدة نحو ثلثي هذا المبلغ بنسبة تصل إلى 68% من ميزانية «حلف الناتو»، في حين أن دول الاتحاد الأوروبي دفعت 28% منها. ودفعت تركيا وكندا ما تبقى، وهو نسبة 4% من ميزانية الحلف.
حرب أوكرانيا
وبعد عقد من التزام دول «حلف الناتو» بدفع 2% من إجمالي ناتجها المحلي على الجيوش، وفت 11 دولة بهذا الالتزام أو تجاوزته في عام 2023، وفق التقرير. وقال المشارك في كتابة التقرير، لورنزو سكاراتزاتو: «بالنسبة لدول (حلف الناتو) الأوروبية، أدى العامان الماضيان من الحرب في أوكرانيا إلى حدوث تغييرات جذرية في وجهة نظرها الأمنية. وعكس هذا التغير نظرتها إلى التهديد المحدق بها وزيادة نسبة الأموال المخصصة للإنفاق العسكري من إجمالي الناتج المحلي، وباتت هذه الدول تنظر إلى التزام «الناتو» بنسبة 2% من إجمالي ناتجها المحلي على أنه الحد الأدنى، وليس العتبة التي يجب الوصول إليها.
وفي عام 2023، زاد إنفاق الجيش الروسي بنسبة 24% من إجمالي الناتج المحلي، وفق تقرير البحث السويدي، بزيادة قدرها 57% على 2014، عندما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم. وكانت ميزانية الجيش الروسي تعادل 5.9% من إجمالي الناتج المحلي عام 2023، وهي جزء صغير من 37% من إجمالي الناتج المحلي الذي تُنفقه أوكرانيا على جيشها، باستثناء المساعدات التي تتلقاها من الخارج. وإذا تم احتساب هذه المساعدات، فسيصل إجمالي المبلغ المخصص للجيش الأوكراني إلى 100 مليار دولار، أو 91% من ميزانية الجيش الروسي.
وبالنظر إلى أن ميزانيتها العسكرية بلغت نحو 300 مليار دولار، أصبحت ميزانية الصين العسكرية تعادل نصف الإنفاق العسكري لدول آسيا الأخرى، وجزر المحيط الهادئ في عام 2023، وفق تقرير استوكهولم. ويمثل هذا الرقم زيادة بنسبة 6% على ما كانت عليه في عام 2022، كما أنه العام الـ29 الذي تزداد فيه الميزانية العسكرية الصينية بصورة متعاقبة.
جيران الصين
وأشار التقرير إلى أن العديد من جيران الصين باتوا يحددون ميزانياتهم العسكرية، وفقاً للإنفاق العسكري لدى الصين. وزادت اليابان التي كانت في المرتبة العاشرة عالمياً من حيث الإنفاق العسكري عام 2023، إنفاقها العسكري بنسبة 11% على ما كانت عليه في عام 2022 ليصل إنفاقها العسكري إلى 50.2 مليار دولار. وزادت تايوان ميزانيتها العسكرية بنسبة 11% لتصل إلى 16.6 مليار دولار.
أما في ما يتعلق بالشرق الأوسط، فقد زاد الإنفاق العسكري الإجمالي بنسبة 9% لدُوله ليصل إلى 200 مليار دولار، وهو أعلى معدل زيادة في الإنفاق العسكري خلال العقد الماضي.
وزادت إسرائيل ميزانيتها العسكرية إلى 27.5 مليار دولار، بحيث أصبح ترتيبها الخامس عالمياً كأكبر إنفاق عسكري، متقدمة على كندا وعلى ثالث أكبر ميزانية عسكرية في المنطقة وهي تركيا، التي بلغت ميزانيتها العسكرية نحو 16 مليار دولار. وزاد الإنفاق العسكري في إيران بصورة ضئيلة للغاية تعادل 6%، بحيث أصبحت ميزانيتها العسكرية نحو 10.3 مليارات دولار.
وأشار التقرير إلى زيادة الإنفاق العسكري في قارة أميركا، خصوصاً في أميركا الوسطى والمكسيك التي حاولت حكومتها دعم قواتها الأمنية ضد الجريمة المنظمة خلال العقد الماضي. وذكر التقرير أن الميزانيات العسكرية تزايدت بنحو 55% في هذه الدول منذ عام 2014. وزادت البرازيل أيضاً إنفاقها العسكري بنسبة 3.1%، حيث بلغت ميزانيتها العسكرية نحو 23 مليار دولار، بعد أن قدّم الكونغرس البرازيلي تعديلات دستورية، من شأنها زيادة الميزانية العسكرية بنسبة تبلغ 2% من إجمالي الناتج المحلي في الحد الأدنى. عن «رسبنسبل ستيتكرافت»
. الولايات المتحدة تتصدر قائمة الدول الأكثر إنفاقاً على التسليح، حيث بلغت فاتورة التسليح فيها 916 مليار دولار.
. الإنفاق العسكري الإجمالي ارتفع في الشرق الأوسط إلى 200 مليار دولار، وهو أعلى معدل خلال العقد الماضي.