رفعت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال قمة في بروكسل، أول من أمس، أصواتها ضد الهجرة غير الشرعية، داعية «بشكل عاجل» إلى قانون يسرّع عمليات الترحيل، وذلك في ختام مناقشات أبرزت أيضاً خلافات حادة داخل التكتل الأوروبي.
وقالت الدول الأعضاء في استنتاجات القمة: «يدعو المجلس الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات حازمة، على كل المستويات، لتسهيل وزيادة وتسريع عمليات العودة، انطلاقاً من الاتحاد الأوروبي».
كما دعت الدول الأعضاء، المفوضية الأوروبية إلى تقديم «اقتراح تشريعي جديد» في أقرب وقت ممكن.
وقد أخذت رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لايين، زمام المبادرة الإثنين الماضي، مقترحة قانوناً جديداً لم يُحدد جدوله الزمني بعد.
وفي وقت سابق، ناقشت الدول الـ27 – باستفاضة – مسألة «مراكز العودة»، وهو اقتراح لنقل المهاجرين إلى مراكز استقبال في بلدان خارج الاتحاد.
وأظهر القادة الأوروبيون خلافاتهم بعد أن أرسلت إيطاليا أول دفعة مهاجرين إلى مراكز استقبال في ألبانيا.
وقال رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، إن «مراكز العودة» هذه لا «تعالج أياً من المشكلات، بل تخلق مشكلات جديدة».
من جهته، قال المستشار الألماني أولاف شولتس، إنه «يجب الحد من الهجرة غير النظامية، وفي الوقت نفسه يجب أن يظل الاتحاد الأوروبي منفتحاً على هجرة العمالة الماهرة».
ويُعدّ طرد المهاجرين غير النظاميين «الحلقة المفقودة» في سياسة الهجرة الأوروبية. وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، لدى وصوله إلى بروكسل: «علينا أن نفكر خارج الأنماط المعهودة».
وبحث القادة الأوروبيون خصوصاً في الاقتراح المثير للجدل بشأن «مراكز العودة»، نقل المهاجرين إلى مراكز استقبال في دول خارج الاتحاد.
وأبرمت إيطاليا بقيادة رئيسة الحكومة وزعيمة حزب «إخوة إيطاليا» اليميني المتطرف، جورجيا ميلوني، اتفاقاً مثيراً للجدل مع ألبانيا، حيث بدأ وصول أول المهاجرين الذين تم اعتراضهم في المياه الإيطالية.
وانتقد العديد من المسؤولين الأوروبيين هذه الفكرة. وقال شولتس أمام الصحافة، إن هذه المراكز ليست سوى «قطرة في بحر»، و«ليست حلاً» لـ«الدول الكبرى» مثل ألمانيا.
بدوره، قال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، إن هذه «المراكز» «لم تُثبت أبداً في الماضي» أنها «فعالة جداً، وكانت دائماً مكلفة جداً».
كما تعارض إسبانيا هذه الوسيلة، فيما تلزم فرنسا الحذر، داعية إلى «تشجيع العودة حين تسمح الظروف بذلك»، بدلاً من ترحيل المهاجرين «إلى مراكز في دول أخرى».
من ناحيته، قال دبلوماسي أوروبي، إن المباحثات «مبهمة وأولية»، وإنه ليست هناك خطة بشأن هذه المراكز. ونظم الإيطاليون اجتماعاً غير رسمي بحضور ميلوني، لتشجيع «هذه الحلول المبتكرة» لمواجهة الهجرة، شاركت فيه 10 دول، بينها هولندا واليونان والنمسا وبولندا والمجر، كما حضرت رئيسة المفوضية.
وتتولى المجر في ظل حكم رئيس الوزراء القومي فيكتور أوربان، الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي حتى نهاية ديسمبر المقبل، حيث ستستضيف القمة المقبلة في الثامن من نوفمبر في بودابست.
وفي مايو، الماضي اعتمد الاتحاد الأوروبي ميثاق الهجرة واللجوء الذي يُفترض أن يدخل حيز التنفيذ في منتصف عام 2026، مع تشديد التدقيق على الحدود وإنشاء آلية تضامن بين الدول الـ27 في معالجة طلبات اللجوء، حيث دعت دول مثل ألمانيا وفرنسا إلى تسريع تطبيقه.
إلى ذلك، عادت قضايا الهجرة لتطغى على جدول الأعمال، بدفع خاص من أحزاب اليمين المتطرف التي تسجل تقدماً في كثير من دول أوروبا.
وقالت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن، التي حضرت في بروكسل اجتماعاً لكتلة «وطنيون من أجل أوروبا»، وهي ثالث قوة سياسة في البرلمان الأوروبي بعد انتخابات يونيو، إن البعض في الاتحاد الأوروبي «يسمع ما كنا نقوله منذ سنوات».
وشددت حكومات عدة لهجتها وطالبت بتبسيط القواعد في مجال طرد المهاجرين غير النظاميين.
وقال دبلوماسي أوروبي، إن «المحرك الفرنسي الألماني يدفعنا إلى التحرك».
وكانت فون دير لايين، وجهت الإثنين الماضي، رسالة إلى الدول الـ27، مقترحة قانوناً جديداً من شأنه مراجعة «توجيهات العودة» الصادرة عام 2008، من أجل تسهيل عمليات الترحيل على الحدود.
وكانت مبادرة مماثلة فشلت في 2018، لكن «بعد ست سنوات، تطور النقاش نحو يمين» الخريطة السياسية، كما قال مسؤول أوروبي.
ويأتي هذا التشدد في اللهجة مع انخفاض عدد عمليات العبور غير القانونية التي رصدت على حدود الاتحاد الأوروبي، بنسبة 42% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما أفادت وكالة مراقبة الحدود الأوروبية (فرونتكس).
• الاتحاد الأوروبي اعتمد في مايو الماضي ميثاق الهجرة واللجوء الذي يُفترض أن يدخل حيز التنفيذ منتصف 2026.
• القادة الأوروبيون بحثوا الاقتراح بشأن «مراكز العودة»، أي نقل المهاجرين إلى مراكز استقبال في دول خارج الاتحاد.