لقد كان أكثر من 700 تعهد في مؤتمر المياه التابع لمنظمة الأمم المتحدة، الذي اختتم أعماله في نهاية الأسبوع الماضي، بمثابة استجابة غير كافية لأزمة المياه العالمية المتفاقمة. ولكن اللجنة العلمية التي التزمت المنظمة بإنشائها، جنباً إلى جنب مع مبعوث جديد للمياه، يجب أن تساعد في تحقيق قدر أكبر من الوضوح وزيادة الوعي بالمخاطر المتزايدة.
ويشمل ذلك ارتفاع مستوى سطح البحر والفيضانات والجفاف والأحوال الجوية القاسية الأخرى الناجمة عن الاحتباس الحراري، وعدم وصول نحو ملياري شخص إلى مياه الشرب النظيفة. والمشكلة هي أن الالتزامات التي قطعها الحاضرون، الذين كان من بينهم عدد قليل جداً من قادة العالم، طوعية وغير ملزمة للتنفيذ. وبالنظر إلى التعهدات المناخية الأخرى، في الماضي، هناك كل الأسباب للقلق من عدم الوفاء بالوعود.
غضب
شعر العديد من المشاركين في المحادثات، التي استمرت ثلاثة أيام في نيويورك، بالغضب من الدور البارز الذي تلعبه الشركات، بما في ذلك الشركات المصنعة التي تستخدم المياه بكثافة، ونقص تمثيل المنظمات الشعبية من البلدان الفقيرة الأكثر تضرراً. كما هي الحال مع التقارير الأخيرة عن تأثير شركات النفط في الولايات المتحدة، هناك مخاوف متزايدة بشأن الطرق التي تسعى الشركات من خلالها إلى تشكيل التشريعات البيئية، والفهم العام للتهديدات، لتعزيز مصالحها الاقتصادية قصيرة الأجل.
ومع ذلك، كان أول مؤتمر الأمم المتحدة بشأن المياه، منذ عام 1977، بمثابة تذكير بأن الموارد الشحيحة يجب ألا تؤخذ أمراً مسلماً به. وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن ذلك «يجعل كوكبنا غير صالح للسكن»، وأن «الاستهلاك المفرط» يجب أن يتوقف. والجفاف الذي ضرب الصومال العام الماضي، والذي يُقدر أنه تسبب في وفاة 43 ألف شخص، والفيضانات في باكستان، ما هي إلا مؤشرات قاتمة لما ينتظرنا في المستقبل. ويرتبط نحوالي 10% من الزيادة العالمية في الهجرة بنقص المياه، كما أن النزاعات المسلحة المرتبطة بالتنافس على المياه آخذة في الازدياد.
المشكلة المركزية
هناك أسباب وجيهة للتركيز على الحرارة الخطرة عندما نفكر في حالة الطوارئ المناخية، لأن ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن غازات الاحتباس الحراري هو المشكلة المركزية، وهي مشكلة تستمر في أن تصبح أكثر خطورة مع استمرار ارتفاع الانبعاثات. ولكن الحد من الانبعاثات هو جزء واحد من الحل لحالة الطوارئ التي من المؤكد أن تزداد سوءاً، حتى لو نجحنا في النهاية في منع أكثر النتائج كارثية. ويعد ارتفاع مستويات سطح البحر أولوية ملحة للدول المنخفضة والجزرية، التي يمكن أن تختفي تحت المياه.
ويعتبر إنتاج الغذاء وتوليد الطاقة من أكثر المجالات استهلاكا للمياه. وبسبب التطوّر التقني، شهد القرن الأخير ارتفاعاً في معدلات سحب المياه العذبة ستة أضعاف تقريباً. والآن، فإن الدول الأفقر هي الدافع وراء الطلب. ومع ذلك، لايزال ربع سكان العالم لا يحصلون على مياه الشرب الكافية، بينما يفتقر نصفهم إلى الصرف الصحي الأساسي، وهو أحد أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
وبشكل متأخر، أصبحت الحاجة إلى تحسين إدارة المياه، وضمان التوزيع العادل وكذلك الحفاظ عليها، على جدول الأعمال البيئي الأوسع. ولكن، كما هي الحال مع كل جانب من جوانب أزمة المناخ، فإن الاستجابة تتخلف عن الواقع. والاتجاه المستمر نحو خصخصة إمدادات المياه مثير للقلق، وكذلك نقص التحويلات المالية من الدول الغنية. وكانت هناك بعض الأخبار السارة، إذ أشار تقرير للأمم المتحدة، صدر قبل المؤتمر مباشرة، إلى أن كفاءة استخدام المياه على مستوى العالم قد ارتفعت بنسبة 9% من عام 2015 إلى عام 2018. وحذّر مؤلف التقرير، ريتشارد كونور، من أن هناك حاجة إلى «اتفاقيات مُلزمة»، بدلاً من تحديد أهداف عالمية يمكن تجاهلها وبالتالي عدم بلوغها. وفي ما يتعلق بالأداء الحالي، يبدو أن كونور على حق.
• %10 من الزيادة العالمية في الهجرة، بسبب نقص المياه.
• بسبب التطوّر التقني، شهد القرن الأخير ارتفاعاً في معدلات سحب المياه العذبة ستة أضعاف تقريباً.
• كفاءة استخدام المياه على مستوى العالم ارتفعت بنسبة 9% من عام 2015 إلى عام 2018.