- الأب والزوج والأم أكثر ممارسي العنف تجاه النساء و«اللفظي» الأكثر انتشاراً بين عينة الدراسة
- أهمية التوعية والتنشئة الاجتماعية الصحية القائمة على احترام الأدوار.. وإنشاء مراكز إيوائية للمعنفات
آلاء خليفة
قام فريق من الأكاديميين الباحثين من جامعة الكويت بالتعاون مع شركة «آسيا للاستشــــارات البحثيــــة والاحصائية» بدراسة عن العنف تجاه النساء في الكويت لقياس مدى الحاجة لمركز إيواء واستشارات وخط ساخن للنساء المعنفات في الكويت، وقد شارك في الدراسة، التي حصلت «الأنباء» على نسخة منها، كل من د.لبنى القاضي، د.مها السجاري، د.أنوار الخرينج، د.أحمد الصبر، د.دلال البالول، ود.حمد العسلاوي.
وشارك في الدراسة ما يقرب من عشرة آلاف امرأة في الكويت، وكانت معظم المشاركات من عمر 18 إلى 25 سنة، حيث بلغت نسبتهن من إجمالي المشاركات 47% بينما الفئة العمرية التي تليها فكانت بين 26 و33 حيث بلغت نسبتهن 17%، وأتت الفئة العمرية الثالثة ما بين 34 و41، حيث بلغت نسبتهن 13%.
وفيما يخص الحالة الاجتماعية، كانت أغلبية المشاركات في الدراسة عازبات (53%) ومتزوجات 40%، بينما المطلقات شكلن 6% من إجمالي المشاركات.
وفيما يخص التعليم، كان ما يقارب ثلثي المشاركات من حملة شهادة البكالوريوس (67%) بينما حملة شهادة الدبلوم فكن 14% ودون الثانوية شكلن 12%. وما يقارب نصف المشاركات (49%) يعملن في القطاع الحكومي، وما يقارب الثلث (30%) يعملن في القطاع الخاص. وأتت المشاركات من مختلف المحافظات الست وكان توزيعهن حسب المحافظة متقاربا جدا.
درجة انتشار العنف
وفيما يخص مدى انتشار العنف ضد النساء في الكويت، فقد تم سؤال المشاركات ما إذا كن يعرفن نساء يتعرضن للعنف في الوقت الحالي، حيث أعربت 2772 مشاركة وبنسبة 35.5% عن معرفتهن لنساء يتعرضن للعنف حاليا.
وبسؤال المشاركات ما إذا كن هن يتعرضن للعنف حاليا، فقد تبين أن 8% من إجمالي عينة مجتمع الدراسة أعربن عن أنهن يتعرضن للعنف حاليا ويحتجن الى التدخل العلاجي العاجل.
وعنــد جمـــع النسبة الإجمالية للنساء اللاتي يتعرضن للعنف حاليا (43.5%) ومقارنة ذلك بالتعداد الإجمالي للنساء في الكويت، فإنه توجد 20 امرأة من كل عشرة آلاف امرأة حياتهن مهددة بالخطر.
هوية المعتدين
وفيما يخص هوية المعتدين، فإن أبرز المعتدين على النساء كن الأقارب من الدرجة الأولى.
أشكال العنف
وفيما يخص أشكال العنف التي تعرضت اليها النساء أتى العنف اللفظي (مثل الشتائم أو التحقير أو الإهانة) في المرتبة الأولى 6.9%، ومن ثم العنف النفسي (مثل الحبس أو الحرمان أو الابتزاز) 4.8%، ومن ثم العنف الجسدي (مثل الضرب أو الركل أو الشد) 4.3%، ومن ثم العنف العقلي (مثل التلاعب العقلي أو إشعار الضحية بالغباء والتخلف والمرض) 3.7%.
وبعد ذلك أتى العنف الاقتصادي (مثل الاستغلال المادي أو السرقة أو إغراق الضحية بالديون) 2.4%، وفي المرتبة الأخيرة العنف الجنسي (مثل استخدام أدوات أو ممارسات مريضة وبالإكراه) 0.9%.
خط ساخن 7/24
وأعربت أغلبية عينـة الدراسة عـــن تأييدهــن لوجـــود خط ساخــن يعمـــل طــوال الـ 24 ساعة وعلى مدار الأسبوع لاستقبال أي حالة طارئة قد تكون حياتها معرضة للخطر.
مركز نهاري للاستشارات
وأعربت 98% من المشاركات عن حاجتهن لوجود مركز نهاري للاستشارات يقدم الإرشاد والعلاج اللازمين لجميع النساء الواقعات ضحايا للعنف، سواء للحالات الطارئة أو الحالات التي لا يوجد خطر يهدد حياتهن.
مأوى وسكن للمعنفات
ولفتت 86% من المشاركات بالدراسة الى الحاجة لوجود مأوى أو سكن للنساء المعنفات يوفر الحماية للضحايا المهددة حياتهن بالخطر.
وقد أشارت د.مها السجاري الى أن نتائج الدراسة الاستطلاعية حسب المتغيرات الاجتماعية والديموغرافية لأفراد عينة الدراسة على جميع محافظات الكويت هي مؤشر بأن هناك رغبة شديدة بإيجاد المراكز الايوائية والخط الساخن ومراكز للاستشارات الاجتماعية والنفسية للنساء المعنفات، هذا بالإضافة إلى أن هناك رغبة عالية في المجتمع الكويتي، وخاصة عند الفئة الشبابية بإنشاء مراكز إيوائية للنساء المعنفات، كما أشارت الدراسة إلى أن الأب والزوج والأم كانوا أكثر الأفراد الممارسين للعنف تجاه النساء، وأن العنف اللفظي كان أكثر أنواع العنف انتشارا بين أفراد عينة الدراسة.
وأوضحت د.لبنى القاضي أن نتائج هذه الدراسة أتت متطابقة مع احصائيات منظمة الصحة العالمية، حيث إن 30% من النساء في المجتمع يعانين من العنف، وأن المعتدي هو أحد أقارب الضحية من الدرجة الأولى، مشددة على أن المجتمع يحتاج الى توعية مكثفة وعلى فترات طويلة في كيفية بناء علاقات أسرية صحية تكون مبنية على التفاهم والاحترام وخالية من أشكال العنف المختلفة.
كما يجب توعية الوالدين حول أن هناك طرقا صحية كثيرة من الممكن يستخدمونها لتوصيل الفكرة من دون اللجوء الى العنف.
من جهتها، أوضحت د.أنوار الخرينج ان من أهم الأسباب التي تدفع الناس الى الاعتداء على الآخرين، سواء كانوا رجالا أو نساء هو عدم الوعي بمفهوم العنف اصطلاحا نظريا، وبذلك ينشأ جيل يرى أن مثل تلك الممارسات حق مشروع وجزء من الممارسات التربوية، خصوصا في المجتمعات التي تعزز الذكورة بشكل قد يخرج عن الإطار أو السياق الخاص بالوصاية والرعاية والحماية الى التعدي على حقوق الأخت أو الزوجة أو البنت والتي قد تصل الى حرمانهن من التعليم أو العمل أو الحق في تقرير المصير.
ولفتت د.الخرينج إلى أهمية التوعية والتنشئة الاجتماعية الصحية القائمة على احترام العلاقات والأدوار والاختلافات والمسافات والخيارات، مشيرة إلى أن من الاستراتيجيات المهمة والتي قد تلعب دورا محوريا في توعية النساء بأشكال العنف لتجنب الوقوع بها أو تشجيع الضحايا الحاليين على رفضها أو الإبلاغ عنها والتي قد تنقذ الكثير من الضحايا ألا وهي استراتيجية تسليط الضوء على الناجيات من العنف وكيف تغلبن على مشكلتهن حتى يدفعن بالأمل للنساء المعنفات حتى يلجأن لطلب المساعدة المهنية.
كذلك أوضحت دلال البالول أن العمل مع مشاكل الناس يحتاج الى خصائص علمية وشخصية يجب ان تتوافر عند مقدمي الخدمة، فيجب ان يكونوا على قدر عال من الكفاءة العلمية والمهاراتية وعلى قدر عال من تحمل المسؤولية وحفظ خصوصية وسرية العملاء.
العشوائية والمزاجية
أما د.أحمد الصبر فقال ان البعد عن العشوائية والمزاجية والتفرد في عملية اتخاذ القرار واستبدال ذلك بالاحتكام الى الأدلة العلمية هو العمود الفقري والمحور الرئيسي لتقدم الشعوب وتحقيق الخطط التنموية وتتبع درجة تحقيقها وقياس تحدياتها وتقويمها.
جهود مبعثرة
وفي الختام، قال د.حمد العسلاوي انه حتى هذه اللحظة يتم التعامل مع مثل هذه القضايا بجهود مبعثرة غير منظمة وفق أنظمة وسياسة وبروتوكولات قانونية وأمنية واجتماعية تحقق سلامة ورفاهية الضحايا وتقدم لهن خدمات على كفاءة عالية.
لذا، تعتبر هذه القضية مسؤولية الحكومة في المقام الأول في ان توفر مثل هذه الخدمات المتكاملة التي تقابل احتياجات الضحايا وإبعاد ما يتعرضن له من عنف واضطهاد. وذلك يأتي بعد منظمات المجتمع المدني والتي بدورها تساند المؤسسات الحكومية وتسد الثغرات التي لا يمكن أن تسدها الحكومة من خلال توفير مصادر مجتمعية حكومية وأهلية وتطوعية لتكمل إشباع بعض الاحتياجات الأخرى.
وأشار د.العسلاوي إلى أنه لا يمكن العمل في هذه القضية والمضي قدما في انجاز مثل هذا المشروع بشكل متكامل الأركان والخدمات إلا بصياغة سياسات اجتماعية تبين أهمية دور هذا المركز وما يحتويه من خدمات، وكذلك آلية عمله بالتعاون مع بقية أجهزة الدولة ذات العلاقة دون صدام أو ازدواجية في الخدمات. وهذا يأتي بعد تحديد الأولويات لسد الاحتياجات التي قدمها الفريق المشرف على هذه الدراسة انطلاقا من مسؤولياتهم الوطنية والعلمية والأخلاقية والشرعية، مشيرا إلى أنه بات لزاما علينا كحكومة ومجتمع ان نعزز الرفاهية الاجتماعية وان نهتم بقضية حساسة لأحد أهم مكون اجتماعي صانع للأجيال وهي المرأة، فالاهتمام بصحتها النفسية والعقلية ودعمها اجتماعيا لمواجهة بعض المصاعب التي تعتريها بسبب بعض العلاقات المريضة أو العادات والتقاليد البالية التي تدعم أو تسوق أو تغطي بعض السلوكيات غير السوية التي تمارس ضد المرأة هو ليس مطلبا، بل واجب علينا جميعا لخلق جيل من الأبناء على قدر عال من العلم والوعي الذي يجنبهم القيام أو الاشتراك أو التسهيل أو التغاضي عن أي شكل من أشكال العنف.