ازدادت في الآونة الأخيرة ظاهرة بيع أدوية ومكملات غذائية عبر مواقع الإنترنت وحسابات التواصل الاجتماعي.
ورصدت «الإمارات اليوم» مواقع إلكترونية، وحسابات عبر وسائل «التواصل»، تروج لتلك المنتجات، بأسعار منافسة، مقارنة بالأدوية المتوافرة في الصيدليات المرخصة، إضافة إلى خلطات عشبية تحمل ادعاءات طبية مضللة، ولجأ مروجوها إلى الإعلان عنها عبر خدمات إعلانية مدفوعة، لضمان وصولها إلى أكبر شريحة من أفراد المجتمع.
وحذّر أطباء مختصون من شراء أي منتجات دوائية بعيداً عن الصيدليات المرخصة، منعاً للتعرض لمضاعفات صحية تشكل خطراً كبيراً على حياة مستخدميها.
وأكدوا لـ«الإمارات اليوم» أن هذه المنتجات عادة ما يكون ضررها أكبر بكثير من نفعها، مع عدم مأمونيتها بمعزل عن الإشراف الطبي، حيث قد يسبب استخدامها دون إشراف طبي إصابة الكبد أو الكلى بأضرار بالغة، مشيرين إلى أن تأثير الدواء نفسه يختلف من شخص لآخر، ويجب ألا يؤخذ بعيداً عن الإشراف الطبي، وذلك بعد إجراء فحوص وتحاليل لازمة تبيّن صلاحية الدواء لكل شخص دون آخر.
براهين وأدلة
وقال أخصائي طب الأسرة والمجتمع في مستشفى «ميدكلينك بارك فيو» في دبي، الدكتور عادل سعيد سجواني، إن «معظم الأدوية عادة ما يعمل على الكبد والكلى، وبالتالي فإن استخدام أي منتج طبي دون إشراف طبي قد يضر بهذين العضوين»، مضيفاً: «يجب أن يكون الطب مبنياً على البراهين والأدلة، أما ما يعرف بالطب البديل، فمعظمه ليس مبنياً على دراسات، لذلك يجب اللجوء إلى كل ما هو مثبت علمياً».
وأكد أن «تحقيق فائدة لشخص ما بعد تناوله منتجاً طبياً حصل عليه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لا يعني أن المنتج أو الخلطة مناسبان للجميع، حيث لا يعمم المنتج العلاجي إلا بعد دراسات موسعة، وتجربة على عدد كبير من الأشخاص، وتحديد حجم الأضرار الجانبية المحتملة».
وأشار إلى أن «كثيراً ممن أصيبوا بأمراض ومشكلات صحية في الكلى، ثبت لاحقاً أنها بسبب استخدامهم منتجات عشبية، أو منتجات لم تخضع لدراسات علمية».
وطالب سجواني الجميع بالاعتماد فقط على المنتجات التي خضعت لاعتمادات من جهات صحية رسمية محلية وعالمية.
وقال إن «التخصص الطبي يعد من أهم الأمور التي تجب مراعاتها عند اختيار الطرق العلاجية، حيث لا يمكن لطبيب جراح أن يعالج مريض السكري، وكذلك لا يملك الطبيب الباطني المعلومات الجراحية، فكل شعبة وتخصص من الطب يتطلب دراسة سنوات، ولا ينبغي تجاهل هذه المعلومات واللجوء إلى غير المختصين طلباً للعلاج».
متاجرة
من جهته، ذكر أخصائي طب الأسرة في مستشفى تداوي بدبي، الدكتور ماجد شراب، أنه لاحظ انتشار عروض لبيع أدوية ومكملات غذائية عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة، محذراً من شراء أو تناول مثل هذه الأدوية دون وصفات رسمية من المراكز الطبية أو المستشفيات المعتمدة في الدولة، ودون إشراف طبي أيضاً.
وقال إن معظم تلك الأدوية أو المكملات يكون لتخسيس الوزن، وعلاج نقص الفيتامينات، لافتاً إلى عدم مأمونية مثل هذه الأدوية بمعزل عن الإشراف الطبي، تفادياً لأضرارها ومضاعفاتها السلبية الكبيرة على صحة الإنسان.
واعتبر شراب أن بيع الأدوية من خلال الفضاء الإلكتروني، بعيداً عن أعين الرقابة، متاجرة بأمراض المرضى وآلامهم، خصوصاً أن كثيراً من هذه المنتجات يصل إلى المشترين في منازلهم، دون معرفة جيدة بالبائع، ومصدر هذه الأدوية، ومدى مطابقتها للمواصفات.
اشتراطات
بدوره، أفاد استشاري طب المجتمع والصحة العامة، الدكتور سيف درويش، بأن معظم المنتجات الدوائية التي تباع عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، يكون غير مرخص، وغير قانوني، ويكون ضررها أكبر بكثير من نفعها، وتستهدف مشتريها باللعب على وتر الأمل في الشفاء والتعافي، دون تبيان إن كانت تضر بفئة معينة أم لا.
وأوضح أن كثيراً من المرضى يراهنون على صحتهم بشراء هذه المنتجات من مواقع وحسابات إلكترونية غير مرخصة، معتقدين أن التجربة قد تحقق لهم النتائج المرجوة.
وقال درويش: «لكي يتم اعتماد أي دواء للبيع بالأسواق، فإن الجهات المعنية تضع متطلبات واشتراطات مشددة لضمان سلامة المنتج، سواء من حيث عملية التخزين أو النقل، لاسيما بعد شرائه من شركات مرخصة وذات ثقة، الأمر الذي ينعكس في النهاية على سعر المنتج وجودته، فيما يجب على المريض الذي يلجأ إلى شراء المنتجات الطبية عبر الإنترنت أن يتساءل عن مدى توافر هذه الاشتراطات التي تضمن سلامتها ومأمونيتها».
وأضاف أن من الممكن أن يعالج الإنسان عضواً باستخدام هذه الأدوية، ويضر بأعضاء أخرى، حيث قد تحتوي على مواد سامة وغير مناسبة، وقد تسبب أمراضاً خطرة، مثل الفشل الكلوي وأمراض بالكبد.
وشدد درويش على ضرورة شراء الأدوية والمكملات الغذائية من خلال الصيدليات المرخصة، للوقاية من أضرار ومخاطر الغش الدوائي، الذي يجد من الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مناخاً آمناً للنمو والانتشار.
مخاطر
وذكر استشاري طب الأسرة والصحة المهنية، الدكتور منصور أنور، أن إقبال مرضى على شراء وصفات وخلطات علاجية عبر الإنترنت يعد مشكلة كبيرة قد تهدد حياتهم، وتعرضهم لمخاطر صحية كثيرة، مؤكداً أنه استقبل مرضى عانوا أعراضاً صحية بسبب تناولهم منتجات طبية حصلوا عليها من مواقع التواصل الاجتماعي.
وحذّر من اقتراب أصحاب الأمراض المزمنة من خلطات الإنترنت، لأن ذلك خط أحمر، حسب تعبيره، حيث ترتفع نسبة تعرضهم لمضاعفات، وقد تصيبهم انتكاسات صحية أشد خطورة.
وحمّل أنور مروجي وبائعي تلك المنتجات المسؤولية عن النتائج التي تصيب مستخدميها، كونهم باعوها بادعاءات علاجية مضللة، أضرت بمستخدميها، وعرّضت حياتهم للخطر.