نفذ مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، جزء من مبادلة للرعاية الصحية، عملية متقدمة لزراعة جذع الدماغ السمعي على مريض شارف على الوصول للصمم الكامل بسبب مرض جيني موروث قاده للإصابة بالعديد من الأورام الحميدة داخل الجمجمة، الأمر الذي جعله شبه أصم. وكان إجراء الزراعة هو الخيار العلاجي المتاح للمريض ليتمكن من استعادة جزء من قدرته على السمع وتجنب تفاقم حالته.
وكان شيخ شمس الدين البالغ من العمر 36 عاماً يعاني من ورم ليفي عصبي، وهي حالة وراثية عرضته بمرور الوقت لنمو العديد من الأورام الدماغية الحميدة، خضع على إثرها للجراحة في مستشفى آخر إلا أنها لم تنجح بإزالة جميع الأورام. كما تفاقمت حالته الصحية وأصيب باثنين من الأورام الضخمة في دماغه والتي سببت ضغوطات كبيرة على مناطق حساسة في الدماغ وأضرت بقدرته على السمع.
وبعد فترة من الزمن، دخل المريض إلى مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي وقد وصل وضعه الصحي لمرحلة أصبح فيها شبه أصم، وباتت عائلته متخوفة للغاية من تفاقم حالته.
وحول ذلك، قال شيخ: “وصلت لمرحلة العجز عن السمع بكلتا أذني، ولم يتبق لنا حينها سوى الدعاء لإيجاد طبيب جيد ومستشفى قادر على إيجاد علاج فعال لحالتي هذه”.
ومع تراجع وضعه الصحي وتفاقم حالته، قررت أسرته التوجه إلى مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي أملاً بإيجاد ما يضع حداً لمعاناته، حيث راجع المريض الدكتور فلوريان روزر رئيس معهد جراحة الأعصاب في معهد الأعصاب، والذي أوضح لشيخ وأسرته أن الورم أثر بشكل دائم على عمل العصب السمعي، مما يعني أن أجهزة السمع الخارجي لن تحل مشكلته. وبدلاً من ذلك، اقترح الدكتور روزر إجراءً يدعى زراعة جذع الدماغ السمعي.
وشرح الدكتور روزر ذلك بالقول: “كان شيخ مصاباً بمرض جيني يعرضه للإصابة بأورام حميدة متعددة داخل جمجمته. وعلاوة على أن مثل هذه الأورام قد تهدد حياة المريض، فإنها غالباً ما تعرض المصاب بها لفقدان السمع بسبب تكونها في مناطق قريبة من العصب السمعي. وكانت الخطة أن نبدأ باستئصال الورم كإجراء ضروري لحماية حياة المريض. وفي ذات الوقت، كنا بحاجة لإيجاد حل لمشكلة خسارة السمع. لذلك كانت زراعة جذع الدماغ السمعي أفضل خيار بالنسبة له، إذ من الممكن أن تساعده في استعادة جزء من قدرته على السمع”.
وعلى الرغم من أن زراعة جذع الدماغ السمعي لا تضمن للمريض استعادة قدرته الكاملة على السمع، إلا أنها خيار قادر على مساعدته في التقاط الأصوات. وهي عبارة عن زراعة جهاز صغير جراحياً يمنح المصاب بخسارة شديدة في حاسة السمع بسبب تضرر العصب السمعي، القدرة على استشعار الأصوات. وعلى الرغم من أن تصميم ووظيفة القوقعة الصناعية والزرعات السمعية متشابهة، فإن عمل الجهاز مختلف عنها. فزراعة قوقعة الأذن يتم استخدامها لدى المرضى المصابين بضرر مباشر فيها دون تعرض عصبهم السمعي لأي إصابة. بينما تتخطى زراعة جذع الدماغ السمعي الأذن الداخلية والعصب السمعي، وتستخدم مجموعة من الأقطاب الإلكترونية لتحفيز مسارات السمع على جذع الدماغ بشكل مباشر.
وأضاف الدكتور روزر: “ليس الأمر هنا وكأننا نشغل جهازاً ما، وإنما امتلاك قدرة سمع جديدة. وعلى أي حال، فقد أفاد العديد من المرضى الذين خضعوا لهذا الإجراء بأن قدرتهم على استشعار الأصوات وقراءة الشفاه تحسنت بعده”.
إن فريق مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي متعدد التخصصات يضم نخبة من جراحي الأعصاب والأنف والأذن والحنجرة قادر الآن على تنفيذ هذا الإجراء الجراحي المعقد بنجاح تام على أرض دولة الإمارات، ضمن مساعيه وجهوده الحثيثة لترسيخ مكانته كوجهة رائدة للرعاية الطبية على مستوى المنطقة.
نفذ الفريق الجراحي في دولة الإمارات هذا الإجراء الذي ينطوي على اثنتين من العمليات الجراحية لاستئصال الأورام الدماغية الحميدة بدايةً، وهي إجراءات عالية الخطورة، نظراً لوجود الأورام في مناطق حساسة للغاية ضمن جذع الدماغ. وكانت الخطوة الأولى هي إزالة الأورام من المنطقة المراد وضع الزرعة عليها. بينما تمثلت الخطوة الثانية في الحفاظ على العصب الوجهي ليتمكن المريض من القيام بتعبيرات وجهه وحركته، والاحتفاظ بقدرته على الابتسام وإغلاق عينيه، ثم وضع الزرعة بشكل دقيق ومعقد. وبما يعتبر خطوة ثالثة بعد جراحة الورم، تم وضع الزرعة في منطقة فرعية محددة من الجذع الدماغي لإرسال التحفيز السمعي مباشرة إلى الدماغ. وتم توصيل هذا الكابل بجهاز حاسوب مصغر مزروع خلف الأذن تحت الجلد.