دخلت العلاقات المصرية–الإثيوبية مرحلة غير مسبوقة من التوتر، بعد البيان الأخير الذي أصدرته وزارة الخارجية الإثيوبية وهاجمت فيه القاهرة بلهجة حادة، متهمة مصر بـ”العقلية الاستعمارية” ورفض الحوار حول ملف مياه النيل، وهو ما اعتُبر في دوائر سياسية مصرية تصعيدًا مباشرًا وخروجًا عن حدود الخلاف الدبلوماسي التقليدي.
خبراء في العلاقات الدولية يرون أن البيان الإثيوبي أحدث نقطة تحوّل خطيرة، بعدما تجاوز حدود السجال السياسي ليصل إلى مستوى “العداء العلني”، مؤكدين أن الخطوط الحمراء في هذا الملف تم تجاوزها بشكل كامل، بما يضع المنطقة أمام احتمالات تصعيد غير مسبوقة.
الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي، اعتبر أن أديس أبابا “اختارت طريق المواجهة الشاملة بإرادة كاملة”، مشيرًا إلى أن الاتهامات الإثيوبية المباشرة واللغة العدائية الصريحة تمثل إعلان مواجهة سياسية تتخذ شكلًا جديدًا يتجاوز الأدوات الدبلوماسية التقليدية.
من جانبه، أوضح الدكتور رأفت محمود، خبير أمن الممرات المائية، أن البيان الإثيوبي يعكس مخاوف حقيقية لدى أديس أبابا من تزايد النفوذ المصري في القرن الإفريقي، سواء عبر الشراكة الوثيقة مع الصومال، أو عبر التنسيق المتنامي بين القاهرة وأسمرة، بالإضافة إلى الحضور المصري في جيبوتي ودول شرق إفريقيا.
وأشار محمود إلى أن السعي الإثيوبي المحموم للحصول على منفذ بحري على البحر الأحمر، سواء عبر إريتريا أو عبر ترتيبات أخرى، يقف في قلب هذا التوتر، خصوصًا مع معارضة مصر–بشكل مباشر أو غير مباشر–لأي خطوة تهدد أمن البحر الأحمر.
وبحسب خبراء القانون الدولي، فإن القاهرة تجد نفسها أمام خيارات «صعبة لكن حتمية» بعد فشل 15 عامًا من التفاوض، مؤكدين أن استمرار التصعيد الإثيوبي قد يعجّل باتجاه مصر إلى مسارات أخرى أكثر قوة وتأثيرًا.
ويرى محللون أن الأيام المقبلة قد تشهد تطورات متسارعة، في ظل رسائل مصرية واضحة بأن مرحلة “منح مزيد من الوقت” لإثيوبيا قد انتهت، وأن كل السيناريوهات باتت مطروحة على الطاولة إذا استمر النهج الإثيوبي الحالي.
