رغم فقده البصر فى العاشرة من عمره، ما زال «ناجح عبدالباقي»، البالغ من العمر 70 عامًا، يمارس عادته السنوية التي حافظ عليها لأكثر من 25 عامًا، فلم تمنعه إعاقته من ممارسة هوايته المفضلة وهي إيقاظ أبناء قرية «عواجة»، بأسيوط، إذ يحفظ شوارع وبيوت القرية دون أن يراها، فكان قديماً يجوبها بـ«صفيحة وعصا»، وتطور الأمر إلى شراء «طبلة» صغيرة.
مسحراتي كفيف في أسيوط
سنوات طويلة وأهالي قرية عواجة لا يعرفون سوى عم «ناجح»، مسحراتى شهر رمضان العظيم، ينهضون من فراشهم على صوته وضربات عصاه الخشبية على الصفيحة ثم على أبواب منازلهم، منادياً بالاسم على كل شخص باسمه أو لقب عائلته: «عارف البيوت بيت بيت ونفر نفر، أنا فقدت بصرى وأنا عندى 10 سنين لكن ما فقدتش بصيرتى، أنا ماشي بنور الله وربنا بيعرفني وقلبي بيدلني على كل بيت وشارع فى القرية».
4 ساعات يقضيها «ناجح» سيرًا على قدميه، يطرق الأبواب ويلتف حوله عشرات الأطفال، ومؤخراً بدأ نجله وحفيده مرافقته بـ«الدف والرق»: «بقينا بنعمل حالة حلوة فى الشارع، هدفنا إسعاد الناس والأطفال وإيقاظهم، علشان كدة بنخرج في رحلة إيمانية من الساعة 12 صباحًا نجوب الشوارع ونفرح الأطفال وبنقول أدعية وابتهالات بتلمس قلوبهم وبيبقوا مبسوطين، وبعدين نبدأ نصحّي الأهالى لتناول السحور».
ابن أسيوط رّفض العُمرة لأجل إيقاظ الناس
تقديراً لجهوده المخلصة منذ سنوات طويلة، قرر أهالي القرية توفير تأشيرة لأداء مناسك العُمرة، إلا أنه رفض: «الناس عرضوا علىّ يسفّروني عمرة رمضان، لكن طلبت تأجيلها علشان بيعتمدوا عليّ في الصحيان بدون ظبط منبهات، وجبر الخواطر أعظم عبادة في الشهر الكريم، أنا بحس بحالة فرحة وبهجة مع الأطفال وأنا بجوب الشوارع، وهما اتعودوا على صوتي سواء كنت قارئاً للقرآن أو منشداً للابتهالات أو داعياً بما تيسر لي».