عاش أيامه الأخيرة وهو يحلم بحضن أبنائه الثلاثة بعد سفرهم للعمل في أحدي الدول الأوربية، قبل سنوات، ظل وحيدا يعاني من أمراض الشيخوخة بمسكنه الكائن بمنطقة مصر الجديدة في القاهرة، لا يخشى الموت وإنما يخشى أن يحضره في غياب أبنائه.
جائحة كورونا
حالت جائحة كورونا دون التقاء الأب مع أبنائه على خلفية قرارات الغلق التي اتخذتها أغلب دول العالم، صار أبنائه في وادٍ بعيد، ولم يكن أمامه سوى اللجوء إلى الله، يدعوه في كل صلاة أن يجمعه بأبنائه قبل رحيله.
«مصطفى.م»، 77 عامًا، تنفس الصعداء بعد انقضاء الجائحة، تجدد لديه الأمل في حضن أبنائه، وسرعان ما بددت الأزمة الروسية الأوكرانية هذا الأمل المولود من رحم معاناة دامت ثلاث سنوات، خاصة بعد علمه بوضع أبنائه الحرج إثر تعرضهم لضائقة مالية إلى جانب رفض المؤسسات العاملين فيها منحهم إجازة في ظل الظروف المادية الصعبة التي خيمت على كل أركان الاقتصاد في دول العالم.
مكالمة هاتفية
فقد الرجل المسن الأمل في رؤية أبناءه قبل وفاته، تزامنًا مع تدهور حالته الصحية، وقبل 15 يوما وتحديدا بعد صلاة الفجر تلقي اتصالا هاتفيا من ابنه الأكبر، جدد أمله للمرة الأخيرة حين أخبره ابنه بأنه وشقيقيه قادمون إلى القاهرة لرؤيته وتم إخطاره بموعد الرحلة.
الذهاب للمطار
تبدل حال الرجل السبعيني من الحزن والوحدة إلى الفرح والسعادة طالبا من الله أن يمد في عمره حتى يرى أبناءه، وفي اليوم المحدد لوصول ابنائه استيقظ مبكرا كعادته لصلاة الفجر وظل جالسا في منزله حتى اقتراب موعد وصول الرحلة، فتوجه إلى مطار القاهرة، وانتظر في صالة الوصول، حتى أعلنت إذاعة المطار عن وصول الرحلة، وحينها لم يصدق أن ما يفرق بينه وبين أبنائه دقائق معدودة.
وفاة في حضن ابنه الأكبر
نصف ساعة قضاها الأب في صالة الوصول وإذا به يشاهد أبنائه الثلاثة ليبدأ احتضانهم بحرارة، وبعد الانتهاء من تلك اللحظات المفعمة بالسمو والرحمة، احتضن الب ابنه الأكبر مرة أخرى، ثم سقط على الأرض راحلا عن عالمنا وسط حالة من الذهول سيطرت على أبنائه الذين تيقنوا من رحيله
وجري نقل الجثة إلى مشرحة زينهم تحت تصرف النيابة العامة التي قررت انتداب الطب الشرعي للكشف الظاهري وصرحت بالدفن.