قال السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن العلاقات بين مصر والهند قديمة ومرت بمراحل كثيرة عبر التاريخ، مشيراً إلى أن الملف الهندى بالنسبة للقاهرة من الملفات العزيزة والغالية، خاصة لما تتمتع به القاهرة من مكانة مرموقة بالنسبة لنيودلهى، والآن نجدد علاقة تاريخية طويلة الأمد مع الطفرة التى تشهدها السياسة الخارجية، مؤكداً أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يحمل على عاتقه ملف السياسة الخارجية المصرية عبر سلاح جديد وهو «الدبلوماسية الرئاسية».
وأضاف «بيومى»، فى حواره لـ«الوطن»، أن مصر من الناحية الفنية مؤهلة لحضور الاجتماعات والفعاليات التى تشهدها قمة العشرين، وهذا يعد ميزة قوية لمصر، والدعوة الهندية تؤكد مدى العلاقة القوية بين القاهرة ونيودلهى.. وإلى نص الحوار:
بداية.. حدثنا عن العلاقات المصرية الهندية والطفرة التى تشهدها خلال الفترة الأخيرة.
– العلاقات بين مصر والهند قديمة ومرت بمراحل كثيرة عبر التاريخ، وتوطدت فى العصر الحديث وتحديداً فى القرن العشرين أثناء فترة الاستعمار البريطانى، حيث إنه كان هناك ترابط وتوافق فى الأفكار بين سعد زغلول ومصطفى النحاس والمهاتما غاندى، مروراً بصداقة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ورئيس الوزراء الهندى نهرو، والذى وقع معه ورئيس يوغسلافيا جوزيف تيتو، أول اتفاق تجارة حرة.
كما أسست مصر مع الهند مجموعة دول عدم الانحياز، حيث تطابقت السياسات بين القاهرة ونيودلهى فى الكثير من الأفكار والرؤى، وكان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تجمعه صداقة بوزير الخارجية الهندى الأسبق فينجاليل كريشنا مينون، وفى مرحلة لاحقة غيرت مصر الشركاء فى الخارج عقب انهيار الاتحاد السوفيتى، وتحولت إلى الاتحاد الأوروبى، الذى أصبح أكبر شريك لمصر، لكن على الرغم من ذلك، فإن الهند لم تتراجع عن التعاون الثنائى مع مصر، فالملف الهندى بالنسبة للقاهرة من الملفات العزيزة والغالية، كما أن مصر لها مكانة مرموقة بالنسبة لنيودلهى، والآن نجدد علاقة تاريخية طويلة الأمد مع الطفرة التى تشهدها السياسة الخارجية المصرية فالرئيس عبدالفتاح السيسى يحمل على عاتقه ملف السياسة الخارجية المصرية عبر سلاح جديد وهو «الدبلوماسية الرئاسية».
كيف تقيم دعوة الهند لمصر كـ«ضيف شرف» لاجتماعات مجموعة العشرين التى ترأسها الهند؟
– تُمثل اقتصادات الدول الأعضاء فى مجموعة العشرين مجتمعة حوالى 90% من إجمالى الناتج العالمى، و80% من التجارة العالمية، أو 75% فى حالة عدم احتساب التجارة البينية فى الاتحاد الأوروبى، وثلثى سكان العالم، وحوالى نصف مساحة اليابسة، ومصر من الناحية الفنية مؤهلة لحضور الاجتماعات والفعاليات التى تشهدها قمة العشرين، وهذا يعد ميزة قوية لمصر والدعوة الهندية تؤكد مدى العلاقة القوية بين القاهرة ونيودلهى، كما أن العلاقات متعددة الرئاسة تتيح الفرصة للقاء الزعماء أكثر فى وقت قياسى وشركات عالمية وشرح مواقف مصر السياسية والاقتصادية.
الرئيس السيسى يحمل على عاتقه ملف السياسة الخارجية عبر سلاح «الدبلوماسية الرئاسية»
ماذا عن المجال الاقتصادى والتنمية المستدامة؟
– فى المجال الاقتصادى، تم توسيع الاستثمارات الهندية فى مصر وتشجيع الشركات فى البلدين، وشهد الترحيب المصرى تدفق المزيد من الاستثمارات الهندية، مع وعد بتقديم الحوافز والتسهيلات، مصر تدرس لإمكانية تخصيص مساحة أرض، خاصة للصناعات الهندية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتعزيز التعاون الثنائى فى مجالات بناء القدرات وتبادل الخبرات فى المجالات التنموية، والتعاون فى تجارة السلع الاستراتيجية وتعزيز سلسلة التوريد للمواد الغذائية، إضافة إلى عدم التسامح مطلقاً مع الإرهاب وجميع من يشجعونه ويدعمونه ويمولونه أو يوفرون ملاذات للإرهابيين، وتعزيز قيم السلام والتسامح والشمولية وبذل جهود مُتضافرة لمُكافحة الإرهاب وأيديولوجياته.
وتعزيز التفاعُل بين مجلسى الأمن القومى فى مصر والهند، وفى مجال التنمية المستدامة، إيلاء أولوية قصوى لقضايا تغير المُناخ والبيئة والتنمية المستدامة وتشجيع استخدام الطاقة الجديدة والمُتجددة، تبادل الخبرات والنماذج التى يتم تطويرها للتكيف وبناء المرونة فى مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ، دعم مصرى لمبادرة «أسلوب حياة من أجل البيئة» التى أطلقها رئيس الوزراء الهندى، دعم هندى لمبادرة «اتحضر للأخضر» التى أطلقها الرئيس لتغيير السلوكيات ونشر الوعى البيئى.
وتقديم نماذج مصرية وهندية للعالم أجمع عن الاستدامة وكيفية العيش فى وئام مع الطبيعة، والالتزام الراسخ باتخاذ إجراءات مُناخية طموحة على أساس المبادئ المُتفق عليها فى الأمم المتحدة، وتسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة بهدف الوفاء بالتزامات العمل المُناخى ذات الصلة، تعزيز التعاون فى مجال الطاقة المتجددة، خاصةً الهيدروجين الأخضر، وأهمية التحول إلى الطاقة النظيفة، وتعزيز التعاون فى قطاع الطاقة الخضراء بين مصر والهند.
الشراكة الاستراتيجية بين البلدين
تكمن فى تنسيق السياسات بين الدولتين، وهذا يطبق بالفعل من جانب مصر مع بعض الدول الشقيقة عربياً والصديقة أفريقياً، فعلى سبيل المثال: أكد البيان المصرى الهندى المشترك بمناسبة زيارة الرئيس السيسى للهند فى يناير الماضى على الكثير من محاور الشراكة الهامة فى مجالات عديدة، أبرزها الارتقاء بالعلاقات إلى مُستوى الشراكة الاستراتيجية التى تغطى المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والطاقة والاقتصادية، وتعظيم المصالح المُشتركة وتعزيز الدعم المُتبادل للتغلب على مُختلف الأزمات والتحديات بالعالم، وإجراء المُشاورات والتنسيق المُنتظم على المستويين الثنائى والمُتعدد الأطراف.