ينظر العالم إلى الزعيم الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا، ورمز النضال الثوري في كوبا، تشي جيفارا، على أنهما من «أساطير» بالنسبة لشعوبهم، غير أن لهؤلاء الأساطير «معلم»، تعلقت أعينهم به خلال نضالهم، ولم يترددوا في طلب مشورته، ليتعلموا منه كيفية إقامة الدولة بعد النضال الثوري، هذا المعلم هو الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر، الملقب بـ«أبو أفريقيا».
«كاريزما» جمال عبدالناصر
تظل مصر منذ عهد جمال عبدالناصر وحتى يومنا هذا، للعديد من دول العالم، صاحبة خارطة الطريق للتخلص من العبودية والاستعمار بأشكاله المختلفة، وهو ما جعل عبدالناصر في نظر أبطال تلك الشعوب، نموذجاً يحتذى، تعلقت به أبصارهم للتعلم دون إخفاء لمعة الإعجاب بهذه الشخصية المصرية بكل ما تحمله من «كاريزما».
تأميم قناة السويس.. حافز للانتصار
ويأتي مشهد تأميم قناة السويس، الذي اتخذه الزعيم الراحل، بمثابة الحافز للانتصار والاستمرار بالمقاومة للزعماء الثوريين بمختلف أنحاء العالم، خلال نضالهم ومحاربتهم في الغابات من أمثال كاسترو وجيفارا، كما ذكروا بأحاديثم في مناسبات مختلفة، وفقًا لما ذكره حسن غزالي، مسؤول العلاقات الأفريقية بوزارة الشباب، لـ«الوطن».
زعماء العالم يطلبون المشورة
وتتضمن مضابط رئاسة الجمهورية الواردة بكتاب سعيد الشحات «ذات يوم»، دلائل على طلب هؤلاء الأساطير لمشورة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، كونه قدم النموذج لرجل الثورة ورجل الدولة في آن واحد، في حين كان جيفارا رجل ثورة فقط خلال تلك المرحلة، وهو ما دفعه لتقدير ما يقدمه له «عبدالناصر» من آراء تخص مفهوم الدولة وإدارتها، بحسب ما ذكر مسؤول العلاقات الأفريقية بوزارة الشباب.
زيارة مانديلا التي تأخرت 27 عامًا
وفي أكثر من مناسبة، أبدى «مانديلا» تقديره لقيمة مصر وشخصية الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، حتى أنه ذكر أن جنوب أفريقيا لم تكن لتتقدم بطلب لتنظيم كأس العالم بمواجهة مصر في عهد عبدالناصر، بحسب ما أكد «غزالي»، في تصريحاته لـ«الوطن»، مشيراً إلى أنه كانت هناك العديد من التكريمات التي مازالت تعطى للزعيم الراحل حتى بعد عقود من رحيله، حيث تم أمس تكريمه بأحد الأوسمة بجنوب أفريقيا، التي تمنح للعظماء من غير أبناء البلاد، وذلك بمناسبة ذكرى تنصيب الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، كأول رئيس أفريقي لجمهورية جنوب أفريقيا عام 1994.
وبينما كان مانديلا يخوض حركة النضال الوطني ضد العنصرية في جنوب أفريقيا، خطط لمقابلة الزعيم المصري عبدالناصر، وحضر بالفعل للقاهرة، غير أن انشغال الرئيس حال دون إتمام اللقاء، وبعودة مانديلا إلى جنوب أفريقيا، تم سجنه، ليعود لمصر مرة أخرى ولكن بعد رحيل عبدالناصر، فيذهب إلى قبره، ويخبره أن هذه الزيارة قد تأخرت 27 عاماً.
ويبقى «عبدالناصر» رمزًا لحركات التحرر الوطني في العالم الثالث والعالم أجمع، رغم كونه لم يحظ بشعبية تلاميذه، فصور عبدالناصر كانت تزين المناسبات العسكرية بدولة موزمبيق حتى وقت قريب، وتبقى مصر تحظى بمكانة خاصة في أفريقيا، رغم المحاولات الاستعمارية القديمة والحديثة، لتقسيم أفريقيا إلى أفريقيا جنوب الصحراء، وأفريقيا ما فوق الصحراء التابعة للشرق الأوسط، في محاولة لحصر الدور المصري في القارة السمراء، وفقًا لما ذكره حسن غزالي، مسؤول العلاقات الأفريقية بوزارة الشباب.