إحدى رائدات المسرح والسينما المصرية، منذ بدايتهما في ثلاثينيات القرن الماضي، إذ قامت بالتأليف والإخراج والتمثيل، وعاصرت عمالقة المسرح والسينما المصريين من جيل الرواد، وتركت إرثا فنيًا لا يمكن إنكاره، هي الفنانة الكبيرة فاطمة رشدي التي لقبت بـ«سارة برنار الشرق»، التي تحل اليوم ذكرى وفاتها.
تميزت فاطمة رشدي، المولودة بالإسكندرية عام 1908، والتي توفيت يوم 23 يناير عام 1996 عن عمر يناهز 87 عامًا، بأنها تجيد حديث اللغة العربية الفصحي بطلاقة حتي في حياتها العادية، فحينما تولى عزيز عيد، تدريبها في المسرح حينما كان في سن العشرة علمها الحديث بالفصحى وجلب لها مدرسين من الأزهر، وساعدها القرآن الكريم في إتقان الفصحى، حيث كانت الفرق المسرحية في هذا الوقت تعمل باللغة العربة الفصحى والنطق السليم.
علاقة الفنانة فاطمة رشدي بفريد شوقي
وجمعت الفنانة فاطمة رشدي، علاقة طيبة بالفنان فريد شوقي، حيث فضل أن يلتقي بها في تجربة عمله كمذيع ببرنامج «مذيع لأول وآخر مرة»، إذ يكن لها كل احترام حسبما ذكر في حوار سابق له، قائلا: «أنا دلوقتي مذيع وده أصعب من التمثيل لأني بمتهن شغلانة مش بتاعتي»، مضيفاً: «حظي حلو إني أعمل حوار مع الفنانة فاطمة رشدي لأنها بتفكرني بالفن الأصيل».
فاطمة رشدي، هي صاحبة أغنية «طلعت يا ما أحلى نورها»، التي قدمتها في العاشرة من عمرها على مسرح نجيب الريحاني، وبعد أن قدمت مسرحية «غادة الكاميليا» كانت تأتي الفرق الأوربية لمشاهدة المسرح المصري وحينها قالوا: «الممثلة المصرية أحلى من اللي عندنا»، ومنحوها لقب «سارة برنارد الشرق» بعد مسرحية «اللص الصغير».
دور فاطمة رشدي الوطني
اعتبرت الفنانة فاطمة رشدي، أن الفن مسألة وطنية، لذا عملت فصول مسرحيات مجانية بالمدارس لرفع حالة الوعي الفني، فالتفت حولها الطلاب، وهو ما دفع زوجها الموسيقار عزيز عيد، أن يقول لها: «اسمعي يا فاطمة أنت تقدري تطلعي الإنجليز بره مصر»، فأخذت حديثه على محمل السخرية، قائلة: «قلت له أنت بتتريق عليا»، ليكشف لها عن رغبته في ترجمة الروايات لمسرحيات تدين الاستعباد والاحتلال وتطالب الحرية.
وبالفعل نفذت تلك المسرحيات التي كانت تتسبب في إغلاقها مسرحها، إلا أنها حركت كبار الكتاب والمثقفين أمثال أحمد شوقي وعزيز أباظة أحمد تيمور للتأليف والتنديد بالاستعمار، وهو ما دفع فريد شوقي أن يقول لها في حواره معها: «الله عليكي عاصرتي العظماء الكبار.. دلوقتي حوكشة هو اللى بيألف».
أول أجر حصلت عليه الفنانة فاطمة رشدي والفان فريد شوقي
كان أول أجر، حصلت عليه الفنانة فاطمة رشدي، عن عمل سينمائي، هو 100 جنيه عن فيلم «العزيمة»، وأوضحت حينها أنه كان مبلغ قليل على موهبتها حسبما أخبرها المنتج لكنها وافقت بسبب ظروف الإنتاج، وهو ما اندهش منه الفنان الكبير فريد شوقي، الذي لم يصل إلى أجرها أو نصفه في هذا لفترة، قائلاً: «100 جنيه ده أيامها كتير أووي.. أنا أول أجر ليّ كان 30 جنيه بدأت بيهم مع يوسف بيه وهبي في فيلم ملاك الرحمة».
واعتزلت الفنانة فاطمة رشدي، الفن في أواخر الستينات لتقدمها في السن وانحسرت عنها الأضواء وعاشت حياة بائسة، ثم تدخل الفنان فريد شوقي لعلاجها على نفقة الدولة وتوفير المسكن الملائم لها، فقد حصلت على شقة، إلا أنها توفيت وتركت ورائها ثروة فنية عملاقة