كالحُلى الذهبية تتلألأ أسماك الرنجة داخل أحد أكبر مصانع الرنجة بمحافظة بورسعيد، والذى يضم عشرات الخبراء فى تصنيع الأسماك المملحة بجميع أنواعها، فضلاً عن الكافيار، يتسابقون كخلية نحل داخل المصنع لإنتاج الأطنان التي يتم تصديرها إلى 32 دولة في مختلف أنحاء العالم معظمها بأوروبا، وأبرزها أمريكا.
فى غرف معدنية تشبه الدواليب إلى حد كبير، تنتشر آلاف الأرفف المعدنية التي تحمل عشرات الأطنان من الرنجة المعلقة فى أسياخ معدنية، لتتراقص داخل أفران التبخير على أنغام الدخان، حتى تكتسب لونها الذهبي المميز وتصبح جاهزة للتناول.
السيدات أكثر خبرة في تصنيع الرنجة
وتنتشر السيدات اللاتي اكتسبن خبرة طويلة في صناعة الرنجة داخل المصنع، يعملن منذ الصباح الباكر وحتى المساء، فى جميع مراحل تصنيع الأسماك المملحة، بدءا من تنظيف السمكة، ومرورا بالتمليح والتدخين، وصولاً إلى التعبئة، ليصنعن الرنجة لأسرهن فى المنزل، وفى العمل أيضاً.
تدخين وتبخير الأسماك
ويحكى السيد حسين، صاحب أحد أكبر المصانع العالمية لتصنيع الأسماك المملحة، والذى يقع بمحافظة بورسعيد، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أنّه يجرى تطبيق أعلى معايير الجودة داخل المصنع، فضلاً عن توفير أجهزة تدخين وتبخير فريدة من نوعها، ما جعله يتصدر السوق الأوروبية، إذ يُصدر لـ32 دولة بينها أمريكا، حيث تباع سمكة الرنجة الواحدة بنحو 8 دولارات.
تصنيع الرنجة بطريقة علمية بحتة
ويروي صاحب المصنع: «بنصنَّع كل أنواع الرنجة؛ السليمة، والمخلية، والفيليه، والفسيخ، والكافيار، بطريقة علمية بحتة»، مشيرا إلى امتلاكه معملاً داخل المصنع يعمل فيه العديد من الأطباء والطبيبات، الذين يفحصون الأسماك ويحللون نسبة الدهون بها، ثم يحددون درجة الملح المناسبة لكل سمكة منها، فضلاً عن تحديد درجة الملوحة المطلوبة لكل دولة من التى يقومون بالتصدير لها، وذكر أنّه يستورد نوع سمكة الرنجة من بحر الشمال، ثم يصنِّعها داخل مصنعه، وبعد ذلك يُصدِّرها للخارج مجددا، حتى ازدادت شهرة سمك الرنجة المصرى فى مختلف الدول، لتصبح لهم أسواق مفتوحة فى الخارج.
خالية من البكتيريا ومميزة
تلك الطريقة العلمية يشرحها الدكتور أحمد، مسؤول المعمل وسلامة الأسماك، الذى يصف عملهم بـ «العلمى البحت»، وهو ما يجعل الرنجة الخاصة بهم مميزة، نظرا لنظافتها وجودتها العالية وخلوِّها من البكتيريا، مشيراً إلى أنّهم يقومون بفحص الأسماك جيداً وتعقيمها قبل البدء فى تحويلها إلى رنجة أو فسيخ.
تعبئة الرنجة الذهبية لتصديرها
وحول سير طويل تصطف عشرات السيدات فى طوابير على جانبيه، يلتقطن أسماك الرنجة الذهبية بعد انتهاء تصنيعها بخفة وبراعة ثم يقمن بتغليفها وتعبئتها داخل كراتين، ثم نقل تلك الكراتين ليتم تغليفها كمرحلة أخيرة قبل أن يتم تصديرها للخارج، أو نقلها للسوق المحلية.
وتحكى «أم محمد»، إحدى العاملات فى المصنع، أنّهن أصبحن خبيرات ومحترفات فى الرنجة، ويصنعن رنجة «فائقة الجودة والجمال»، كما تصفها، سواء داخل المصنع، أو فى منازلهن لأبنائهن وأسرهن، فهى مثلها كباقى السيدات زميلاتها تحب عملها كثيراً، وتصفه بـ «السهل والممتع»، وتفرح بمجهودها حينما ترى الرنجة بعد تصنيعها تتلألأ كالذهب.