رسم الزمن على وجهه التجاعيد، أثرت السنوات على جسده فنال الشيب من شعره، لكن إرادته وحماسه للحياة لم يضعف، يمشي بين الطلاب شابًا يافعًا يسعى لتحصيل العلم والمعرفة، ورغم بلوغه الـ80 عامًا، تخرج العراقي محمد سعيد المهدي في كلية القانون جامعة كربلاء، وأصبح شخصًا مُلهمًا ونموذجًا يتناول قصه الطلاب.
الحاج محمد سعيد، تحدث لـ«الوطن» عن رحلته في تحصيل العلم والمعرفة، فتخرج في كلية الهندسة المدنية عام 1997، وعمل موظفًا في دوائر الدولة، أي المصالح الحكومية التي تدير فيها الدولة الشؤون العامة إلى أن أُحيل إلى التقاعد، لكنه عاد مجددًا مشحونًا بالأمل والطاقة والإرادة، واتخذ قراره بدراسة القانون.
درس القانون وعمره 76 عامًا
يحكي: «دخلت كلية القانون عام 2020، وتخرجت هذا العام 2024، وأنا متفرغ للدراسة خلال هذه الفترة من حياتي، أسعى لتحصيل العلم والمعرفة، وكان قراري بالعودة إلى الدراسة بسبب أنني رأيته وقتًا مناسبًا بعد تربية أحفادي ورؤيتهم يكبرون أمام عيني».
أولاده وأحفاده ساعدوه على الدراسة
لدى «محمد» 3 أولاد 3 وفتيات و5 أحفاد، ساعدوه على الدراسة بكلية القانون وتحصيل العلم، وكانوا داعمين له: «عودتي إلى الدراسة بسبب حبي للعلم والمعرفة من الصغر، كما أن كل الديانات السماوية تحث على العلم مستشهدا بالآية القرآنية في هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وأنا الآن معتزًا بنفسي وبعلمي ومعرفتي».
سبب دراسة القانون
درس العراقي القانون لأنه يعتبره من أرقى الدراسات الإنسانية التي تهدف إلى نصرة الحق وإزهاق الباطل، كما يتيح أيضًا لدارسة مجالًا واسعًا للثقافة الاجتماعية والتعرف على هموم البشر واحتياجاتهم، موضحًا رد فعل زملائه في الجامعة: «رد فعلهم كان إيجابيًا وكانوا يساعدونني أيضًا وكنت صديقًا لهم، نجلس ونذاكر ونتحدث معًا، وكانوا يشجعونني على المثابرة والاجتهاد، وأيضًا الأساتذة في الجامعة، وكنت ملتزمًا في الحضور باستمرار».
بعد تخرجه في الجامعة وعمره 80 عامًا، يجد نفسه أصبح عاشقًا للدراسة وأجواء الحياة الطلابية، كما يرى أن كل ما تعلن الإنسان، أدرك أنه ينقصه الكثير من العلم أيضًا: «عشقت الجلوس في مقاعد الطلاب والدراسة، ولازال أمامي الكثير في دراسة القانون وتحصيل العلم، وأنا سعيد لأنني شخص مُلهمًا لغيري».