داخل خيمة صغيرة لا تصلح للسكن وتفتقر المعيشة فى دير البلح، تعيش عائلة «أبوالجديان» المكونة من 10 أشخاص على حصيرة متهالكة، وتحاول التأقلم على ظروف حياة الحرب، حيث الطعام القليل والنوم غير المريح، لكن كان أملها رؤية قدمى صغيرها، الذى قضى من عمره 11 شهراً بالحرب، لتنصدم بأنه أول مصاب بمرض شلل الأطفال فى قطاع غزة بعد غياب 25 عاماً، وقد ظهرت عليه بعض الأعراض.
«عبدالرحمن»، طفل وُلد فى بداية الحرب على غزة ونزحت عائلته قبل أشهر من مخيم جباليا للاجئين شمال غزة، وحُرم من الحصول على كافة تطعيماته الأساسية فى أشهره الأولى فلم يحصل سوى على تطعيم واحد فى عمر أسبوع، حسب رواية والدته لـ«الوطن»، قائلة: «أصيب ابنى بحالة ترجيع وسخونة وعدم قدرة على الحركة، توجهت به إلى مستشفى شهداء الأقصى ولم أتوقع أن يكون الأمر خطيراً لكنه مكث فترة طويلة بالمستشفى ولم تفعل المضادات ولا خوافض الحرارة معه أى شىء».
وتابعت: «عبدالرحمن فى فترة مرضه كان نائماً طوال الوقت ولم يصح أو يرضع لمدة أسبوعين حتى شك الأطباء فى إصابته بالمرض وهذه كانت مرحلة متقدمة، وبعدها تم أخذ عينة منه وإرسالها إلى الأردن، وبعد أسبوعين أخبرونى بأنه مصاب بشلل الأطفال ولا يوجد علاج ولا إمكانية لعلاجه».
حياة عائلة الرضيع قبل الحرب كانت مختلفة تماماً، حسب عزالدين عامر، خال الطفل المصاب؛ الذى أكد أنهم كانوا يعيشون فى منزل خاص بهم وأشقاء «عبدالرحمن» يذهبون للمدرسة ويأخذون كافة رعايتهم الصحية، و«عبدالرحمن» أول حالة تصاب بالمرض بعد 25 عاماً.
عندما علمت الأسرة بإصابة ابنها، وقع الخبر عليها كالصاعقة وتساءلوا عن كيفية الإصابة بالمرض؛ فأخبرهم الأطباء بأن المرض جاء عن طريق المياه الملوثة التى تستخدم لكل سبل الحياة، نظراً لأن الوضع المعيشى ليس صحياً.
وتوقع خال الرضيع «عبدالرحمن» أن النزوح المتكرر حال دون حصول الرضيع على التطعيمات اللازمة، الأمر الذى تسبب فى إصابته بالشلل، متابعاً: «عندما نزحنا من الشمال كان عمره شهراً، وكان يفترض أن يتلقى الحقنة عندما حدث النزوح، وظللنا نتنقل من مكان لآخر، وقد شكل هذا عائقاً أمام حصوله على التطعيمات».
وأكد «عز الدين» أن الطفل الرضيع قبل إصابته بدأ بالزحف حتى ظهرت عليه الأعراض المتعلقة بالمرض حتى أصبح حالياً لا يقدر على الحركة، لافتاً إلى أن آخر تطعيم أخذه كان بعد إصابته بالمرض، وفى انتظار رد «أونروا» على إمكانية تطعيمه ضمن الحملة الحالية الخاصة بتطعيمات شلل الأطفال أم لا.
عيد ميلاد الطفل حل فى مطلع سبتمبر، وتعيش أسرته حالة من الحزن مع خبر إصابته بشلل الأطفال، ينتظر الترتيبات الخاصة مع منظمة الصحة العالمية من أجل علاجه، وما زال أمام والدته أمل أن يعالَج خارج قطاع غزة وتعود صحته مثل باقى أشقائه.
وعلى صعيد مختلف فيما يخص آخر التحديثات المرتبطة التى نشرها المكتب الإعلامى الحكومى لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية التى يشنها الاحتلال «الإسرائيلى» على قطاع غزة، هى: 673 طفلا شهيداً من الأطفال، 640 ألف طفل بحاجة إلى تطعيمات شلل الأطفال، 115 طفلاً رضيعاً وُلِدوا واستشهدوا فى حرب الإبادة الجماعية، 177 مركزاً للإيواء استهدفها الاحتلال «الإسرائيلى»، 17 ألف طفل يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما، 3، 500 طفل معرّضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء.