تستعد البورصة المصرية لاستقبال أكبر طرح عام للشركات الوطنية بعد إعلان رئاسة الوزراء عن تنفيذ خطة تفصيلية للبرنامج الجديد الذى تضم قائمته 32 شركة من 18 قطاعاً متنوعاً، ما يزيد على 20 شركة بينها سيتم الاكتتاب فيها لأول مرة، وذلك على مدار عام كامل، بهدف توسيع قاعدة الملكية وبيع حصص لمستثمرين استراتيجيين، ما يُعد إعادة هيكلة وزيادة لرأس مال شركات قائمة وتوسيعاً لعمليات الإنتاج.
وبحسب تصريحات رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، فإنَّ خطة تنفيذ طروحات جديدة بالبورصة المصرية تأتى بمثابة تطبيق عملى وتنفيذى لوثيقة سياسة ملكية الدولة وتعزيز دور القطاع الخاص ومشاركته فى النشاط الاقتصادى، ومواصلة جهود الدولة فى تهيئة مناخ جاذب للاستثمار.
وخلال كلمته بمؤتمر «سى آى كابيتال»، نهاية يناير الماضى، تناول الدكتور مصطفى مدبولى أهمية سوق الأوراق المالية كأحد المصادر الرئيسية للتمويل، وبالتالى ينطلق حرص الحكومة على زيادة الترويج للاستثمار الأجنبى المباشر وغير المباشر عبر اهتمامها بالبورصة، وذلك جنباً إلى جنب مع ملفات «تمكين القطاع الخاص» و«جذب الاستثمار الأجنبى» ووضع خطة عمل للتنفيذ خلال العام الجارى فى إطار الخطة الاستراتيجية الشاملة للنمو والاستثمار.
بدوره، أكد رئيس البورصة المصرية رامى الدكانى الآثار الإيجابية لبرنامج الطروحات الجديد، من تحسين لأداء مؤشرات البورصة وأحجام التداولات، خاصةً بعد الإعلان عن كيانات جيدة بالطرح الذى تضم قائمته 3 بنوك وشركات تأمين وبتروكيماويات وأسمدة مملوكة للدولة، ليساهم مجرد الإعلان عن البرنامج فى ارتفاع المؤشر الرئيسى بنسبة تزيد على الـ19% منذ بداية 2023.
وتابع «الدكانى»، فى تصريحاته الرسمية، أنه بفضل الإصلاحات والتنسيق بين السياسات النقدية والمالية والخطة الجيدة لتخارُج الدولة من الشركات التى سيتم طرحها والعمل على إتاحة حرية دخول وخروج رؤوس الأموال بسهولة؛ شهدت البورصة المصرية عودة قوية للمستثمرين الأجانب لشراء أسهم البورصة ليستحوذوا على حصة تقدَّر بحوالى 25% من إجمالى حجم التداولات.
كما كشف رئيس البورصة المصرية، فى منتصف فبراير الحالى، عن جاهزية 3 إلى 4 شركات من القائمة المعلنة من الحكومة للطروحات الجديدة، بل وتم قيدها بشكل مبدئى ليتم الطرح الفعلى خلال النصف الأول من 2023، فيما سيتم تحديد مواعيد طرح الشركات الأخرى وفقاً لخطة وجدول زمنى يتم دراسته والتنسيق له مع بنوك استثمار مسئولة عن عمليات الترويج والبيع بجانب دور الصندوق السيادى.
وبخلاف برنامج الطروحات الأول الذى أُعلن عنه فى مارس 2018، ولم يتم تنفيذ سوى 3 طروحات فقط بسبب ظروف السوق غير المواتية، فإنَّه من المتوقع أن يشهد برنامج الطروحات الجديد إقبالاً كبيراً من المستثمرين، خاصةً المستثمرين العرب، لتحقق أولى جولات الترويج للأصول بعدد 3 عواصم ومدن عربية، «الرياض» و«دبى» و«أبوظبى»، ترحيباً كبيراً.
تضمّن وفد الترويج للطروحات، الذى شهدت السعودية والإمارات أولى محطاته، القيادات التنفيذية بالرقابة المالية والبورصة والبنك المركزى والصندوق السيادى ووزارة المالية، كما تم عقد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع 20 مؤسسة استثمارية كبرى، وتم استعراض آخر مستجدات الاقتصاد المصرى والسياسات الحكومية.
وخلال زيارة «الرياض» و«أبوظبى»، التقى الوفد مع 7 مؤسسات سعودية و13 مؤسسة إماراتية قدمت عروضاً، وشارك أيضاً فى ملتقى استثمارى لمجموعة «مباشر القابضة» بالرياض وآخر بدبى نظمه «إتش إس بى سى» بحضور عدد من المؤسسات الاستثمارية الخليجية، ليتحدث القيادات التنفيذية بالوفد عن العروض التقديمية وعن آخر المستجدات والأوضاع فى مصر وتنفيذ وثيقة ملكية الدولة بعد حوار مجتمعى.
يتابع ملف الطروحات الحالى كل من وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية وصندوق مصر السيادى والبورصة والهيئة العامة للرقابة المالية ووزارة المالية بتوجيهات رئاسة الوزراء، ومن المرتقب أن يشتمل البرنامج على جزء للطرح العام وآخر لمستثمرين استراتيجيين، كما تمت دراسة موقف شركات برنامج الطروحات فى القطاعات المستهدفة والإجراءات التنفيذية للطرح والجدول الزمنى التقريبى، وكذلك إجراءات الترويج للفرص الاستثمارية لجذب استثمارات محلية وأجنبية.
وبحسب المعلن من البورصة المصرية فى تقريرها السنوى، فإنَّ هناك 4 شركات حكومية جاهزة للاكتتاب العام ضمن برنامج الطروحات؛ وهى «بنك القاهرة»، و«مصر لتأمينات الحياة»، و«إيلاب» للبترول، و«الحفر المصرية»، بالإضافة إلى 8 شركات أخرى مرشحة بقوة للقيد وهى «بنك الإسكندرية» و«إنبى» و«مصر للتأمين» و«ميدور» و«إيثيدكو» و«أسيوط للتكرير» و«ميثانكس» أو المصرية لإنتاج الميثانول و«الوادى للفوسفات والأسمدة».
خبير أسواق المال: تخارُج الدولة من الشركات يوسع قاعدة مشاركة المواطنين فى ملكية المؤسسات وتدبير العملة الصعبة
يقول محمد عبدالهادى، خبير أسواق المال ومدير عام شركة وثيقة للتداول، إنَّ تخارُج الدولة من الشركات، سواء عن طريق الاكتتاب العام أو حتى بيع حصة لمستثمر استراتيجى، سيعمل على توسيع قاعدة مشاركة المواطنين فى ملكية المؤسسات، وتدبير العملة الصعبة ومشاركة القطاع الخاص فى عملية التنمية وإدارة وتملك حصص بمؤسسات عامة ملكيتها ترجع إلى الدولة.
وأضاف «عبدالهادى»، فى تصريحاته لـ«الوطن»، أن برنامج الطروحات الحالى يستهدف تنشيط البورصة المصرية والاستفادة من الأصول والإمكانات غير المستغلة وتفعيل وثيقة ملكية الدولة وفتح المجال أمام القطاع الخاص، مؤكداً جاهزيته للتنفيذ الدقيق بعد وضع خطة تفصيلية لطرح كل شركة على حدة.
استند خبير أسواق المال فى توقعاته إلى الاستعدادات الرسمية المعلن عنها لتنفيذ البرنامج، من تدشين «صندوق ما قبل الطروحات» الذى يتبع صندوق مصر السيادى، كأحد أبرز الاستعدادات الرسمية لاستئناف برنامج الطروحات الحكومية، والذى يهدف إلى هيكلة وتهيئة الشركات المزمع طرحها بالبورصة قبل تنفيذ عملية الطرح.
ويرى البعض فى البرنامج الحالى للطرح أنَّه يعيد إلى الأذهان برنامج الطروحات الحكومية المعلن فى مارس 2018، والذى ارتبط ببرنامج الإصلاح الاقتصادى الأول مع صندوق النقد الدولى، وضم برنامج الطروحات – وقتها – 23 شركة تم استهداف طرح حصص أقلية منها لجمع 80 مليار جنيه فى إطار زمنى تراوح بين 24 و30 شهراً، فيما أعاق تنفيذ البرنامج الأجواء العامة والأزمات العالمية المتكررة التى ألقت بظلالها على أداء البورصة وضعف حجم التداولات.