أكد د. طه عبد الوهاب خبير المقامات الصوتية أن الشيخ محمد رفعت كان وسيظل أسطورة في مدرسة التلاوة، فيمثل جامعة شاملة في تلاوة القرآن واحترف الإنتقال بين المقامات والإستخدام الصوتي، ومدرسة الخشوع والتضرع والإستماع الجيد للنغم، وأبدع في مقامي «العجم والنهود». أوضح خلال حواره مع «الوطن» أن الشيخ رفعت كان يتقي الله في القرآن الكريم لحرصه علي الإلتزام بالأحكام فلا يسخره لإرضاء المستمع، وهو صاحب فضل وتأثير علي الأجيال من بعده.. وإلي نص الحوار:
د. طه عبدالوهاب: صاحب فضل وتأثير علي الأجيال من بعده .. وكان وسيظل أسطورة في مدرسة التلاوة
** كيف ترى تأثير الشيخ محمد رفعت في التلاوة المصرية؟
– الشيخ محمد رفعت يمثل مدرسة الخشوع وهو امتداد للشيخ أحمد ندا الذي خرجت من عبائته مدرستين الأولي الشيخ علي محمود الذي تميز في الإنشاد الديني فيعد منشد المنشدين، والمدرسة الثانية الشيخ رفعت الذي تفرد في تلاوة القرآن الكريم بإسلوب التلاوة الذي يذهب إلي الخشوع والتضرع والمعايشة والإستماع الجيد للنغم عموماً، لدرجة أننا نقول عنه أنه أذكر القراء، فالشيخ الراحل لاحظ أن هناك جاليات غير عربية تقيم في مصر، فأراد أن يوصل لهم القرآن بالنغم الذي تعود عليه، فبدأ يستخدم السلالم الموسيقية «الماجير والمانير»، ونقول عنهم في المقامات الشرقية مقامي العجم والنهود، فأبدع في تلك المقامات، لدرجة أن هناك رواد أجانب ليسوا بملسمين كان يسمتعون للشيخ رفعت، ودخلوا الإسلام بهذا الإسلوب الذي وصل به الشيخ الجليل إلى قلوبهم.
>> الشيخ الجليل جامعة شاملة في تلاوة القرآن واحترف الإنتقال بين المقامات والإستخدام الصوتي
** وكيف أثرت الثقافة والفنون في مسيرة الشيخ رفعت ؟
– كان قارئ مثقف، ركز علي تصوير الآيات، فكان يسخر صوته لإظهار معالم القرآن الكريم، فكان مدرسة جامعة شاملة لتلاوة القرآن الكريم، ودخل لفكر المثقفين موسيقياً، لانهم وجود أن الشيخ الجليل كان متكن بشكل كبير جداً ومحترف في الإنتقال بين المقامات، والإستخدام الصوتي، فيستخدم كل منطقة جمالية في صوته ويعرف أن هذا المكان الطبقة الجميلة هي التي تدخل لقلب المستمع، كذلك قرأ في التفسر جيد وهذا واضح في أسلوب تلاوته، وتخرج من عباءة الشيخ محمد رفعت الكثير من القراء الذين استخدموا أسلوبه في الخشوع والمعايشة، فهو تميز بهذا، كذلك نجد هناك قوة في الصوت وتمكن في الجوابات.
>> كان يتقي الله في القرآن الكريم لحرصه علي الإلتزام بالأحكام فلا يسخره لإرضاء المستمع
** في رأيك.. ما الذي يبقي مدرسة محمد رفعت حتي الآن؟
– الشيخ محمد رفعت كان يتقي الله في القرآن الكريم، فكان حريص علي الإلتزام بالأحكام، فكان لا يأتي علي القرآن والأحكام ليرضي المستمع ويخدم النغم، بل كان يسخر النغم لخدمة وإظهار معالم القرآن الكريم، فكان متمكن في أحكام التلاوة، وحلاوة الصوت، والخشوع، والنفَس الطويل والعذوبة، وهنا أتذكر مقولة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله، حين سئل عن رأيه في عملاقة مدرسة التلاوة المصرية ومن أقربهم غلي قلبه، فأجاب بأنه «إن أردنا أحكام التلاوة فالحصريّ، وإن أردنا حلاوة الصوت فعبد الباسط عبد الصمد، وإن أردنا الخشوع فهو المنشاوي، وإن أردنا النفَس الطويل مع العذوبة فمصطفى إسماعيل، وإن أردنا هؤلاء جميعًا فهو الشيخ محمد رفعت».
** وكيف أثر الشيخ رفعت علي الجيل الحالي من القراء؟
– الشيخ رفعت قارئ شامل يعرف كيف يوصل معاني القرآن، فالقارئ المتمكن الذي يتمكن من أن ينقل المستمع من حالة الإستماع العادية إلي حالة التدبر والتعايش والتعبد وكأنه يري القرآن، ولم ولن يصل القارئ إلي تلك المرحلة إلا إذا كان متعايش، ففاقد الشيخ لا يعطيه، والشيخ محمد رفعت صاحب فضل وتأثير علي الأجيال من بعده، فكان وسيظل أسطورة في مدرسة التلاوة.
** وكيف تحتفي الدولة بالشيخ محمد رفعت؟
– الشارع المصري والإسلامي مرتبط بشكل وجودي، فأصوات المشايخ الكبار، وخاصة في المناسبات الكبري، فعلي سبيل المثال، الشيخ محمد احمد شبيب مرتبط صوته بيوم العاشر من رمضان لأنه قرأ القرآن في فجر نصر أكتوبر المجيد، كذلك في رمضان هناك صوتين لا بد من وجودهم الشيخ محمد رفعت والشيخ سيد النقشبندي، لأنهم مرتبطان بعقل ووجدان الناس، وأصواتهم عزيزة علي قلوبهم، كذلك الشيخ نصر الدين طوبار وغيرهم، فهؤلاء الكبار أراد الله أن يرفع ذكرهم، فذكرهم باقي إلي أن يشاء الله تعالي، والدولة تحتفي بالشيخ محمد رفعت بوجود تلاواته القرآنية عبر اذاعة القرآن الكريم وقناة مصر للقرآن الكريم، ومن خلالهما يستمع المواطنون للشيخ محمد رفعت وتلاوته للقرآن، فمصر خادمة للقرآن الكريم وستظل علي مر التاريخ، والقرآن الكريم احتفى بمصر، وإذاعة القرآن وقناة «مصر قرآن كريم» حافظا علي تراث جيل من حفظة كتاب الله لا نظير له، وتاريخ عظيم من العطاء وتعد أحد أهم وسائل خدمة القرآن الكريم، حيث تتميز بما لديها من سجلات لقامات في التلاوة صوتًا وعلمًا وأداء.