جاءت القمة «المصرية – الصينية» التي عقدت مؤخرا في «الرياض» منذ أيام، في وقت يشهد فيه العالم تحديات عدة ناجمة عن خطورة التغيرات المناخية العنيفة، وندرة الموارد والأزمات المتعلقة بنقص الغذاء والطاقة، والنزاعات حول المياه، والتحولات في العلاقات الاقتصادية الدولية، التي تنبئ بنظام اقتصادي عالمي جديد، مما يدفع القوى الدولية الكبرى إلى ابتكار أنماط تعاون جديدة أكثر استدامة مع الأقاليم والدول المؤثرة والصاعدة الأخرى، ومن هنا كانت البوادر التي أسست للشراكة العربية الصينية على أسس جديدة.
«البنا»: العلاقات العربية مع الصين تاريخية.. و«باندونج» شاهد على ذلك
في ذلك السياق، قال الدكتور محمد البنا، أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة المنوفية، إنَّه من حيث المبدأ، لا يمكن اعتبار العلاقات العربية مع الصين حدثا طارئا في المسارات المشتركة بينهما، فهو مسار يعود إلى مؤتمر «باندونج» عام 1955، والذي من خلاله تم التمهيد لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية، وكانت مصر صاحبة السبق في هذا الصدد، حيث أقامت العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع الصين عام 1956، وتصاعدت منذ ذلك التوقيت العلاقات العربية مع بكين، والتي شملت تعاونا اقتصاديا وعسكريا واسع النطاق، وكذلك تضامنا سياسيا من جانب بكين مع القضايا العربية.
2004 قمة التعاون الصيني العربي
وأضاف «البنا» في تصريحات لـ«الوطن»، أنَّ هذا التعاون وصل إلى مستوى أكبر في يناير 2004، بتدشين «منتدى التعاون الصيني العربي»، الذي تم عقد دورته الأولى في سبتمبر من نفس العام، وصولا إلى انعقاد الدورة التاسعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي- الصيني، في يوليو 2020، والتي كان من أهم مخرجاتها الاتفاق على عقد القمة العربية – الصينية الأولى، التي تحتضنها العاصمة السعودية الرياض.
وتابع: «نأمل أن تسفر القمة عن مزيد من تدفق رؤوس الأموال العربية والصينية إلى مصر في 2023 مع التحسن المستمر في مناخ الأعمال وبيئة الاستثمار في مصر، وحرص الحكومة على توفير كافة التسهيلات والحوافز بما يجعل مصر جاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة».
ويرى «البنا»، أنَّه لزيادة تدفقات الاستثمارات إلى البلاد لابد من تخفيف البيروقراطية الحكومية من قبضتها على المستثمرين المصريين، وخصوصا صغار المستثمرين، وأن تقدم التسهيلات والحوافز بديلا عن الروتين والتعقيدات الحكومية، حتى يستطيع الأفراد والقطاع الخاص أن ينفذوا اكبر قدر من المشروعات على اختلاق أحجامها من متناهية الصغر الفردية والصغيرة والمتوسطة والكبيرة.
أضاف أستاذ الاقتصاد والمالية بجامعة المنوفية، أنَّه أيضاً كما خففت الحكومة الإجراءات البيروقراطية في الترخيص وبدء الأعمال، نأمل أن تواصل تسهيل الأعمال للمنتجين والمشروعات مع الجهات الحكومية وموظفيها وتقليل المخالفات، وبالتالي مواصلة الإنتاج في العديد من المشروعات القائمة.
ويرى في اهتمام الحكومة بحشد المدخرات الصغيرة قبل الكبيرة بارقة أمل، بجانب تشجيع الإدخار، وأن يزداد اهتمام الدولة بغرس الاعتماد على الذات في الأبناء وحشد الموارد المحلية وتحقيق معدلات نمو عالية في مختلف قطاعات النشاط الإنتاجي، وذلك بالاعتماد على المبادرات الفردية والقطاع الخاص المصري، لأن الاستثمار الأجنبي لا يقود النمو الاقتصادي بقدر ما يأتي في ركاب النمو الذي تقوده المدخرات والاستثمارات الوطنية.