أن تتصدر مصر القوة الناعمة في أفريقيا، وبفارق كبير عن المركز الثاني، هو الواقع الذي نعيشه والذي تفرضه دروس الجغرافيا وحصص التاريخ.
بعد أحداث 2011 تراجعت مصر كثيراً بقواها الناعمة والصلبة، لتخرج علينا إثيوبيا بالبدء في بناء سد النهضة ولتتحول القاهرة لمرتع لكل وسائل الإعلام الإقليمية والدولية. مصر الكبيرة تحولت إلى مُستقبِل للأخبار والدعاية والإعلام والفنون، ولو من جنوب شرق آسيا. المطامع كانت تفوق الخيال.. وجاءت ثورة يونيو 2013 لتبدأ مصر في استرداد قواها كاملة، وخلال 11 عاماً فقط حدثت المعجزة، استعادت مصر قوتها الصلبة بجيش وطنى قوى بين الأقوى عالمياً.. وانطلقنا نصنع ونبنى ونزرع ونستهدف 100 مليار دولار صادرات.
أما ما حدث في مجال القوة الناعمة فكان إعجازاً لا يقل عن النجاح الباهر لقوانا الصلبة.. استرددنا عرشنا الذى نستحق على رأس القوى الناعمة الأكثر تأثيراً أفريقياً وقطعاً إقليمياً.. نتيجة شارك في صياغتها كل الدول أعضاء الأمم المتحدة وفقاً لمنهجية علمية وقواعد واضحة لتمنحنا حقاً يفرضه الواقع ويراه البعيد قبل القريب.
الحقيقة أن الشركة المتحدة لعبت الدور الأهم في الوصول لهذا النجاح الكبير والمستحق.. لو بدأنا بالإعلام سنجد إعلامنا المسموع والمقروء والمرئى عاد قوياً راسخاً واصلاً للجميع والأهم مؤثراً.. قناة القاهرة الإخبارية الإقليمية احتلت مكانها في الريادة سريعاً، وقنواتنا المتعددة في كل المجالات لها جمهور لا تغفله العيون، والإذاعة عادت ترفرف على جناح النجاح بعد سنوات من التراجع بل والغياب، والصحافة الورقية، رغم ما تعانيه من أزمات على مستوى العالم، ما زالت موجودة بقوة وما زالت الأقدر على جذب الإعلانات والأكثر موثوقية لدى القراء، والمواقع الإلكترونية، يتصدرها «الوطن» و«اليوم السابع»، تصل لكل بقاع الأرض وتجذب مليارات المتابعات.. وحتى في السوشيال ميديا لدينا شباب قادر على أن يتصدر التريند في المنطقة وأن يجذب اهتمام الجميع.. القاهرة منبع الخبر وأصله والكل يسير خلفها.
أما الفنون المختلفة من السينما للمسرح للمسلسلات للأغانى والموسيقى، فما حدث كان الأصل الذى عاد بريقه.. نجحت الشركة المتحدة والفن المصرى في أن يعود للصدارة وبجدارة، فهذا المكان الذى يستحقه.. ومن يبحث عن النجاح لا يحققه إلا عندما يستعين بالمبدعين المصريين في كل المجالات.. القوة الناعمة لا منافس لها أفريقياً وإقليمياً، وهذا قدرنا.
حتى كرة القدم والرياضة فرضت نفسها بجدارة، والأهلى ببطولاته وجماهيريته والزمالك بشعبيته، ونجومنا المحترفون يتصدرهم أبوصلاح العالمى جذبوا الاهتمام وترقبهم العيون مع كل حركة وسكون.
الثقافة عادت لتتوهج، والتاريخ يحكى قصته ببراعة، والسياحة تتدفق رغم آلام المنطقة كلها حولنا.
عودتنا لصدارة الوجود والتأثير بالقوة الناعمة لم تكن مجرد حلم.. كانت منهج عمل تواصل ليل نهار رغم صعوبة المنافسة وسطوة المال، لكن الاحترافية في الإدارة والمواهب الطبيعية فرضت نفسها، فلا يصح إلا الصحيح.. بالميزانيات المتاحة تمكنت العقول اللامعة والمواهب الحقيقية أن تفرض نفسها وتعود لمكانها الطبيعى في الريادة والصدارة.
واثق أن ما تحقق من نجاح، والذى لم يكن أبداً بالصدفة بل بالعمل الجاد ليل نهار، سيتواصل بلا توقف، فقدرنا أن نكون على القمة، لكن المحافظة على مكاننا الطبيعى تتطلب جهداً لا يتوقف وعملاً مدروساً محكماً لا يمل ولا يكل.. فالمنافسة شرسة، لكن رجالنا ومواهبنا قادرون على مواصلة كتابة فصول النجاح، من القارة السمراء والإقليم إلى كل العالم.
استمرار الدكتور أشرف صبحى وزيراً للشباب والرياضة لم يكن ضربة حظ.. كان اعترافاً بما قدَّمه الرجل ويواصل تقديمه من إنجازات شبابية ورياضية.. عندما يتخيل البعض أن الوزير لا يواجه مشكلات عاتية مستعصية يفاجأون في لحظات بالدنيا تتغير والمشكلات تختفي ليحل النجاح والاستقرار مكانها.
يتحمل الرجل مهمة ثقيلة وغالية لوطن يبنى مستقبله ويضع الأولوية لبناء الإنسان.. والاهتمام بالشباب يحتل الصدارة، والرياضة مصدر للسعادة والنجاح والقوة الناعمة، يعرف الرجل الذى لا تغيب ابتسامته صعوبة المهمة، لكنه يؤمن بقيمة العمل وحده وقدرته على تحقيق النجاح والوصول للأهداف حتى لو رأى البعض أنها مستحيلة.