حكايات وروايات ووثائق في تاريخ محافظة الوادي الجديد، تزيدك شغفاً لمعرفة أسرار وخبايا سكان وأهالي الواحات، وكان من تلك الأسرار زيارة الملك فاروق المفاجئة لمحافظة الوادي الجديد.
تفاجأ جميع أهالي الواحات الخارجة بزيارة الملك فاروق للمحافظة، منذ 82 عاماً مضت على زيارته التي كانت بتاريخ 11 يناير عام 1941، لتكون مدينة الخارجة أولى محطات الملك فاروق والتي أتى إليها براً عن طريق إسنا بمحافظة الأقصر.
بداية رحلة الملك فاروق إلى الواحات
وقال محمود عبد الربه، باحث في تراث الواحات الوادى الجديد، في تصريح خاص لـ «الوطن»، إنه من الشخصيات البارزة في محافظة الوادي الجديد والذي دّون حينها تاريخ الواحات الذي عاصره خلال تلك الفترة وهو الحاج يوسف مياز، والذي كتب في وثائق تاريخية تم توثيقها والاحتفاظ بها، يروي فيها رحلة الملك فاروق ملك مصر في ذلك الحين، والتي لم تكن هذه الزيارة مرتقبة أو حتى سبق الترتيب لها بقدر ما كانت عبارة رحلة صيد ترفيهية، تعرف فيها الملك على حدود مصر الجنوبية برفقة الحاشية الملكية مستقلين 16 سيارة جيب تجوب الصحراء الغربية من جنوبها لشمالها، عن طريق إسنا بمحافظة الأقصر، في الطريق الصحراوي التي يربط الواحات بالأقصر، بالسيارات وعددها ستة عشرة سيارة، وقد حضر بباريس في الساعة الثانية عشرة ظهراً، وقد طاف بها حيث لم يعرفه أحد من سكانها.
أهالي الواحات فوجئوا بزيارة الملك فاروق
وأضاف، محمد عبدالله البارسي، مدير مركز الحرف اليدوية والحاصل على درجة الماجستير في الموروث الشعبي للواحات وباحث في علم التراث الواحاتي، في تصريح خاص لـ«الوطن»، إن أهالي الوادي الجديد لم تكن الفرحة تسعهم حيث فوجئ الأهالي بالزيارة، حيث كانت الاستجابة لمطالب سكان الصحراء المحرومين حينها من كافة وسائل الاتصال والمدنية والرفاهية الاجتماعية، فكان المطلب الأول من الملك طالب الأهالى بقيادة على علوي بك محافظ الجنوب والعمدة نجاتى عمدة الخارجة ومعه عمد قري جناح وبولاق وباريس في ذلك الحين، حيث طالب الأهالي برصف طريق أسيوط الخارجة وطريق الداخلة ، والذي تم رفضه من قبل مرافقين الملك والذين قالوا إن التكلفة عالية في ذلك الوقت ، ومع مرور الوقت تحقق ذلك الحلم وتم رصف الطرق بعد زيارة الملك بـ 19 عاما سنة 1960 بعد قرار تعمير الوادى الجديد في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر .
مطالب أهالي الواحات من الملك بين الرفض والقبول
وتابع، الباريسي، إن المطلب الثاني من أهالي الواحات للملك فاروق كان مد سلك التلغراف من الأقصر إلى الخارجة ، حيث كانت الواحات تعتمد على محطة للاتصال اللاسلكي تم انشاؤها سنة 1935 في عهد محمد بك وصفى محافظ الجنوب، والتي تم الموافقة على هذا المطلب وتم توصيل سلك التليفون والتلغراف للأقصر، حيث إن أول من قام بتوصيل تليفون منزلى فى الواحات هو الخواجة شاروبيم وكان صاحب التجارة والمقاولات العمومية الوحيد في المحافظة الذي امتلك أول تليفون ارضي، بينما جاء المطلب الثالث عندما أراد الملك أن يستقل القطار في العودة للقاهرة ، وسأل عن المحطة ، وقد أمر بضرورة إصلاحها، وطلب القطار ليسافر به وقد حضر القطار فوجده الملك غير صالح لسفره فعدل عن السفر به، وتم إصلاح محطة القطار التي لا تزال موجودة حتى يومنا هذا بالنادي الاجتماعي لمحافظة الوادي الجديد والذي يقع في مدينة الخارجة.
تفاصيل رحلة سفاري للملك فاروق في الواحات
وأوضح، محسن عبد المنعم، مدير الهيئة المصرية لتنشيط السياحة في الوادي الجديد، في تصريح خاص لـ«الوطن»، إن الملك فاروق كان في زيارة لصعيد مصر وقام بافتتاح قناطر إسنا بمحافظة الأقصر حالياً، وكذلك زيارة الصعيد على اليخت الملكى قاصد خير سنة 1937 وزيارة إلى أسيوط سنة 1939، أما عن زيارته للواحات فلم يكن نصيبها في ذلك الوقت سوى رحلة سفاري ملكية، تحقق منها بتوصيل سلك الاتصال إلى الأقصر، وصيانة محطة القطار الوحيدة في المحافظة، حتى جاء سلاح المهندسين سنة 1959 ليضع حجر الأساس لمحافظة الوادى الجديد لتصنع لنفسها عصراً جديداً مجيداً يشرق بنور التنمية على الصحراء الغربية أخيراً بعد قرون طويلة من النسيان.