كان مشروعاً أريد تحقيقه، وهو إجراء مناقشات مطولة مع صناع السينما، يتحدثون خلالها عن الفكرة.. القصة والحوار، عن الواقع والخيال والخبرات الحياتية والدراسة، عن الأفلام وكواليسها.. عن الحياة. ومنذ سنوات، قررت البدء فى الرحلة السينمائية، والبداية كانت مع التأليف والكتابة، بعمل حوارات مع كبار كتاب السيناريو فى مصر، بطريقة مختلفة لا تعتمد على مجرد السؤال والإجابة، لكنها تناقش تجربة مصرية مميزة، من خلال الغوص داخل «دماغ» كل مبدع.. ونقلها للقارئ فى لقاءات نُشرت فى كتاب «أول الحكاية»، الصادر عن دار معجم، يعرض اختلاف وجهات نظرهم، أفكارهم، طرقهم فى الكتابة. وعندما كان «أول الحكاية» مجرد «فكرة» أنشغل بها طوال الوقت، لا تخرج من رأسى، حكيتها لزميلى وصديقى الصحفى إمام أحمد فتحمس لخوض التجربة معى.. لتخرج لقاءات مع كبار صناع السينما بينهم وحيد حامد، بشير الديك وغيرهما.. وهو ما تنشره «الوطن» لأول مرة صحفياً وإلكترونياً إيماناً منها بأهمية الثقافة وصناعة السينما وتأثيرها على المجتمع.
وفى الحلقة الرابعة تحدث بشير الديك عن فيم يفكر الكاتب؟، كيف يصنع الدراما؟، من أين جاء بشخصيات أفلامه؟، كيف كتب الحوار؟، كيف يخلق على الورق؟، عن الغموض والمعالجة، عن علاقة السيناريست بالمنتج والمخرج والممثل والجمهور، عن النسخة الأخيرة من السيناريو. فتح قلبه، وقدم نصائحه للشباب المبدع، وتحدث عن تجاربه الملهمة، بداية من أول الحكاية، مروراً بالمشوار المهم والملهم والذى له كبير التأثير على السينما والمجتمع.
«جبر الخواطر» داخل مصحة نفسية
هذا السيناريو قرأه عاطف الطيب، الله يرحمه، وتحمّس له جداً، وكان من المفترض أن يخرجه، لكن الله لم يُطل فى عمره، كان فيلماً صعباً، وشيريهان الجميلة بذلت مجهوداً كبيراً فى تمثيله، وأنا بذلت مجهوداً فى كتابته، ذهبت إلى مصحة نفسية فى الإسكندرية قبل أن أكتب كلمة واحدة، والتقيت بالمرضى، وكان معى «عاطف» فى هذه الزيارات.
(بشير بيبحث فى كتاب أمامه، يُقلب فى الصفحات)، ثم يواصل: «جبر الخواطر» كان قصة عبدالفتاح رزق، الصحفى فى «روزاليوسف»، وإخراج عاطف الطيب، وسيناريو وحوار بشير الديك، «عاطف» مات قبل أن ينتهى من المونتاج والرتوش الأخيرة للعمل.
معايشة الواقع من أجل عمل يصدّقه الناس
المعايشة أمر مهم جداً للسيناريست.. لا يمكن أن تكتب عن مستشفى أمراض عقلية دون أن تراه وتزوره وتجلس داخله فترة من الوقت، لا يمكن أن تكتب عن عالم لا تعرفه، وإلا فالناس لن يصدقوك، العمل سيفقد مصداقيته عند المشاهد، مهما كان أداء الممثل أو المخرج، الورق أولاً يجب أن يكون صادقاً وحقيقياً، يمكنك أن تغيّر فى الواقع، لا يمكنك أن تجهله تماماً.
التدخل فى السيناريو
من حق المخرج أن يقترح، ومن حق الممثل أن يقترح، مفيش مشكلة خالص، كلنا أطراف عمل واحد. وأنا لسه فى بداياتى، قال لى رشدى أباظة: «بص يا بشبش والنبى، فيه 4 جمل كده، تقال على لسانى أوى، فأنا عاوز أغيرهم»، قلت له: «يا حبيب قلبى مفيش مشكلة، نعمل كذا كذا كذا».
أتذكر فى فيلم «السلخانة»، قالوا لى يوسف بك وهبى عايز يشوفك، قلت لهم يوسف بيه عاوزنى أنا! كان سمير صبرى المنتج، وجايب يوسف وهبى وأحمد عدوية، جايب أسماء كبيرة علشان يعملوا أدوار صغيرة أوى ويساهموا فى نجاح العمل. قال لى: «بُص يا ابنى، أنا عاوز أقول لك على حاجة، أنا عندى جملة شهيرة، باقولها والناس حبّاها منى أوى.. وما الدنيا إلا غابة كبيرة. وأنا عايز أقولها بشكل أو بآخر، ممكن أقول: «وما الدنيا إلا سلخانة كبيرة، ونحن نُساق فيها كالبغال والحمير».
أبديت وجهة نظرى بأن الجملة غير مناسبة، وأنها ستحمل إساءة للمشاهد الذى يجلس فى السينما، واقترحت جملة أخرى تناسب شخصية العمل التى كانت تحمل قدراً من الفلسفة والحكمة، فعجبته جداً.
عالم ملىء بالتفاصيل
كتابة السيناريو حالة خاصة جداً، أنا أعشق هذا العالم، عالم صناعة التفاصيل، كنت أحب الاهتمام بكل تفصيلة، وبعضها أمور تتعلق بالإخراج، مثل زاوية التصوير، قطع المشاهد بمشاهد أخرى، الصورة والألوان والأداء والإحساس. بعض المخرجين يقول لك طب أنا أعمل إيه؟ مرة سمعت هذه العبارة من خيرى بشارة.
قلت له: انت مش شايف يا خيرى كده.. أوك its up to you.. أنت المخرج، لكن أنا أقول تصورى، لا تحرمنى من الإعلان عن تصورى، عايز تكسره اكسره من أجل أن تعمّق المشهد، هذا حقك.
الكتابة من أجل البطل
اللى يقول لك أنا لا أكتب لأحد، يبقى بيضحك عليك.
كل كاتب سيناريو يرى شخصياته فى خياله، ويرى الأسماء التى يمكنها أن تلعب هذه الشخصيات، خاصة سعاد حسنى وأحمد زكى، بسبب الخصوصية التى تميزهما، يمكنهما أداء الشخصيات المركبة، التقمّص، درجة عالية من الإبداع. ده بيكون فى ذهنى طبعاً.
«لما بابقى عارف بقى أن نادية الجندى هتعمل فيلم، وطلبوا منى كتابة السيناريو والحوار، باكون عارف قدرات نادية الجندى إيه، وباعمل حاجة تناسبها».
الأدوار الشابة التى فيها معاناة، كانت تناسب أحمد زكى بصورة أكبر، إحنا كجيل كان بالنسبة لنا كل الأدوار الشابة أحمد زكى كان قادر على إنه يديلك كل اللى انت عايزه.
نور الشريف ممثل بارع، وله مساحة يؤديها أفضل من غيره، هناك شخصيات تناسب نور الشريف ولا تناسب أحمد زكى أو عادل إمام مثلاً.
«أحمد زكى كان أكثر الممثلين فى جيله قدرة على التعبير عن معاناة الشباب».
هل تخيلت أحمد زكى فى «الحريف»؟
آه كنت متخيله فى الأول بأحمد زكى.
وبعد الفيلم.. هل أقنعك عادل إمام بالشخصية؟
بعدما شاهدت الفيلم راحت صورة أحمد زكى من دماغى، خلاص بقينا قدام حقيقة، «عادل» قدر ينسينا أى حاجة قبل الفيلم، كان له لحظات آثرة فعلاً، قدر يعبر عن الشخصية بأفضل ما يمكن بشكل كويس، «دولا» كان فرحان بالحكاية وهو جواها أوى. الفيلم فيه عمق، وفيه أصداء كثيرة.. عالم سحرى.
شخصيات من الواقع إلى السينما
فى «سواق الأوتوبيس» المعلم سلطان أبوالعلا كان موجوداً فعلاً، كان اسمه المعلم سلطان أبوالعلا، وحكايته هى حكاية المعلم سلطان فى الفيلم، اللى هو أصلاً كان من القاهرة من بولاق أبوالعلا، وبيشتغل فى الكامب الإنجليزى نجار، اتخانق مع أحد الضباط فضربه وجرى، هرب، كان شاب بقى، لقى قطار ركبه، لا يعرف أين سيذهب القطار، ولما نزل فى آخر محطة، سألهم: أنا فين؟
قالوا له: دمياط.
بعدها اشتغل نجار معاهم، وساعدته خبرته فى الكامب الإنجليزى، ولم يخرج من دمياط إلا ميتاً.
عجبتنى القصة جداً.
أنا أعرف شخصية المعلم سلطان فعلاً، وابنه الله يرحمه كان اسمه جمعة سلطان، كان صديقى، ومن المثقفين اليساريين، ويُقال إنه مات من الضحك، كنت أنا فى القاهرة هنا، فعرفت إنه مات، سألتهم: خير، ماكانش عيان، قالوا: كان قاعد قدام حزب التجمع فى دمياط، وبيتكلم ويضحك وياكل فى نفس الوقت، وفجأة وقع على الأرض، طب ساكت.
لكن «حسن» فى الفيلم غير «جمعة» خالص، أنا انطلقت من قصة حقيقية، لكن استخدمت خيالى، الكاتب لا ينقل واقعاً، ولا يحول سيراً ذاتية إلى دراما، بل يأخذ الخيط «ويعيش بقى مع نفسه».
حسن اللول.. شخصية حقيقية
آه، فعلاً، كان فيه شخص اسمه حسن اللول، لم أقابله إلا مرة واحدة، لكن أحد الأشخاص حكى لى عنه، عجبتنى القصة، ورُحنا بورسعيد وشُفنا العالم على أرض الواقع، وحاولنا أن نقترب كثيراً من الصورة.
لكن هذا الفيلم تحديداً لم أشاهده بعد ذلك، كان فى 99، بطولة أحمد زكى وعبدالعزيز مخيون، وشاركت معنا شرين رضا، باحبها أوى، ومحمد الدفراوى أدى دور جيد.
محطة عاطف الطيب
علاقتى بـ«عطوفة» بدأت مع تصوير «موعد على العشاء» فى الإسكندرية، كان فى ذلك الوقت يصور أول أفلامه «الغيرة القاتلة»، كنا مقيمين فى فندقين متجاورين، وكان فيه صديق مشترك بينى وبينه، اللى هو سعيد الشيمى، قال لى: الراجل ده مخرج كويس جداً. ثم جاءت فرصة وتقابلنا، أتذكر أول طلب طلبه منى، قال: إيه رأيك فى رواية جمال الغيطانى اسمها «العرى» عايز أعملها فيلم؟.. سألته: أنت بتقرا للغيطانى؟، قال: آه.
قلت فى بالى: ما دام بتقرا لجمال الغيطانى تبقى لفيت على المكتبة كلها، أصل كله بيقرأ لإحسان عبدالقدوس أو يوسف السباعى أو نجيب محفوظ، لكن لما تقول «الغيطانى» يبقى معلش بقى، انت راجل واضح إنك بتاع قراءة ولافف وفاهم.
قلت له: هايل وبدأنا نتكلم ونبقى أصحاب وانضم لمجموعتنا: أنا وخان وعطوفة.
هل شارك «خان» فى كتابة «سواق الأوتوبيس»؟
محمد خان قال لى: عايزين نعمل فيلم عن واحد سواق تاكسى، سايق التاكسى بتاعه، وفيه واحد قاعد وراه عمال يتكلم.
قلت له: آه، قال: بس بيزهق، فبيروح واقف على جنب، ونازل جايب البنزين ويحرق التاكسى ويمشى.
قلت له: وبعدين؟.. قال: ولا قبلين، أنا مالى بقى اتصرف.
سألته: طب هيحرق التاكسى بتاعه ليه؟.. قال: قرف يا راجل.. (يضحك مجدداً).
خلال هذه الفترة كنت معجباً جداً بنموذج الشباب الذين خرجوا من حرب 73، وبيسوقوا أوتوبيسات، وكان يبقى عامل لنفسه ستارة حول الكابينة اللى بيقعد فيها، ويكتب حاجات على الكابينة، كانوا أولاد مثقفين، ومختلفين تماماً عن الصورة التقليدية لسواق الأوتوبيس الكهل البسيط غير المثقف.
قلت لخان: هنخليه سواق أوتوبيس، قال: عايزينه سواق تاكسى، قلت له: خلاص نخليه كمان سواق تاكسى، إيه المشكلة يعنى.
وبدأت فى كتابة قصة مالهاش علاقة بمحمد خالص، بس أنا احتفظت باسمه علشان يعنى كنا لسه فى بداية حياتنا، وبالنسبة له هيقبض برضه جزء من القصة، واتكسفت إنى أشيله يعنى، مايصحش، أنا منطلق أصلاً من كلمة هو قالها، وماكانش عندنا الحساسية دى، بس لما قرأ القصة، قال: حلو أوى، بس عاطف يعمله أحسن منى.
لماذا عاطف وليس خان لإخراج «سواق الأوتوبيس»؟
ليه بقى؟، لأن إحنا عارفين عاطف، وكنا زُرناه فى البيت، من منطقة شعبية خالص، بولاق الدكرور، عالم يقدر يعبر عنه أكثر، ماكانش لسه باين «عاطف» فى فيلمه الأولانى «الرغبة القاتلة»، لنور الشريف ويحيى الفخرانى.
أتذكر أن الناقد سمير فريد بهدله، كتب مقال طالبه فيه بالعودة إلى معهد السينما تانى يتعلم من جديد، قال اللى ينهى دراما شكسبيرية بمشهد لكلب، لازم يرجع تانى معهد السينما علشان يتعلم.
أنا قابلت «سمير»، قلت له: الولد ده كويس أوى، وإحنا شغالين فى فيلم، وأعتقد هيبقى كويس جداً، فانفعل وقال: إزاى يعنى يعمل كده؟.. طلبت منه أن ينتظر حتى ينتهى فيلم «سواق الأوتوبيس»، فرفض، وقام بنشر مقاله.
عندما قرأ «عاطف» المقال «عيّط»، لكن ربما كان ذلك دافعاً له ليُخرج أفضل ما عنده فى «سواق الأوتوبيس». عندما تم عرض الفيلم، كتب الأستاذ سمير فريد فى «الجمهورية» على المساحة نفسها اعتذار مطول لعاطف الطيب، وقال: هذا مولد لمخرج عظيم.
شلة عبّرت عن جيل كامل
كانت لنا شلة، عبّرت عن جيلنا، هذه الشلة ضمّت فى الأساس 3 أفراد: أنا وعطوفة وخان. وكان معانا نادية شكرى المنتجة الأساسية لنا، ثم دخل خيرى بشارة إلى الشلة، صحيح لم نعمل معاً، لكن كان هناك أكثر من مشروع لم يخرج للنور.
كنا نسهر ونفكر ونعمل جلسات عصف ذهنى مع بعضنا من أجل أن نقدم سينما ترضينا وتُرضى الجمهور وتُمثل إضافة للمجتمع الذى نحيا فيه.
نادر جلال لم يكن من الشلة، لكن كان شخصاً نبيلاً بصورة كبيرة جداً، لم أرَ فى حياتى أحداً بهذه الدرجة من النُّبل والرّقة والعلو، ماتطلعش منه العيبة فعلاً، ومايتكلمش على حد أبداً من وراه، الله يرحمه.
نادية الجندى وأفلام الإيرادات
عملت مع نادية الجندى فى عدد كبير من الأفلام، تقريباً الأفلام التى قدّمتها وكسّرت الدنيا فى الإيرادات وقتها كانت من تأليفى، مثل «الضائعة»، وهو أول الأفلام التى نقدّمها، و«مهمة فى تل أبيب وامرأة هزّت عرش مصر». نادر جلال ونادية الجندى جريوا ورايا وداخوا علشان يجيبونى أكتب لهم، بقيت أستغرب، يعنى هو أنا أستحق كل ده؟
قالوا لى: تستحق أكتر، قلت لهم: طيب، اللى انتوا شايفينه بقى.. (يضحك).
زوجها المنتج محمد مختار قال لى عايزين نعمل مجموعة أفلام عن الجاسوسية، الأفلام دى بتعيش.
بعض الأفلام كانت بهدف ربحى، وده مش عيب، هناك صناعة وناس ممكن تقعد فى بيوتها لو ماجبناش فلوس. أنا بنيت هذا البيت من تلك الأفلام.
كوميديا خارجة من القلب
كتابة الكوميديا بالنسبة لى ليست صعبة على الإطلاق كما يقول البعض، رغم أننى لم أكتب كوميدى كثيراً لكننى أحب فيلم «حلق حوش» جداً، من الأفلام القريبة إلى قلبى، أتذكر أننا كنا نقرأ الورق قبل التصوير نفطس كلنا من الضحك.
كان من المفترض أن يقوم بإخراج الفيلم على بدرخان فى بداية الأمر، لكن بعد مشكلة ما اختاروا محمد عبدالعزيز، وكنت أستمتع بحضور التصوير فى جميع المشاهد.
المهم أن الفيلم كان جميلاً، وحقّق نجاحاً كبيراً بعد عرضه، وتم بكوميديا طبيعية، تشعر بأنها تخرج من القلب، وغير مصطنعة، وتعتمد على المواقف أكثر ما تعتمد على مجرد الإيفيه.
طقوس الكتابة
لا أطيق الكتابة ليلاً، كنت أحب دائماً أن أكتب صباحاً، وزمان خلال فترة الشباب كنت أحب الكتابة فى الإسكندرية، فى شقة قبل الساحل الشمالى، لكن الآن حياتى كلها أصبحت داخل هذا البيت الكبير، الذى بنيته هنا فى القاهرة. وليست هناك ساعات معينة للكتابة، أنا أكتب حتى أشعر بالتعب، فأترك القلم، غالباً أبدأ فى التاسعة صباحاً مع فنجان قهوة يساعدنى على زيادة التركيز.
ورش الكتابة.. الأسطى والصبيان
العبرة بالنتيجة، العمل يعمله واحد أو عشرة دى قضية شكلية، العبرة بالمُنتَج، لكن يجب ألا تتحول الكتابة إلى استسهال.
كتابة السيناريو بالتحديد إبداع فردى، من الممكن أن يشارك فى السيناريو الواحد أكثر من شخص، لكن بدون أن يتحول الأمر إلى ورشة ميكانيكا تقتل الإبداع.
أكثر الأفلام القريبة إلى قلب «بشير»؟
أحب الكثير من الأفلام التى كتبتها، لكن أستطيع أن أحدّد ثلاثة منها: «موعد على العشاء، الحريف، وسواق الأوتوبيس». الأفلام الثلاثة قريبة لقلبى جداً، لكنى أعتقد أن «سواق الأوتوبيس» أكثر الأفلام اكتمالاً.
ليه اتجهت للإخراج؟
لأن السيناريو كان عن عالمى، يتكلم عن القرية فى «الطوفان» و«سكة سفر»، «ده العالم بتاعى وعارف شخصياته كويس أوى»، وكان فيه مخرج كبير سيتولى مهمة إخراج «سكة سفر»، لقيته بيكلمنى عن حاجة تالتة، يعنى أخدته يشوف اللوكيشن، بالفعل راح معايا دمياط وعرّفته «دى قرية كذا وده اللوكيشن، ودى الملاحات، وده العالم بتاعنا» فلقيته بيقول لى «طب أنا شُفت نجارين، عندهم ورش ومش عارف إيه، قال لى طب ما نجيب واحد منهم من الشخصيات دى»، فشعرت إنه لا يحس هذا العالم، وهو «بره» ذلك العالم الخشن اللى هو أنا عايز أخرجه، فسحبت منه الموضوع مع إنه كان صاحبى جداً جداً.
تجربة إخراج ثالثة.. لم تكتمل
بعد كده كان عندى رغبة أعمل حاجة اسمها قرية الشجاعة عن الصحراء، لأنه كان عندى تجربة فى الصحراء، كان عندى مزرعة، لكن ماوصلش الإلحاح لدرجة أن أنا حتى أكتبها، ماكتبتهاش.
نصيحة للشباب
أقول لكل شاب يكتب، خاصة كتابة السيناريو، إن الكاتب مثل الفراشة يحتاج إلى أزهار وورود وبساتين متنوعة وامتصاص رحيق باستمرار لينتج عسلاً جيداً.. القراءة ثم القراءة والاستيعاب والتطور الذهنى والحرص على مشاهدة الأفلام كثيراً.
الغرق فى بحر التصوف
أقرأ حالياً فى محيى الدين ابن عربى، والشيخ القشيرى، لكن ابن عربى تحديداً يهز وجدانى، وصل إلى درجة لم يصل إليها غيره، يملك لمحات مذهلة، رجل مدهش، أغرق حالياً معه رغم أننى فى هذه السن الكبيرة، لكنى أشعر كأننى طفل أمام الشيخ الأكبر ابن عربى.