وجوه قلقة لشباب يسيرون بخطى بطيئة، وكأنّهم يريدون تفادي ما هم مقبلون عليه، تركيز كبير، يحملون في أيديهم أوراق تذكرهم بتفاصيل دقيقة للمادة، وكأن تلك اللحظات هي سبيلهم الوحيد للفلاح داخل اللجان، شفاههم تتمتم ببعض آيات القرآن لتطمئن قلوبهم، منهم من يضيع التوتر بالحديث والمزاح مع صديقه، ومنهم من يصمت طويلا في تركيز لما هو مقبل بعد دقائق داخل اللجان، وينتهي المشهد بوداع للأهل خارج المدرسة على أمل لقاء سعيد بعد 3 ساعات.
طلاب الثانوية أمام اللجان.. تركيز وترقب
«الوطن» تواجدت أمام مدرسة الأورمان الإعدادية ومدرسة العروبة بالدقي لمعايشة الأجواء هناك، التي غلب عليها التوتر، الطلاب وقفوا في طابور من أجل دخول المدرسة، يلقون في الخارج بالمفكرات وأي أوراق للمادة قبل دخولهم، وهواتفهم يعطونها للأهل ليدخلوا فقط بأدوات الامتحان المسموح بها قبل تفتيشهم بالعصا الإلكترونية في آخر خطوة قبل الدخول للجان.
بالخارج وقبل دقائق من الدخول، تحدث صديقان «فريد وعلي» عن امتحان التاريخ، ومدى إحساسهما بالقلق منه، ومدى صعوبة التواريخ ذاتها، والأسئلة المتوقع وجودها بالامتحان، فتوقع «فريد» أنّ الامتحان سيكون مباشرا وطويلا كعادة امتحانات التاريخ، بينما عارضه «علي» قائلًا إنّ الامتحان لن يكون سهلا.
توقعات طلاب الثانية لامتحان الفيزياء والتاريخ
التقط «سعيد» وصديقه أطراف الحديث من الشابان، قائلين في مزاح: «يعني انتوا خايفين من التاريخ! أومال إحنا بقى اللي هنمتحن فيزياء نعمل إيه؟»، الطالبان بالشعبة العلمية، كانا يتناقشان حول مسألة استصعبا حلها واختلفا حوله، حاولا الاتصال بمدرس المادة للتأكد قبل دقائق من الامتحان فلم يرد، زاد التوتر، وبدأ الثنائي النظر لبعضهما، ولكن تحدث سعيد وقطع الصمت بينهما قائلًا جملة طمأن بها حاله قبل صديقه: «ماتركزش فيه وسيبك منه، إن شاء الله مش هييجي في الامتحان»، فهزَّ له صديقه رأسه متمنيا أن يكون حديثه صحيحًا.
لحظة دخول الطلاب إلى المدرسة، خفق صوت قلوب الأهالي بالخارج خاصة الأمهات، اللاتي أتين مبكرا رفقة أبنائهن لمساندتهم، اقتربن أكثر من باب الدخول، ودعن أبنائهن كالعادة، تقدّمت إحدى الأمهات لتقبيل نجلها واحتضانه، ولسان حالها «افعل ما بوسعك وقدّم أفضل ما لديك ودع الباقي على الله».
أولياء أمور الطلاب أمام المدارس.. دعوات لا تتوقف وقلوب تخفق من القلق
صمت المشهد تماما بعد دقائق من دخول آخر طالب إلى المدرسة، تم تسكين الطلاب في اللجان، وأغلق باب المدرسة، وبدأ الطلاب في الحل، ولا يُسمع بالخارج سوى صوت دعاء الأمهات، «ربنا معاك يا ابني ويسهل لك أنت واللي زيك»، وقرآن على الهاتف وفي المصحف من أجل تيسير ما يواجهه الأبناء من صعوبات.
على رصيف بسيط بجوار سور المدرسة جلست الأمهات للاستظلال بالسور من حرارة الشمس العالية، في انتظار انتهاء الامتحان والاطمئنان على أبنائهن، أمسكن بالقرآن واستعن بآيات الله ليوفق أولادهن في الاختبار.
عقب ساعات من الهدوء، تخللتها أصوات السيارات والمارة، دقَّت عقارب الساعة الثانية عشرة ظهرا، ليبدأ الطلاب في الخروج من أبواب المدرسة، وهمَّت الأمهات سريعا يتفقدن ما أبلاه الطلاب في الامتحانين، لكن سرعان ما اطمأن قلب البعض منهم بعدما شاهدن الابتسامات على وجه الطلاب، فشعرن أن الامتحان كان هينا، بينما ساد القلق على وجوه أخريات بعدما شاهدن أبناءهن وعلامات وجههم تشير إلى أن ما حدث بالداخل لم يكن بالشكل المطلوب.
العديد من طلاب الثانوية العامة، تحدثوا حول امتحاني اليوم الفيزياء للشعبة العلمية والتاريخ للشعبة الأدبية، بآراءً مختلفة حول كل امتحان منهما، مؤكدين أن الامتحان اليوم لم يخذل أحدا، ولم تظهر الدموع اليوم أو يبكي أحد بسبب الأسئلة، كما حدث في امتحان الكيمياء، بل حضر الاطمئنان والفرحة حول ما تمت الإجابة عنه.
امتحان التاريخ.. به «تركّات» وسعينا فيه للتفوق
طلاب الشعبة الأدبية بمدرسة الأورمان الإعدادية، تحدثوا عن امتحان التاريخ، إذ قال «بسام» إنَّه سعيد بالامتحان فهو لم يكن بالصعب الذي لا يمكن تخطيه، بالعكس كان في المتناول، وجاءت أغلب أسئلته من المفاهيم، بينما قال صديقه «مازن»، إن وقت الامتحان كان كافيا للحل، ولم يشعر أي منهم بمشكلة في الإجابة بسبب الوقت، ذلك مع ملاحظة أن الأسئلة المقالية إجاباتها طويلة وليست قصيرة كما أشيع.
كما أوضح مصطفى راضي طالب الشعبة الأدبية بمدرسة العروبة، أنَّ امتحان التاريخ لا هو بالصعب الذي يستحيل تخطيه، ولا الهين الذي يسهل الإجابة عليه دون تعب، ولكن كانت به «تركّات»، جعلت الأمر ليس بالسهل، لكن في المجمل تمكن الأغلبية من الحل، بينما قال «مايكل» إنَّ الامتحان لن يضمن للطالب الدرجة النهائية، لكنه لا يشعره أنه أخفق بالمادة، وسعى خلاله الجميع للتفوق وليس التميز.
امتحان الفيزياء.. طويل لكن أسهل من الكيمياء
وعلى الجهة الأخرى، تحدث طلاب الشعبة العلمية عن امتحان الفيزياء، إذ قال عبدالرحمن محمد، إنَّ الامتحان كان أسهل من الكيمياء التي شكلت صدمة له، بينما كانت الأسئلة فيه ليست مباشرة، تحتاج إلى تفكير عميق وهذا يأخذ من الوقت كثيرًا، وهناك بعض الإجابات اضطر لكتابتها دون مراجعتها نظرا لضيق الوقت.
فيما أوضح وليد أحمد حسن، أنَّه كان يعلم أن امتحان الفيزياء لن يكون سهلا، «من إمتى الفيزياء بتيجي سهلة؟»، لكن هناك بعض الأسئلة مثل المقالية كانت تحتاج وقتا أكبر للإجابة عليها، والأسئلة المخصص لها درجتين: «إحنا بنجيب قانون وبنعوض فيه، ثم بتراجع إجابة، صعب أوي كم الأسئلة ده يتحل في الوقت القصير ده».
محاضر إثبات حالة لعدم حل الأسئلة المقالية
كما كانت هناك ملاحظة جماعية من طلاب الشعبتين العلمية والأدبية، بأن هناك محاضر إثبات حالة تمّ تحريرها لمن لم يحل الأسئلة المقالية في ورقة المفاهيم، خشية أن تضر بالطالب إذ لم يسعفه الوقت في الحل.
الإنجليزي الآن هو الأهم.. الطلاب يستعدون للامتحان المقبل
واجتمع طلاب المادتين على إغلاق صفحتي التاريخ والفيزياء، ويبدأون في التركيز على امتحان اللغة الإنجليزية المقبل، كونه الأصعب في الامتحانات المقبلة، على أمل أن يمر على خير هو الآخر.