نظم معرض القاهرة الدولي للكتاب في ثاني أيامه بنسخته الـ55، ندوة ثقافية عن الكاتب والأديب الراحل يحيى حقي، ضمن مشروعات السرد العربي، واستضافت كل من منتصر القفاش الكاتب والروائي، والدكتور خيري دومة أستاذ الأدب العربي الحديث، والدكتور يسري عبدالله الناقد الأدبي بجامعة حلوان، وأدارتها سارة حازم.
من جهته، قال منتصر القفاش، إن الأعمال الأدبية للأديب الراحل يحيى حقي تستحق إعادة القراءة والتأمل، موضحا: «يفاجئنا باستمرار عند إعادة النظر لنصوص أعماله».
يجب تعريف الأجيال الجديدة بيحيى حقي وبأعماله
وأضاف «القفاش»، خلال الندوة: «علينا تعريف الأجيال الجديدة به وبأعماله وتأثيره في الأدب العربي، وهو من أبرز أعضاء نادي الكتاب الكبار في كل عصر وزمان».
وتابع الكاتب والروائي: «الأعمال الأدبية العظيمة خالدة ومستمرة، وعلينا عدم الاكتفاء بمطالعتها فقط، لكن أيضاً التعرف على القيم الفنية التي اكسبتها الاستمرارية».
ويرى أن انضمام عمل أدبي لصفوف كبار الكتاب ليس بالأمر الهين ويصعب على الكثيرين باستثناء الجادين ومن يحترمون الكلمة: «احترام الكلمة شرط أساسي، أما من يمتهن الكلمة لن يستطيع دخول هذا النادي، ولابد أن تتسع الرؤية الإنسانية للكاتب، من خلال الاطلاع على الأعمال السابقة لكبار الكتاب، ومعرفة أن همومهم شاملة كل عصر ومكان».
لقاء يحيى حقي بالجمهور، قبيل رحيله
وأشار إلى لقاء يحيى حقي بالجمهور قبيل رحيله، بدار الأوبرا في عام 1992، وخلال اللقاء وقتها أكد الأديب الراحل على شعوره الدائم بانضمامه لهذا النادي طوال الوقت، وهو ما نلمسه في كتاباته التي ليست مرتبطة بجيل كما لم يكن مهموما بفئة ضئيلة وكان كاتبا واسع الأفق.
فيما أوضح الدكتور خيري دومة، أن من الأشياء الملفتة في كتابات يحيى حقي النقدية هو تعريفه للقصة القصيرة، بأنها: «فن المقدمات المحذوفة، أي تبدأ بعد المقدمة وبعد أن نكون تجاوزنا مرحلة المقدمات».
وتابع «دومة»، موضحا: «أعطى حقي مثالا للكاتب الذي يعلن للقارئ عن خبايا نفسه دون حرج، أو ما حدث معه في موقف ما ومراجعاته لنفسه، وهو شيء ليس بالهين».
واستطرد: «في إحدى القصص القصيرة ليحيى حقي، بدأها بقلق الشخصية الأساسية وكانت فتاة تأخر زواجها، ومزج بين انتظار الفتاة للزوج أو العريس وانتظارها أيضا للطبيب وهي جالسة في العيادة بين العديد من المرضى.. مزج القلق والتوتر هنا وهناك وكل ما كان يمكن أن يكتب في المقدمة شعرنا به ضمنياً بين سطور القصة»، مشيرا إلى اهتمام يحيى حقي بالكتابة عن الشباب وقدم الكثير منهم.
وبدوره، قال الدكتور يسري عبدالله، إن مشروعات السرد العربي، هي مشروعات إبداعية فارقة في تاريخ السردية المصرية العربية، ويحيى حقي أحد أهم أعضاءها، والملهم لأجيال عديدة من الكتاب وتأثيراته في أجيال تلته، خاصة كتاب جيل الستينيات المدينين للأديب الراحل.
وأضاف «عبدالله»: «يحيى حقي رجل يدرك تماماً الدور الحقيقي لكاتب كبير وتأثيره على الأجيال، والانتماءات الحقيقية له هي الهوية الأدبية المصرية».
وتابع: «لم يكن كاتبا أيديولوجيا بالمعنى الذي تعتمد فيه كتاباته على المقولة أكثر من السرد الأدبي، ولكن كانت كتاباته تمزج بين الفصحى والعامية في نص واحد، بلغة كلاسيكية رصينه يستخدم فيها مفردات قريبة من الروح المصرية، خاصة وهو يخاطب القارىء».
وأضاف: «يحيى حقي يحتفي للغاية ببنية السرد القصصي، ويلجأ إلى تقنية تكسر الجمود في العلاقة بين القارىء والكاتب بمفارقات ونزعات ساخرة، وهي تقنية أساسية في أدبه»، لافتاً إلى روايته الشهيرة «البوسطجي»، كعادته لم يلجأ إلى نسق تتابعي خطي، بل بتوترات شديدة تصاعدت مع الأحداث والحدث الروائي بدأ بنقطة تأزم للصراع الأساسي داخل الرواية، وفي نفس الوقت لم يتخلى عن حسه الساخر، ووصف العمدة بأنه شديد التعاسة والعزبة ذاتها شديدة البؤس، وعبر عن أوضاع العمدة والعزبة بسخرية ظهرت في الألفاظ التي استخدمها ومواقف درامية متعارضه بها مفارقات تدعو للسخرية.