يحكى البابا تواضروس الثانى عن زيارة الرئيس السيسى للكاتدرائية للتهنئة، للمرة الأولى، مطلع عام 2015، قائلاً: «ما زلت أذكر كل تفاصيل ذلك اليوم، فلم يكن لنا علم مسبق ولا إبلاغ رسمى بأن الرئيس سوف يزورنا فى هذا اليوم، ولكن كنت أشعر بأن شخصية مهمة ستزورنا، فقد طلب منا الأمن إخلاء المدرج، وهو مكان فى أعلى نقطة يجلس فيه الناس بالكنيسة حينما يكتمل العدد بالأسفل، والقداس لدينا يكون على مرحلتين، مرحلة خارج الهيكل ومرحلة بداخله».
وأكمل حديثه: «الوقت الأول هو وقت تعليم وأكون بين الناس وهم جالسون، وفى الجزء الثانى نكون وقت صلاة والجميع واقفون، وما إن انتهيت من الجزء الأول حتى أخبرونى بأن الرئيس بالخارج، ودخل بالفعل من باب جانبى، وكانت فرحة كبيرة، وصفق الجميع، وسمعنا الزغاريد والهتاف، لدرجة أن الرئيس كان كلما تكلم ازداد الهتاف.. وفى لفتة كريمة أهدانى باقة زهور بيضاء تذكاراً وتحية للشهداء والمصابين».
12 دقيقة تركت أثراً لا متناهي لدى المصريين وظهوره مطلع العام داخل الكاتدرائية دليل على احتواء الجميع
يصف البابا تأثير زيارة الرئيس بقوله: عمر الزيارة 12 دقيقة بحكم الزمن، لكن بحكم الأثر فقد كانت لا متناهية، حيث كان لها بالغ الأثر لدى الأقباط وجموع المصريين.
كلماته «كلنا واحد وطول ما إحنا واحد مانخافش» خرجت من القلب
فالرئيس هو رئيس مصر وكل المصريين، وأن يكون ظهوره فى مطلع العام ومع أعياد الميلاد فلذلك دلالة لاحتواء الجميع وعدم الإقصاء، ثم كانت كلماته التى خرجت من القلب حينما قال «كلنا واحد وطول ما احنا واحد مانخافش».
وفى كتابه يتحدث البابا عن بناء كاتدرائية ميلاد السيد المسيح فى العاصمة الإدارية، وحضور الرئيس للتهنئة بها قائلاً: «بدأ عام 2018 بذكرى عزيزة على كل القلوب، ذكرى العيد الخمسين لبناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، المكان والمكانة والرمز العظيم للكنيسة القبطية، قمنا باستعدادات كبيرة للاحتفال بهذه المناسبة منذ عام 2015، من خلال تجديد وتحديث ورسم الأيقونات، لكن لم يكن أحد يتخيل أنه فى عام واحد فقط ينتهى العمل فى أكثر من ثلاثة أرباع الكاتدرائية الجديدة بالعاصمة الإدارية، كما وعد الرئيس، رغم أن الكاتدرائيات الكبيرة على مستوى العالم يستغرق بناؤها مئات السنين، وحتى يتم هذا الأمر كان وراءه جهد وتفاصيل كبيرة جداً، بدءاً من الاسم (ميلاد المسيح) وأنا الذى اخترته لتكون كاتدرائية العاصمة أول كنيسة تحمل هذا الاسم».
وتابع البابا فى كتابه: «من التفاصيل الملهمة فى قصة كاتدرائية ميلاد المسيح الرسم الهندسى الخاص بها، فبعد إعلان السيد الرئيس عن أكبر كاتدرائية ومسجد بالعاصمة الإدارية قبل، من باب إنجاز الوقت، أن نأخذ الرسم الهندسى للكاتدرائية بالعباسية، بها اثنا عشر عموداً ومبنية منذ 50 سنة، وكنت أريد الكاتدرائية الجديدة بلا أعمدة وأن يكون مستوى الرؤية بها مفتوحاً، وأثناء مناقشتى مع المسئولين عن الرسم الهندسى قالوا لى (كيف نقيمها بلا أعمدة؟)، فقلت لهم (هذه أمور هندسية)، وتركت لهم فرصة التفكير، إلى أن استقر الأمر على تطوير تصميم كنيسة أثرية، كانت موجودة بالساحل الشمالى فى القرن الرابع الميلادى وهى تُعد من الآثار حالياً، مما جعل الكاتدرائية تحفة معمارية ستتحاكى بها الأجيال».
وبحسب قداسة البابا، فإن العمل انتهى فى يناير 2018، لتتم صلاة عيد الميلاد بها كما وعد الرئيس السيسى، وبدأنا صلوات عيد الميلاد، وكعادته حرص الرئيس على الحضور مهنئاً وسط فرحة كبيرة وهتافات عالية من الحضور، وكلمات الرئيس التى خرجت من القلب لتدخل القلوب دون حواجز، وأود أن أشيد بالدور البطولى الذى قام به رجال الهيئة الهندسية وكل العمال والفنيين وإنجازهم لهذا العمل بهذه الدقة والسرعة، لتشهد مصر افتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح فى عاصمة مصر الجديدة، وكان الرئيس السيسى حريصاً على افتتاح كنيسة ميلاد المسيح ومسجد الفتاح العليم فى يوم واحد، وألقيت كلمة الافتتاح للمسجد وألقى الإمام الأكبر كلمة افتتاح الكاتدرائية.