أكدت دار الإفتاء أن الغيبة تُعد من الذنوب الكبيرة التي حرمها الشرع الإسلامي، لما فيها من أذى يصيب الشخص المغتاب، والذي يُوصف في غيابه بما يكرهه إذا سمعه.
واستشهدت «الإفتاء» في بيانها بقول الله تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12].
وأوضحت دار الإفتاء في فتواها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بيّن ماهية الغيبة في حديثه الشريف، إذ قال: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ»؛ فسأله الصحابة: “أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟” فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ» (رواه مسلم).
هل يغفر الله الغيبة والنميمة؟
وأوضحت دار الإفتاء أن الغيبة والنميمة من كبائر الذنوب التي تتطلب من المسلم أن يتوب عنها فورًا فالتوبة من المعاصي، كما أشارت، واجبة شرعًا بإجماع الفقهاء، حيث تُعد من أهم قواعد الإسلام وأكدت أن الله عز وجل يغفر الذنوب المتعلقة بحقه، ولكنه لا يغفر الذنوب المتعلقة بحقوق العباد إلا إذا تم التحلل من تلك المظالم.
فيما يخص الغيبة، أوضحت «الإفتاء» أن من الواجب على المسلم الذي اغتاب غيره أن يتوب إلى الله، ويطلب منه المغفرة، وأن يسعى جاهدًا في الدعاء والاستغفار للشخص الذي اغتابه، مع محاولة ذكره بالمحاسن في مجالسه الأخرى تعويضًا عما قيل في حقه.
التوبة من الغيبة والنميمة
بالنسبة إلى كيفية التوبة من الغيبة، شرحت دار الإفتاء أن التوبة الصادقة من الغيبة تحتاج إلى توافر عدة شروط، وهي: الندم على ما صدر من الشخص، الإقلاع عن هذا الفعل، والإخلاص في التوبة إلى الله تعالى، مع العزم الجاد على عدم العودة لهذا الذنب مرة أخرى وأكدت أن الاستغفار والدعاء للمغتاب من أفضل الوسائل لإتمام التوبة.
استشهدت الإفتاء بقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110]، كما ذكرت قوله سبحانه: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25].
من الجوانب المهمة التي تناولتها دار الإفتاء في فتواها هي مسألة إعلام الشخص الذي تم اغتيابه بما قيل في حقه حيث أكدت أنه لا يلزم إعلام المغتاب بما قيل عنه، وذلك لعدم إثارة الفتنة أو التسبب في مشكلات اجتماعية قد تفسد العلاقات بين الناس بل يكفي أن يستغفر المسلم لله ويدعو للمغتاب بصدق، وأن يعمل على ذكر محاسنه في غيابه تعويضًا عما سبق.
فضل التوبة
وشددت دار الإفتاء على أن الله سبحانه وتعالى يتقبل التوبة إذا كانت صادقة، كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» (رواه ابن ماجه والبيهقي)، فمن اغتاب أحدًا وسعى للتوبة بشروطها الشرعية، فإن الله يغفر له ذنبه ويعفو عنه.