علاقات و مجتمع
فتاة قمحية اللون ونحيفة الجسد ومقروتة العينين متوسطة الطول، لم تكن فائقة للجمال، لكنها كانت تتمتع بجاذبية ورشاقة تلفت النظر إليها، كانت تتمتع بروح الدعابة والمرح، لفتت أنظار الشُبان في حي «باب سدرة الجواني» حيث ولدت فيه، كانت تلك هي مواصفات نظلة أبو الليل، الضحية الثانية لـ «ريا وسكينة»، التي قُتلت غدرًا لتكن من ضمن قائمة 17 امرأة لقيوا مصرعهم على يد أشهر سفاحين في التاريخ.
قصة الضحية الثانية.. نظلة أبو الليل
الكاتب صلاح عيسى، تحدث عن الضحية الثانية نظلة أبو الليل، خلال كتابه «رجال ريا وسكينة»، الذي يروي وقائع من التاريخ، مستفيضا في الحديث عن تلك المرأة والتي كانت تجمعها علاقة بفتوة العصابة عرابي حسان، الذي جسد دوره خلال المسلسل الدرامي الفنان أحمد ماهر، كانت «نظلة»، في السادسة عشرة من عمرها حينما تزوجت للمرة الأولى، ولم يستمر زواجها سوى عامين فقط، بسبب عدم قدرتها على الإنجاب، لتعود للعيش رفقة والدتها في حارة «راغب باشا» بنفس الحي التي كانت تقطن فيه، حتى بدأ الرجال يلاحقونها طيلة الوقت، وكان «عرابي» واحدًا منهم، الذي كان يعمل حمالًا في جمرك البضائع آنذاك.
رفضت الخطبة من عرابي حسان، لتتزوج من بعده رجل أخر، وأصبحت تعمل في حياكة الملابس وخياطتها للنساء ما جعل ريا وسكينة، يتقربن منها ومن هنا جمعها القدر بـ«عرابي» من جديد، ليكن منزل «ريا» مكان للقاءات بينهم، حتى كانت ترسل ابنتها «بديعة» لها داخل منزلها تدعوها لزيارتها.
تدبير لقتلها وسرقة ذهبها
في الساعة العاشرة صباحًا من يوم 4 يناير عام 1920، بدأت التخطيط لتنفيذ جريمة قتل ناظلة أبو الليل، حينما تركت سكينة منزلها لرؤية شقيقتها ريا، بعدما كانت تتعرض لمشكلة صحية في ساقها، حتى خرج حسب الله من منزله وذهب لملاقاة باقي الأفراد لتدبير الخطة لقتلها وكيفية استدراجها للمنزل وسط تردد عبدالعال للموافقة على تلك الجريمة مع تهديده، حتى ذهبوا لمنزل ريا في علي بك الكبير، ومن السلم الداخلي للمنزل، بلغت ابنتها بديعة بالذهاب لنظلة حتى تأتي لرؤيتها قائلةً: «أمي بتقولك هاتي الصينية وتعالي»، ثم تفاجئت بعرابي حسان بالذهاب لمنزل ريا.
تجمع أفراد العصابة ومعهم ناظلة داخل منزل«ريا» كعادتهم، ثم بدأوا في محاورتها لتقوم ريا بالذهاب لشراء الخمرة المفضلة لها وعلبتين سردين والخبز، وكانت الضحية تتوسط عرابي وعبدالعال، حتى قامت واستعدت للانصراف للم الغسيل، وتفاجئت بالأول وهو يوقعها على الأرض والاخير يحكم قبضته لسد فمها وقام عبدالرازق بشد رأسها بالخلف.
سكينة تتبول على نفسها من المشهد
لم تتحمل ريا المشهد وانصرفت من الغرفة مسرعة، فيما حاولت سكينة ملاحقتها بعدما سقط الكأس من يدها لكن إصابتها منعتها من ذلك من شدة الخوف والزعر، وقالت سكينة فيما بعد في الاعترافات التي شهدت على المشهد الاخير في حياة نظلة أبو الليل: «كانت البنت بتغرق كإن في بوقها مياه وكانت بترتعش لإنها مش مالكة ترفص لكونها ممسوكة من 4 رجالة، فضلوا مسكينها كدا لحد ما قطعت النفس»، لم تتمالك الأخيرة أعصابها حتى بدأت في الزحف على الأرض لترك الغرفة، ولم تنتبه حينما بإنها تبولت على نفسها من هول الموقف، حتى استطاعت الخروج لتجد ذاتها في ظلام حالك، حتى سمعت صوت ريا وساعدتها على النهوض، فيما قام الرجال بتجريد الضحية من مصوغاتها ودفنها.
مصوغات نظلة أبو الليل
«يا نظلة..بت يا ظاظا»، هكذا كانت تُنادي الأم المكلومة على ابنتها في رحلة بحثها عن ابنتها نظلة أبو الليل، تجوب الشوارع حتى ذهبت إلى قسم الشرطة للإبلاغ عن افتقادها في حكمدار بوليس الإسكندرية، بعد 10 أيام، والتي كانت بيدها 8 غوايش وحلق وخاتم ذهب ودليتين من الفضة، و3 غوايش في اليد اليسرى والخلخال الكحيل.