08:42 م
الثلاثاء 30 أبريل 2024
كـتب- علي شبل:
كشف الدكتور محمد إبراهيم العشماوي، أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف، عن تبديع بعض المتشددين لكلمات شائعة يرددها الناس مثل قول بابا أو ماما باعتبار أنها عبارات لم ترد في السنة المشرفة ولا أصل لغويا لها.
وقال العشماوي: شاهدت مقطع فيديو لأحد أولئك الذين حرَّموا على الناس عِيشتهم، وصدَّعوا رؤوسهم بالبدعة، إذا هم فعلوا أمرا لم يرد ذكره في القرآن والسنة، من رافعي شعار (فقه الدليل)، ممن يفتقدون علوم الآلة، وأدوات الاجتهاد، وملكة إدراك الواقع، ولا يحسنون غير نقل الآيات، وسرد الروايات، بلا وعي بالمقاصد أو بالقواعد!
وتابع العشماوي، في رده عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: شاهدته وهو يستنكر قول الناس: (بابا) و (ماما) بديلا عن (أبي) و (أمي)؛ لكون ذلك لم يرد في القرآن والسنة، وظنا منه – لكونه لم ينشأ على المنهج العلمي المعتبر – أن هذا منقول عن الأعاجم، وأنه ميوعة ولين، لا يليق بالمسلمين!
والحق أنه لفظ مستعمل عند العرب الفصحاء، الذين نزل القرآن بلغتهم، بل سمعه أهل الحديث ولم ينكروه، وهم أدرى الناس بالسنة والبدعة!
واستند أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر إلى أن ابن حِبَّانَ روى في مقدمة كتابه [المجروحين]، بسنده عن مسلم بن إبراهيم قال: “كان صبيان الحي، وفقراء الحي؛ يُسَمُّون شُعبة: (بابا)، (بابا)؛ من كثرة ما كان يعطيهم!”.
قلت: شعبة هو ابن الحجاج، أمير المؤمنين في الحديث، ومن أعلم الناس بالسنة!
و فى [لسان العرب] لابن منظور، في مادة (بأبأ): “… وبأبأت به قلت له: بابا. وقالوا: بأبأ الصبي أبوه؛ إذا قال له: بابا. وبأبأه الصبي؛ إذا قال له: بابا… قال ابن جني: سألت أبا علي، فقلت له: بأبأت الصبي بأبأة؛ إذا قلت له بابا …”.
وقد شرح الجاحظ سبب جريانها على ألسنة الأطفال، فقال في كتابه [البيان والتبيين]: “والميم والباء أول ما يتهيأ في أفواه الأطفال، كقولهم: (ماما)، (بابا)؛ لأنهما خارجان من عمل اللسان، وإنما يظهران بالتقاء الشفتين”.
يعني: لأنهما حرفان شفويان، فهما في النطق على الأطفال سهلان، وهما من أوئل الحروف التي ينطقها الأطفال، في أول عهدهم بالنطق، وكثيرا ما ينطقونهما بالتكرار، بخلاف الحروف اللسانية؛ فإنها صعبة في أول النطق!
ومما أنشده العرب من الشعر الفصيح في ذلك؛ قول العباس بن الأحنف، المُتَوَفَّى سنة (192هـ):
وكانتْ جـارةً للحُو
رِ في الفردوسِ أحقابا
فأمسَتْ وهْيَ في الدنيا
ومـا تألفُ أترابا
لها لُعَبٌ مُصَـفَّفَةٌ
تُلَقـِّبُهُنَّ ألقابا
تُنادِي كلَّما رِيعَتْ
مِن الغِـرَّةِ: يا (بابا)!
وأنشد ابن الوردي، صاحب اللامية المشهورة، المُتَوَفَّى سنة (749هـ):
أيا دَادَا حَكَتْ صُدْغَاكِ وَاوًا
فما أحلى ثَناياكِ العِذَابا!
لقد صَدَّتْكِ أمُّكِ عن رِضانا
فيا (مَامَا) دَعِي للصلح (بَابَا)!
وفي الشطر الأخير تورية، باستعمال (بابا) في معنيين: الأب والباب!
وعلى هذا -يختم العشماوي- فالقياس في نطقها بترقيق الباءين في (بابا)، كما تقول في (باب)، وبترقيق الميمين في (ماما)، كما في (ما) الاستفهامية والموصولة والمصدرية، وبالله التوفيق.
اقرأ ايضًا:
الإفتاء توضح حكم الشرع في الوصية الواجبة وهل يجوز فرضها بالقانون
هل الاحتفال بيوم شم النسيم له أصول أو عقائد مخالفة للإسلام؟.. الإفتاء توضح
بالفيديو| أمينة الفتوى تنصح المتزوجين حديثاً: يجوز تأجيل الإنجاب في هذه الحالات
“زوجي يعتقد أن مرضه عقاب من الله فترك الصلاة”.. سيدة تشكو وأمين الفتوى ينصح