09:23 ص
الأحد 20 أكتوبر 2024
برلين – (د ب أ):
سادت نغمة في عالم السيارات بأن محركات الاحتراق الداخلي قد انتهت أو أكل عليها الدهر وشرب؛ نظرا لقيام الاتحاد الأوروبي بزيادة الاشتراطات الخاصة بأهداف الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وقيام الشركات العالمية باستثمار الكثير من الأموال في الخبرة الفنية الخاصة بتطوير المحركات الكهربائية.
تخفيف متطلبات الانبعاثات
ولكن بعد هدوء ثورة التطوير الكهربائي بدأ الاتحاد الأوروبي في مناقشة تخفيف المتطلبات الخاصة بعام 2035 والمتعلقة بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ما جعل محركات الاحتراق الداخلي تعود إلى الأضواء مجددا؛ حيث بدأت الصورة تتغير في أقسام تطوير السيارات من خلال إنشاء برامج جديدة لمحركات الاحتراق الداخلي.
وأوضح ألكسندر تيمر، من شركة الاستشارات الاستراتيجية بيريلز في العاصمة الألمانية برلين والتابعة لمجموعة أليكس بارتنرز، قائلا: “لقد أدركت شركات صناعة السيارات أن التطوير في مجال التنقل الكهربائي سوف يستغرق وقتا أطول مما كان متوقعا أو مأمولا أو مطلوبا”. ولذلك فإنهم يقومون حاليا بتوسيع نطاق محرك الاحتراق الداخلي في كل مكان وتأجيل التخلص التدريجي منه مع مواصلة تطوير الكثير من المحركات.
ولا عجب أن تأتي شركات السيارات الفاخرة، مثل فيراري وأستون مارتن، في مقدمة الشركات، التي تواصل تطوير محركات الاحتراق الداخلي. وعلى الرغم من أن أسعار الشراء ليس لها أهمية كبيرة هنا، إلا أن العملاء عند استعمال المحركات الكهربائية يفتقدون إلى العاطفة والهيبة، التي تتمتع بها محركات الاحتراق الداخلي، ولذلك قامت الشركة الإيطالية والشركة البريطانية بتطوير محرك V12 جديد تماما.
وسارت شركة بوجاتي أيضا على نفس الدرب وقامت بتطوير محرك سحب طبيعي V16 في أيقونتها Tourbillon الجديدة. وعلل مدير الشركة ماتي ريماك سبب الاعتماد على محرك سعة 3ر8 لتر وبقوة 1324 كيلووات/1800 حصان بقوله: “لأننا نستطيع القيام بذلك”. وتظهر على صوته علامات الفخر والزهو بهذا الإنجاز.
ولكن المسافة الكبيرة لتطوير السيارات الكهربائية لا تمثل أية مشكلة للشركات المنتجة للسيارات الفاخرة، ولكنها أجبرت الشركات المنتجة للسيارات بأعداد كبيرة على إعادة التفكير في النهج المتبع لديها؛ حيث قامت شركة مرسيدس مثلا بإعادة تطوير محركات البنزين والديزل في الفئتين E وC لجعلها متوافقة مع مواصفة العادم Euro 7.
وأوضح المدير المالي لشركة فولكس فاجن، أرنو أنتليتز، في لقاءاته الإعلامية مؤخرا عن توزيع جديد لميزانيات التطوير؛ حيث تم تخصيص ثلثي مبلغ التطوير البالغ 180 مليار يورو حتى 2028 لصالح تطوير المحركات الكهربائية والرقمنة، ولكن تسعى الشركة الألمانية في الوقت نفسه إلى الحفاظ على قدرة السيارات، التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي، على المنافسة، ولذلك سوف تستثمر المبلغ المتبقي والبالغ 60 مليار يورو في تطوير محركات الاحتراق الداخلي.
بنية PPC الجديدة
وتعتبر شركة أودي بمثابة الشركة الرائدة في هذا المضمار؛ حيث قامت الشركة الألمانية بالتوازي مع تطوير المنصة الكهربائية Premium Platform Electric، التي طال انتظارها، بتطوير بنية جديدة لمحركات الاحتراق الداخلي، والتي تحمل اسم PPC، وسوف تظهر هذه المحركات لأول مرة في السيارة A5 الجديدة، وسوف يشمل ذلك جيلا جديدا تماما من محركات البنزين والديزل.
وأوضحت الشركة الألمانية أن جميع المحركات الجديدة ستأتي بنظام هجين معتدل، وبفضل اعتماد هذا النظام على بادئ دوران قوي للغاية مع بطارية محسنة، فإنه يمكن الاعتماد على الطاقة الكهربائية أثناء السير البطيء أو لقطع مسافات قصيرة، وهو ما يساهم في الحد من استهلاك الوقود بمقدار نصف لتر لكل 100 كلم.
وقدمت الشركات اليابانية مثل تويوتا ومازدا وسوبارو جيلا جديدا من محركات الاحتراق الداخلي رباعية الأسطوانات، والتي تأتي بسعة حجمية 5ر1 و2 و5ر2 لتر، والتي سيتم استعمالها في جميع سيارات الشركات الثلاث.
مشروع “Horse Powertrain”
وقد ذهبت شركة رينو إلى أبعد من ذلك؛ حيث قامت الشركة الفرنسية بتدشين مشروع مشترك مع مجموعة جيلي الصينية تحت اسم “Horse Powertrain”، والذي يهدف إلى تطوير محركات احتراق داخلي مع تزويدها بمكونات هجين أو بدونها.
ومن المخطط له إنشاء 17 مصنعا للمحركات الجديدة في ثلاث قارات، وسيتم الاعتماد على هذه المحركات في موديلات العلامات التجارية رينو وداسيا وجيلي أوتو وفولفو ولينك آند كو وبروتون، بالإضافة إلى موديلات سيارات نيسان وميتسوبيشي، وسوف تقوم هذه المصانع بتوزيع محركاتها الجديدة في 130 بلدا حول العالم وسوف يصل معدل الإنتاج السنوي إلى 5 مليون محرك.
وأعرب شتيفان بيشينجر، رئيس مركز المحركات بجامعة RWTH آخن، عن اقتناعه بهذا التوجه، الذي تسلكه شركات السيارات حاليا، ويرى أنه لا تزال هناك إمكانيات كبيرة لتطوير محركات الاحتراق الداخلي، والتي تؤدي إلى تحسين استهلاك الوقود والحد من الانبعاثات الضارة.
وأضاف الخبير الألماني قائلا: “إن المزيد من عمليات التحسين لطرق الاحتراق الحديثة سوف تسمح بزيادة الكفاءة بدرجة كبيرة، وخاصة مع الاعتماد على الوقود التخليقي مستقبلا”. وبينما تحقق محركات البنزين الحالية كفاءة تصل إلى 42% في أحسن الأحوال، فمن المتوقع زيادة هذه الكفاءة إلى 50% مستقبلا. وأشار بيشينجر إلى أن أهمية هذه التطورات تظهر عند دمجها مع المحركات الكهربائية أو ما يعرف بالموديلات الهجين.