علاقات و مجتمع
فرحة عارمة سيطرت على إحدى طالبات كلية الآداب جامعة عين شمس، أثناء حفل تخرجها، لم يكن سببها الأساسي الانتهاء من الدراسة الجامعية، بل المفاجأة التي كانت في انتظارها، إذ سبقت فرحتها دموع عينيها، حينما رأت صورة والدها المتوفى قبل شعر من الاحتفال، على شاشة العرض داخل القاعة، لتنتاب الطالبة رحمة السيد، حالة من الارتباك اختلطت فيها دموع الفرح بحزن فقدان الأب، في مشهد مؤثر وثقته الكاميرات.
صورة والد الطالبة في حفل التخرج
رحيل الأب كان صدمة كبيرة في حياة ابنته، طالما ودت مشاركته في أهم لحظاتها، التي خططا لها سويًا قبل شهر من موعد الحفل، إذ كان حريصًا على شراء ملابس التخرج بنفسه، وتجهيزهما لهذا اليوم جيدا، إلا أن القدر شاء ألا يكون بصحبتها، لتكن والدتها هي سندها في ذلك اليوم برفقة أعمامها، تقول «رحمة»، قبل أن تحكي تفاصيل اليوم، خلال حديثها لـ«هن»: «ماكنتش متوقعة المفاجأة دي خالص، والدي توفي في شهر 8 اللي فات، هو اللي كان جايبلي لبس التخرج وحجزلي الحفلة».
تواصل الفتاة: «وفاته كانت صدمة بالنسبالي، فعلى الرغم من مرضه إلا أني لم أتوقع رحيله، من أول ما دخلت الجامعة، وأنا كنت مستنيه اليوم ده عشان بابا يكون معايا، كنت بحلم باليوم ده أنا وبابا وماما، وعمري ما تخيلت عدم وجوده، ولما توفى، مكنتش هروح الحفلة أصلا، وأهلي كانوا بيقنعوني أروح، وأولهم أمي، علشان بابا أكيد حاضر بروحه وحاسس بده كله، وكل الترتيبات اللي حصلت في الحفلة كانت بالنسبالي مفاجأة، ومعرفش عنها حاجة».
شُفت بابا بيسقف لي
فوجئت «رحمة» خلال حفل التخرج، بصورة والدها على الشاشة أمامها، فكانت مشاعرها متضاربة بين الصدمة والفرحة في ذات الوقت، إذ تقول صاحبة الـ22 عامًا: «دوري في التكريم كان رقم 82، وفجأة لقيتهم بينادوا عليا أول اسم مع قراءة الفاتحة على روح والدي من كل الحضور، فتخيلت أن ده عزاء عادي، لأني دفعتي عارفين أن والدي توفى».
«بعدها عرفت أن ده كان كله من ترتيب عمي وبنت عمي بالتنسيق مع منظمي الحفلة، وماكنتش أعرف أي شيء، وكانت مفاجأة بالنسبالي، وكأني شفت بابا فرحان بيا، وقاعد على كرسي وبيسقف لي وأنا بتكرم»، تقول «رحمة»، وتصمت قليلا سارحة في ملكوت تلك اللحظة، قبل أن تواصل: «ده فضل كبير أوي من ربنا عليا، جبر بخاطري أكتر من ما كنت بتمني بكتير، والدي كان طيب جدَا وبيحب الخير للكل، ودايما بيفرح لكل الناس، وحريص دايما على أنه يفرحنا طول الوقت».
فرحة لا تقدر بثمن
تؤكد صاحبة الـ22، عامًا، أن شعورها في تلك اللحظة لا يمكن وصفه بالكلمات، فهي حالة سعادة مغمورة بالحزن على رحيل والدها، وتركت نفسها وقتها لتعيش الحالة بكل تفاصيلها والاستمتاع بهذه اللحظات في حضن والدتها التي لم تفارقها طيلة الوقت: «لما عرف بابا نتيجتي وأني خلاص اتخرجت الحمد لله، فرحة قلبه اليوم ده شفتها في عيونه، دايما كان يقولي أنتي رافعة رأسي وأنه فخور بيا، بابا مش كان بيفرح ليا لوحدي، كان بيفرح لكل اللي حوالينا، وكان دائما بيحب يسعد كل اللي حواليه بكل الطرق، عشان كده التكريم مش من منظمي الحفلة بس، ده كان تكريم من الله عز وجل».