علاقات و مجتمع
داخل قرية بمحافظة القليوبية، تعيش الحاجة «ستيرة»، الشهيرة بأم عبده التي بلغت من العمر أرذله، وحيدة لم يكن لها نصيب من الإنجاب، عاجزة عن أداء متطلباتها اليومية، لديها من الأمراض المزمنة ما يحتاج الرعاية في طعامها، واتباعها للأدوية، حيث إنها مصابة بمرض السكري، وأمراض ضغط الدم، بجانب الضعف السمعي الشديد، وفقدانها للرؤية حتى الأسنان، حالة لا حول لها ولا قوة انقلبت حياتها رأسًا على عقب بين الماضي والحاضر، لتجد في جيرانها السند والعائلة والابن والابنة.
الحاجة ستيرة بين الماضي والحاضر
عاشت الحاجة ستيرة في مراحل شبابها حياة هنية، مليئة بالرفاهية والتدلل؛ حيث تزوجت عن قصة حب جمعت بينها وبين شيخ البلد الحاج أحمد، وعاشت رونق عمرها بدوارها الذي كان يشبه دوار العمدة، وكان لديها وفقًا لحديثها المساعدين يشرفون على تنظيف المنزل، وطهو الطعام، إذ كانت تشرف عليهما فقط.
لم يدم الأمر إلى أن توفي زوجها المُحب، وبدافع عادات المجتمع الريفي تركت دوار الحاج أحمد، لتعود للعيش ببيت أهلها، لتعيش برفقة أخيها ببيته، إلى أن مات وصار المنزل لها تعيش به منفردة، مطبقين بذلك وصية أخيها بأن تمتلك المنزل من بعده إلى أن تنتقل لرعاية الله.
الأقارب ينقلبون على السيدة العاجزة
مرَّت السنوات، وأصابها العجز وقلة القدرة، ليصبح «الدم مياه» ويكسر أبناء شقيقها وصية أبيهم، إذ أجبروها على ترك المنزل والذهاب للعيش بالقاهرة ببيت صغير، وعندما رفضت وضعوها أمام الأمر الواقع، وغيروا المنزل الذي اعتادت عليه، لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تخلت ابنة شقيقتها عن رعاية خالتها المُسنة غير القادرة على إحضار كوب من الماء.
جيران أفضل من أقارب
ظلت الحاجة «ستيرة» باحتياج لمن يمكث على رعايتها، ويقضي متطلباتها، وينتبه لمواعيد علاجها، فضلًا عن الحاجة للأنس والمحبة الصادقة، وهذا ما قدمه جيران الحاجة، حيث قسموا فيما بينهم واجب الاهتمام بتلك المُسنة.
يستيقظ كل يوم أحد الجيران باكرًا حسب الجدول المُقسم بينهم، ليذهب لمنزل الحاجة ستيرة، ويتناولوا الفطور معًا، ويلبي مطالبها من ترتيب أثاث المنزل، أو غسل الصحون، وتحضير الغداء، ويبقوا طيلة اليوم برفقتها، حتى لا تشعر بالوحدة، ويتمنوا لو أنها توافق على الذهاب لمنزلهم لقضاء الليل برفقتها أيضًا، حيث تظل أذهانهم منشغلة بحالها أثناء فترة النوم، ما يدفعهم لإرسال أبنائهم لمنزل الحاجة ستيرة للمبيت معها، قائلين: «إحنا بنتحايل عليها تيجي تبات معانا بدل نومتها لوحدها مبترضاش».