ماما
الاعتماد المطلق على الآخرين يعتبر من الاضطرابات النفسية التي يمكن أن يصاب بها الطفل وتلازمه خلال سنوات حياته المقبلة، وهنا يأتي دور الأهل فيكون عليهم الاختيار ما بين السماح للمرض بأن يتمكن من عقلية طفلهم مسيطراً على جميع أفعاله، أو التغلُّب عليه من خلال اتباع عدة سلوكيات يمكن أن تساعدهم في تحسين أفعال الطفل الاتكالي.
أسباب ميل الطفل إلى الاتكالية
من الطبيعي أن يجد الطفل والديه ملتفّين حوله خلال الشهور والسنوات الأولى في حياته، فلا يتركونه يقوم بأي فعل بمفرده، لكن مع الوقت يبدأ في الاعتماد على غيره في كل شيء نتيجة تصرفات خاطئة من جانب الوالدين تصنع منه طفلاً اتكالياً لا يحب أن يدير شؤونه بنفسه، بل يستسهل طلب المساعدة من الآخرين دوماً، وهو ما اعتبرته الدكتورة ألفت عياد استشاري الطب النفسي خللاً في بناء شخصية الطفل.
وخلال حديثها لـ«الوطن» حددت «عياد» بعض الأسباب المؤدية إلى المشكلة والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1. أسلوب التربية التي يتبعها الوالدان
أسلوب التربية قد يجعل الطفل في بعض الأحيان غير قادر على تحمل المسؤولية حتى وإن كانت تخصه فقط، وبالتالي ينشأ لديه نوع من اللامبالاة تجاه مهامه وواجباته التي يجدر القيام بها، وهذه المبالاة تعد أول الطريق إلى الاتكالية.
2. ضعف الثقة بالنفس
عند غياب الثقة بالنفس يشعر الطفل بانعدام القدرة على مواجهة المواقف الحياتية وما تتطلبه من تحدٍ وإصرار، ومن هنا يميل دوماً إلى انتظار مساعدة الآخرين للقيام بواجباته.
3. الدلال الزائد
تلبية جميع رغبات الطفل بشكل مبالغ فيه يعني أنه سيكون اتكالياً بنسبة كبيرة، إذ يعتقد حينها أنه ليس من الضروري قيامه بأي شيء، ويمكن لأي شخص أن يساعده في تلبية ما يريد دون أن يكلف نفسه عناء القيام به.
4. الرغبة في جذب انتباه الآخرين
يعد ذلك من أهم الأسباب النفسية التي تدفع الطفل إلى الاعتماد الكلي على الآخرين، فهو بهذه الطريقة يضمن جذب انتباههم والشعور بأنه محور اهتماماتهم.
كيف أعرف أن طفلي اتكالي؟
هناك العديد من الملاحظات التي لا تخطئها عين، تخبرك بأن طفلك يميل إلى الاعتماد المطلق على الآخرين، فعندما تتكرر طلباته في شكل سلسلة لا تنتهي من الكلمات التي يبدأها بـ«أريد» يكون من المرجح أنه يسعى لكي يحظى باهتمام الجميع والشعور بأنه ذو قدرة على إقناعهم بمساعدته وتلبية كافة متطلباته، حتى وإن كانت سهلة وبإمكانه تدبيرها لنفسه.
وقالت الدكتورة ألفت عياد، أن الطفل الذي يشعر بالخوف الشديد من فقدان الأشخاص الذين يلبون احتياجاته يمكن أن يكون اتكالياً ولا يستطيع الاستغناء عن خدماتهم، وقد يكلفه ذلك تقبل إهاناتهم وإيذائهم له حتى لا يضطر إلى تلبية رغباته بنفسه، إضافةً إلى ميله الدائم للتقليل من قدراته والتذرع بصغر سنه وعدم قدرته على مساعدة ذاته.
نصائح للتعامل مع الطفل الاتكالي
الطفل الاتكالي يعاني من اضطراب نفسي له أسبابه وعلاجه، لذلك من الضروري تفهم الوالدين لطبيعة ظروفه وعدم القسوة عليه أو الغضب الدائم منه تجنباً لتفاقم الحالة وتعرضه للانهيار الناتج عن تفسيره لتخلي أقرب الأشخاص إليه عن مساعدته، لذلك يُنصح باتباع بعض الأساليب التي تساعد في تحسين سلوكه وإعادة توجيهه بشكل إيجابي كما يلي:
1. الحوار
الحديث مع الطفل الاتكالي يعتبر أول طريق العلاج، فلا بد من الوقوف على المشكلة أولاً وتحديد دوافعه للاعتماد على غيره، حتى ينجح الوالدان في مساعدته على تحمل مسؤولية نفسه.
2. التشجيع على مساعدة نفسه
يمكن أن يتم ذلك من خلال حثه على مساعدة الآخرين وتقديم العون لهم، سواء أكان من أهل المنزل أم من في الخارج، وزرع قيمة التعاون والرحمة عن طريق الألعاب الجماعية.
3. عدم الإهانة
يجب على الوالدين الابتعاد عن تذكير الطفل الاتكالي بجميل صنيعهما عليه حتى لا يشعر بالدونية، وأنه محتاج بشكل دائم إلى مساعدتهما.
4. استخدام عبارات إيجابية
لتحفيز الطفل على تغيير سلوكه بشكل إيجابي، ينصح بتوجيه عبارات المديح والثناء لتشعره بأهمية وجوده والثقة بنفسه والحب المتبادل مع من حوله.
5. إعطاء الفرصة لاتخاذ القرارات
عن طريق ما يشبه التمرينات اليومية يجب على الوالدين أن يتركا لطفلهما حرية التصرف في المشكلات التي قد يقع فيها، وذلك ليتعلم الاعتماد على نفسه والثقة بقدرته على اتخاذ القرارات، إضافة إلى عدم التدخل في كل شؤونه وتعليمه كيفية خدمة نفسه.