علاقات و مجتمع
منذ أعوام وحتى الأمس القريب كانت سيدات فلسطين يجلسن تحت أشجار الزيتون في مثل هذا الوقت من العام يجمعن ثماره في خان يونس والخليل غيرها من المدن الفلسطينية التي تنتشر فيها شجار الزيتون، لكن الحال تبدل بهن بين يوم وليلة وتغيرت ملامح الحياة، من البهجة التي تفوح مع رائحة البرتقال والزيتون إلى الحزن مع سقوط الآف الشهداء وجثث متراكمة يتجمع حولها الذباب والديدان.
البهجة أسفل أشجار الزيتون
منذ 6 أعوام تقريبًا نشرت المغنية الفلسطينية دلال أبو آمنة مقطع فيديو عبر صفحتها الرسمية على «يوتيوب» وهي تغني إحدى الأغاني التراثية لفلسطين، بجانبها عدد من السيدات العجائز، الفتيات المراهقات والأطفال، منهن من يجمعن الزيتون ومنهن من يتناولن الإفطار عبارة عن جبنة بزعتر، تغني دلال ويغنين معها قائلين:«على دلعونا وعلى دلعونا.. زيتون بلادي أجمل ما يكونا ..خبز ملتوت وجبنة طرية .. وأكلة تدّفينا بالشتوية زيتون بلادي واللوز الأخضر .. والمريمية وما بنسى الزعتر وأقراص العجة لمّا بتتحمّر .. ما أطيب طعمتها بزيت الزيتونا .. وصحون السحلب والهيطليّة .. خلّتنا ننسى بردة كانونا.. يا ربي تشتي ونلبس طاقية ..ونلبس كبود ونحمل شمسيّة».
أصواتهن كانت دافئة تحمل الفخر بالوطن، التمسك بالأرض كجذور الزيتون، وحتى العام الماضي كن يجمعن الزيتون في قرى فلسطين وكذلك برتقال يافا، والبلح من رام الله وتلك الأشجار طُرزت ثمارها على نساء تلك المدن، اللواتي فضلن نقل التراث والحفاظ عليه من خلال أثوابهن المتوارثة جيلا بعد جيل.
حال الفلسطينيات اليوم
أما اليوم وبعد 40 يومًا من حرب «طوفان الأقصى» اختفت روائح البرتقال والخبز بالزعتر من فلسطين وحل مكانها أصوات النحيب على الشهداء، ودعوات أمهات صابرات على فراق فلذات أكبادهن، فقد وثقت عدسات المصورين قوة هؤلاء النساء، منهن الأم البطلة التي قررت النزوح من شمال غزة إلى جنوبها في مسافة 15 كيلومترًا لمدة 5 ساعات تجر طفليها بدون كلل أو ملل.
وفي مقطع فيديو قصير لأم أخرى من النازحين تجر طفلتها بدون بكاء أو خوف فقط تدعو الله بهذه الكلمات: «يا رب خد من دمانا، من أموالنا ومن أنفسنا ومن أبنائنا حتى ترضى يا رب حتى ترضى عنا يا رب يا رب أملنا بيك كبير سنظل نضحي حتى آخر نفس».