علاقات و مجتمع
تفوق المصريون القدماء في كل النواحي العلمية والمجتمعية الذي يكاد لا يكون هناك مثيل له، يثير بمرور كل يوم التساؤلات بشأن شكل حياتهم وتفاصيلها الدقيقة وكيف كانت تسير حينها مع قلة الموارد في هذا الوقت من التاريخ، ومؤخرًا، طُرح أحد تلك التساؤلات عبر منصات التواصل الاجتماعي، حول ماذا كانت تستخدم النساء لغسل أواني الطهي في تلك العصور من الزمن قبل ابتكار مساحيق الغسيل المتعارف عليها اليوم.
السر في بردية مصرية قديمة
ومع المحاولات المستمرة للمصري القديم في ابتكار وصناعة كل ما يسهل عليه حياته اليومية، لم يخلُ ذهنه من العثور على مادة تساهم في التخلص من بقع أواني الطهي، وهي التي تم تدوين تفاصيلها على البردية الطبية الشهيرة «إيبرس»، التي تتواجد خارج مصر داخل مكتبة جامعة لايبتزغ في ألمانيا.
وضمت البردية المصرية القديمة، الوصفة التي كانت تستخدمها نساء المصريين القدماء في غسل أواني الطهي، حسب ما أوضح عماد مهدي، الخبير الأثري خلال تصريحاته لـ«هن».
أثري يكشف عن مادة غسل الأواني في مصر القديمة
وقال الباحث الأثري عماد مهدي، إن المصري القديم صنع مادة مكونة من بعض الزيوت النباتية والحيوانية المضاف إليها ملح الطعام، إذ كان يستخدمها في البداية لعلاج بعض الأمراض الجلدية، ومن ثم باتت المادة الأساسية المستخدمة في تنظيف أواني الطهي.
ولفت «مهدي» إلى أن العلماء يعتقدون بأن تلك المادة تعد هي الأولية لصناعة الصابون في التاريخ.
متى تم اختراع الصابون؟
كما أكد معهد التنظيف الأمريكي «cleaninginstitute»، على أن بردية إيبرس الطبية التي يعود تاريخها إلى حوالي 1500 عام قبل الميلاد، قدمت وصفة المصريين القدماء الخاصة بصناعة مادة تشبه الصابون، تم ابتكارها بدمج بعض أنواع الزيوت النباتية والحيوانية مع الأملاح القلوية، ومن ثم استخدمت لعلاج الأمراض الجلدية وكذلك غسيل الأواني وكذلك تنظيف الملابس وغيرهم من الأغراض.
ولفت المعهد الأمريكي إلى أنه هناك عدد من الحضارات القديمة الأخرى التي قدمت أشكالًا مبكرة من صناعة الصابون، حيث أن تلك المادة حصلت على اسمها الأولي من أسطورة رومانية قديمة عن جبل سابو، فكان المطر يغسل الجبل ممزوجًا بالدهون والرماد الحيواني، مما أدى إلى ظهور خليط من الطين يسهل عملية التنظيف.
وبحلول القرن السابع أصبحت صناعة الصابون فنًا راسخًا في كل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، وكانت هذه البلدان مراكز مبكرة لتصنيع الصابون بسبب إمدادها الجاهز بمكونات المصدر، بما في ذلك زيت أشجار الزيتون.
وخلال القرن الثاني عشر، بدأت صناعة الصابون تجاريًا داخل المستعمرات الأمريكية بأيادي الإنجليز، لكنها ظلت لسنوات عديدة عملاً منزليًا أكثر من كونها مهنة.
وفي القرن التاسع عشر، تم فرض ضرائب باهظة على الصابون باعتباره سلعة فاخرة في العديد من البلدان، وعندما ألغيت الضريبة، أصبح الصابون متاحا لأغلب الناس، وتحسنت معايير النظافة في جميع المجتمعات.
خطوة جديدة في صناعة الصابون
وفي العام 1791 حدثت خطوة كبيرة نحو صناعة الصابون على نطاق واسع من العالم، وذلك بعدما سجل الكيميائي الفرنسي نيكولاس لوبلان براءة اختراع لعملية صنع رماد الصودا من الملح العادي، وإمكانية دمجه مع الدهون لتكوين الصابون، إذ جعل هذا الاكتشاف صناعة الصابون واحدة من أسرع الصناعات نموًا في أمريكا بحلول عام 1850، إلى جانب التطورات الأخرى وتطوير الطاقة لتشغيل المصانع.