علاقات و مجتمع
عالمها هادئ لا يتأثر بالصخب من حولها، تلتقط أنفاسها قبل الدخول إلى ساحة اللعب في كل مرة، قبل أن تخوض مُهمة رغم صعوبتها على الكثير احترفتها وباتت الأقرب لقلبها، ينصب تركيزها على الفوز، لا يقطع خلوتها إلا إشارات البعض للفت انتباهها، يتحدثون إليها بإشارات أصبحت تجيد ترجمتها بسهولة متمكنة من متابعة حركة الشفاة للناطقين، عُرفت بين معارفها بـ«حب الرياضة» لم تمنعها لغة الإشارة التي تتعامل بها، من اندماجها مع من حولها.
سلسلة متشابكة من الصدف الصغيرة التي غيّرت مجرى حياة «آيات عبده»، حين كانت صغيرة في الثالثة من عمرها وقبل أن تشبع من الحياة، فقدت سمعها بعد إصابتها بارتفاع شديد في الحرارة أثر على عصب السمع، حينها بات لزامًا على والدتها أن تجعل من صغيرتها شخصًا ناجحًا وتجيب على سؤال حائر في عينيها، «ليه أنا مش زي إخواتي؟» دون أن تشعرها باختلافها عنهم.
فقدان السمع
إجابة الأم دوما لم تعطها سوى رد مجتزأ، «كنت أعيط بدموعي وأنا مش عارفة أشرح للمدرسة في الفصل اللي عايزه أقوله، وهي مش مستوعبه مني كلامي» تقول آيات في تصريحات لـ«الوطن»، عن رحلة كفاحها مع فقدان السمع في اليوم العالمي للغة الإشارة الموافق الثالث والعشرين من سبتمبر.
مضايقات المدرسة
الصغار يكيّفون عالمهم سريعًا، تعايشت «آيات» مع إصابتها واجتازت سنوات دراسته بنجاح تام، رغم تعرضها لمضايقات عديدة، لم تلق بالا إلى تفاصيل صعوبتها شيء ربما كانت سخرية من بعض المشاغبين بالمدرسة كان عليها أن تتجاهلها دائما «وأنا في الحضانة كان في واحد زميلي كل ما يشوفني بركب السماعة على وداني ياخدها ويرميها على الأرض واستمرت المضايقات في المرحلة الابتدائية والإعدادية»، حسب قولها.
سنوات مرَت بما فيها من صعب، حتى التحقت الفتاة العشرينية بأحد المعاهد الخاصة لدراسة الديكور، وخلال فترة الدراسة اكتشفت في نفسها حب الرياضة، خاصة ألعاب القوى وكرة الطائرة، فبدأت رحلة بحثها عن تطوير مهارتها فيها، «بعد المعهد بدأت أروح نادي أتدرب باسكت وتايكاندوا وطايرة» حتى أنها حاولت الالتحاق بكلية التربية الرياضية إلا أن شروط الكلية ترفض ذوي الهمم، حسب قولها.
حلم الالتحاق بالمنتخب
لم تستسلم «آيات» إلى رفض التحاقها بكلية التربية الرياضية، واحترفت كرة السلة والتايكوندو وألعاب القوى، «الحمدلله اتكرمت المركز الثاني في بطولة شرم الشيخ لألعاب القوى البدني وأحسن لاعبة مميزة في كلة السلة»، وحسب قولها تسعى للالتحاق بمنتخب مصر لكرة السلة وألعاب القوى.
ضعف السمع بات حقيقة ملقاة أمامها على قارعة الطريق كالألغام كان عليها تجاوزها ببراعة للنجاح، اجتهد كثيرا لتعلم لغة الإشارة وقراءة لغة الشفايف وتحسين أداء النطق، حتى استطاعت بعد جلسات عديدة للتخاطب أن تعمل إدارية في أحد مدارس اللغات بجانب الحفاظ على شغفها في الرياضة، «بإذن الله هوصل لحلمي وألتحق بالمنتخب»، حسب تعبيرها.