صحة
العناية بصحتك النفسية والجسدية ليست رفاهية، بل هي أصدق أشكال الحب التي يمكنك منحها لنفسك، ولا يقتصر الحب على الكلمات والهدايا، بل يظهر في كل مرة تختار فيها طعامًا صحيًا، أو تمارس رياضة، أو تمنح نفسك وقتًا للراحة بعيدًا عن الضغوط، فـ عيد الحب ليس فقط مناسبة لمشاركة المشاعر، لكنه فرصة لتتذكر أنك تستحق هذا الحب أيضًا.
وفي هذا السياق، قال الدكتور هشام رامي، أستاذ الطب النفسي لـ«الوطن»، إن التوازن النفسي والجسدي هو مفتاح حياة أكثر سعادة واستقرارًا، موضحا أن تخصيص وقت للعناية بالنفس، وممارسة الرياضة، وتناول الطعام الصحي، كلها أفعال تعزز الشعور بالراحة النفسية وتزيد من القدرة على مواجهة الضغوط اليومية.
وأضاف أن كثيرًا من الأشخاص يشعرون بالذنب عند أخذ استراحة لأنفسهم، لكن العناية بالنفس ليست أنانية، بل ضرورة للحفاظ على التوازن النفسي، مشيرا إلى أن الأشخاص الذين يهتمون بصحتهم يكونون أكثر قدرة على تقديم الحب للآخرين، لأنهم لا يمنحون من فراغ، بل من طاقة متجددة وحياة أكثر استقرارًا.
التوازن بين الضغوط اليومية والصحة النفسية
الحياة السريعة والمليئة بالضغوط قد تجعل العناية بالصحة النفسية تحديًا يوميًا، لكن تحقيق التوازن ليس مستحيلًاء حيث أوضح الدكتور هشام أن تنظيم الوقت وتحديد الأولويات يساعد في تخفيف الشعور بالضغط المستمر.
وأضاف أن وجود دعم اجتماعي قوي، مثل الأصدقاء والعائلة، يعزز القدرة على مواجهة الأزمات، «البوح بالمشاعر ومشاركة المشكلات يساعدان في تقليل التوتر ويحميان من الإرهاق النفسي».
متى تحتاج إلى التوقف وأخذ راحة؟
أكد الدكتور هشام أن هناك علامات واضحة تدل على حاجة الشخص لأخذ استراحة، مثل الشعور بالإرهاق الدائم، قلة التركيز، التوتر الزائد، واضطرابات النوم، موضحا أن عدم الانتباه لهذه العلامات قد يؤدي إلى احتراق نفسي يؤثر على جودة الحياة والعلاقات مع الآخرين.
كيف تتعامل مع الشعور بالذنب عند الاهتمام بنفسك؟
يواجه البعض شعورًا بالذنب عند تخصيص وقت للعناية بأنفسهم، معتبرين ذلك نوعًا من الأنانية، وعلّق الدكتور هشام على ذلك قائلاً إن حب الذات لا يعني إهمال الآخرين، بل هو شرط أساسي للعطاء بطريقة صحية، ونصح بضرورة إعادة برمجة التفكير السلبي وتقبل فكرة أن الاستراحة الذاتية ضرورية للحفاظ على التوازن النفسي.
التفكير الإيجابي والصحة النفسية.. كيف يؤثران على حياتك؟
أوضح الدكتور هشام أن التفكير الإيجابي ليس مجرد شعور عابر، بل هو عامل مؤثر في تحسين الصحة النفسية والجسدية، وأشار إلى أن الأشخاص الذين يركزون على الإيجابيات يكونون أكثر قدرة على التعامل مع الصعوبات، ولديهم مناعة نفسية أقوى ضد القلق والاكتئاب.
طرق طبيعية للتعامل مع القلق والتوتر
وبدون الحاجة إلى أدوية، يمكن اتباع بعض الخطوات اليومية للتخلص من التوتر، مثل ممارسة تمارين التنفس، المشي في الهواء الطلق، ممارسة التأمل، والكتابة عن المشاعر، وأشار الدكتور هشام إلى أن هذه العادات تساعد في تفريغ المشاعر السلبية وتحسن الحالة النفسية بشكل كبير.
العلاقة بين الطعام والصحة النفسية
“أنت ما تأكله” – مقولة شهيرة تثبت صحتها يومًا بعد يوم، إذ أكد الدكتور هشام أن النظام الغذائي له تأثير مباشر على الصحة النفسية، حيث تؤدي الأطعمة الغنية بالأحماض الدهنية مثل أوميجا-3، والخضروات، والفواكه، إلى تحسين المزاج وتقليل القلق والتوتر.
وأضاف أن بعض الأشخاص يلجؤون إلى الأكل العاطفي عند الشعور بالضغط، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية، ونصح بضرورة وعي الشخص بمحفزاته العاطفية وتعلم طرق بديلة للتعامل مع التوتر، مثل ممارسة الرياضة أو الحديث مع شخص مقرب.
الرياضة كعلاج نفسي
لا تقتصر فوائد الرياضة على اللياقة البدنية فقط، بل تمتد لتشمل الصحة النفسية، وفي هذا السياق أوضح الدكتور هشام أن الرياضة تساهم في تحسين المزاج من خلال زيادة إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين.
وأضاف أن رياضات مثل المشي، اليوجا، والسباحة تعد من أفضل الخيارات لمن يعانون من القلق والتوتر، وأكد أن ممارسة الرياضة بانتظام قد تغني بعض الأشخاص عن الحاجة للعلاج النفسي، خاصة في حالات الاكتئاب الخفيف.
هل العناية بالنفس أنانية؟
قال الدكتور هشام إن حب الذات يختلف عن الأنانية، وأن الشخص الذي يهتم بنفسه يكون أكثر قدرة على العطاء، بينما الأناني يهتم بنفسه على حساب الآخرين، وأضاف أن التوازن هو الحل، بحيث يعتني الشخص بنفسه دون أن يهمل مسؤولياته تجاه الآخرين.
كيف تغير نظرتك لنفسك وتبدأ في حبها؟
حب الذات يبدأ من الداخل، فـ يؤكد الدكتور هشام أن الحديث الإيجابي مع النفس، والتركيز على الإنجازات بدلاً من الإخفاقات، وتحديد أهداف واقعية، كلها عوامل تساعد على بناء تقدير ذاتي صحي.
وأضاف أن الانشغال بالمقارنات السلبية مع الآخرين يضعف الثقة بالنفس، ونصح بضرورة التركيز على تطوير الذات بدلاً من مقارنة الإنجازات.
التوازن بين العناية بالنفس والعناية بالآخرين
وأشار الدكتور هشام إلي التأكيد على أن الحب الحقيقي يشمل نفسك والآخرين معًا، وأوضح أن الشخص الذي يهتم بنفسه يكون أكثر قدرة على تقديم الحب والدعم للآخرين، مما يخلق علاقات صحية ومستدامة «يوم الحب ليس فقط مناسبة لتقديم الهدايا، بل هو فرصة حقيقية لتذكير نفسك بأنك تستحق هذا الحب أيضًا، ابدأ اليوم بخطوة بسيطة، واعتنِ بنفسك، لأن الحب الحقيقي يبدأ من داخلك».