علاقات و مجتمع
الفتاة التي انتشرت صورها على أغلفة الصحف، كانت بين أوائل خريجات جامعة القاهرة، وأول امرأة تحصل على الماجستير والدكتوراه في الآداب، هي سَهير القلماوي، الأديبة الكبيرة التي يوافق اليوم ذكرى ميلادها، تحدثت بكل فخر في لقاء نادر لها عن نشأتها في الأسرة التي وفرت لها حق التعليم، لم تفرق بين شاب وفتاة، بحسب وصفها.
الأسرة مفتاح نجاح سهير القلماوي
ولدت سهير القلماوي في 20 يوليو 1911، في الوقت الذي كانت فيه التقاليد المصرية ترفض تعليم الإناث، لكنها أصبحت فيما بعد، من أوائل الفتيات اللاتي تخرجن من جامعة القاهرة، إذ ذكرت تفاصيل طفولتها في لقاء مسجل، قائلة: «بالنسبة لحياتي كطفلة، كنت في أسرة فيها كثير من التحرر بالنسبة للمجتمع مع المحافظة في نفس الوقت، على القيم والأخلاق لأبعد الحدود، وماكنش في فرق بين ست وراجل في المعاملة، جدي ماكنش بيجوز بناته أقل من 20 سنة، وكان مهر البنت لا يزيد عن ريال، والدي طبيب جراح، ووالدتي تعرف لغات، وكانت البيئة الأسرية مشجعاني إني أكمل بعد الثانوية، قضيت كل طفولتي من 6 سنوات لـ17 سنة، في كلية البنات الأمريكية، ندخل 7 ونصف ونخرج 4 مساءً، ومش بنتكم إلا الإنجليزية».
وبفضل حبها لوالدها واحترام العائلة لحق الفتيات في التعليم والمساواة، كانت «القلماوي» قادرة على الاستفادة من مكتبة والدها ذات الأعمال الشاسعة بسن مبكرة، ومن حبها له، كانت تحاول مساعدته وتهوى مهنة الطب، لكنها التحقت فيما بعد بكلية الآداب.
جميل صنعه لها طه حسين
انتهت الفتاة من المرحلة الثانوية، لتأتي فترة الجامعة ولا تدري هل تُقبل أم لا، تقول سهير القلماوي: «لما خرجت من مدرسة البنات، ماكنش عندي فكرة إطلاقًا عن الجامعة المصرية، واللي كانت موجودة وقتها هي جامعة القاهرة، ومعرفش بيقبلوا بنات ولا لا، قدمت أوراقي، وكانت زميلاتي اللي دخلوا معايا أول الدفعة نتيجتهم هتطلع أول أغسطس، ولما قدمت أوراقي، قولت كده كده هاقبل، لكن اترفضت، أولًا لأني بنت، ثانيًا لأني خريجة المدرسة الأمريكية وهي ماكنش معترف بيها، وبعد صعوبات وصلت بفضل الأستاذ طه حسين إني أُقبل في كلية الآداب قسم اللغة العربية، ووالدي بقى يخليني اقرأ معاه القرآن وكُتب التفسير، ومن هنا بدأت اقرأ اللغة العربية».
استمرت رحلة النجاح عامًا بعد عام، وتحسنت لغتها العربية بفضل الدكتور طه حسين الذي كان رئيس قسم اللغة العربية ورئيس التحرير بمجلة جامعة القاهرة، لتدخل بعدها مجال الصحافة، وخلال فترة دراستها، كانت مذيعة لخدمة البث الإذاعي المصري، وبعدما حصلت على الماجستير في الآداب، ثم تلقت منحة لإجراء البحوث في باريس لشهادة الدكتوراه عام 1941، ثم انتهت من رسالة الدكتوراه، لتصبح أول امرأة تحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة.